*- شبوة برس - سمير الوهابي
في مشهد غير مسبوق في تاريخها، تعيش مدينة عدن اليوم تحت وطأة كارثة إنسانية حقيقية بسبب الانقطاع شبه الكامل للكهرباء، حيث تجاوزت ساعات الانقطاع عشرين ساعة يوميا، وسط تجاهل مؤلم من قبل رئاسة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والسلطة المحلية، وغياب أي تحرك جاد لمعالجة هذه المأساة والتي لها أكثر من عشر سنوات.
لم يتوقف الأمر عند حدود انقطاع الخدمة، بل امتدت تداعيات الأزمة لتضرب حياة الناس في أدق تفاصيلها، فالمرضى في المستشفيات والمنازل يعانون صعوبة بالغة في العيش، فيما يكابد الأطفال وكبار السن حرارة قاتلة، وأيضا تعرضهم إلى ضغوط نفسية هائلة.
اجتماعيا، أثقلت الأعباء كاهل المواطنين، حتى باتت أصوات الجوعى ونحيب الآباء والأمهات والأطفال تملأ الشوارع والمساجد وسائر الأماكن، في مشاهد إنسانية مؤلمة ومفجعة.
والأدهى من ذلك، أن الصراع بين مكونات مجلس القيادة الرئاسي والحكومة تحول إلى عبء ثقيل يدفع ثمنه الشعب وحده. فبدلا من تحمل مسؤولياتهم الوطنية والدستورية، جعلوا من أبناء عدن وقودا لمعركة سياسية لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
وإزاء هذه الكارثة، نسجل بألم شديد الصمت المريب الذي تمارسه أعلى السلطات الدستورية والقضائية والرقابية في البلاد. فمجلس النواب، الذي يفترض به تمثيل الشعب والدفاع عن حقوقه، غاب عن المشهد دون أي مساءلة أو حتى بيان تضامني. وكذلك مجلس القضاء الأعلى، حارس العدالة، لزم صمتا غير مبرر رغم حجم الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان. أما النائب العام، فهو المسؤول عن تحريك الدعاوى العامة، ومتابعة الموقف.
إننا نؤكد أن صمت هذه الهيئات لا يعفيها من مسؤولياتها الدستورية والقانونية والرقابية، بل يجعلها شريكة في استمرار هذه الجريمة بحق الشعب. ونطالبها بالتحرك الفوري، كل ضمن نطاق صلاحياته، لتحمل مسؤولياتهم ومحاسبة كل من تسبب أو قصر أو تواطأ في هذه الكارثة الإنسانية.
عدن اليوم ليست بحاجة إلى الكهرباء فقط، بل بحاجة إلى صحوة وطنية ودستورية شاملة تنقذ ما تبقى من إنسانية في هذه المدينة الجريحة.