1- إذا كان مفهوما أن تقوم فضائية ما بتسويق أو تزوير مواقف سياسية في سياق أجندة معروفة، كما هو حال الفضائيات والمواقع الالكترونية المرتبطة بالأجندة الأمريكية والصهيونية والعثمانية الجديدة، فمن المعيب التغطية على مذابح الجماعات التكفيرية بقيادة جبهة النصرة، التي تتساوق مع مثيلتها الصهيونية ومذابحها ضد الفلسطينيين في غزة ومخيمات الضفة الغربية.
ذلك ما فعلته فضائية "ج" الذائعة الصيت التي هبطت علينا فجأة في سياق الترتيبات الأمريكية الصهيونية للمنطقة بعد تفكك الاتحاد السوفييتي وسقوطه بيد المافيا اليهودية، وإشعال الحرائق الطائفية في منطقتنا بأدوات تكفيرية أو برتقالية تحضيرا للشرق الأوسط الإبراهيمي المتصهين.
ومما اقترفته وأقدمت عليه الفضائية المذكورة، تبني وربما صناعة التغطية المزورة للجرائم المرتكبة بحق الفلاحين الفقراء والمدنيين في الساحل السوري وأريافه، ومن ذلك على سبيل المثال، قيام مجموعة قتلة ولصوص من التكفيريين بقيادة النصرة، بقتل أب وولديه بعد اقتحام منزلهم ثم تلبيسهم ملابس عسكرية وتصويرهم كضحايا لـ "فلول الأسد".
وكان ذنب العائلة المنكوبة مثل مئات العائلات الأخرى، أنها ولدت على مذهب لم يعجب الأب الروحي للقتلة، ابن تيمية، تلميذ أبو البركات البغدادي، فيلسوف يهودي أسلم ولم يجمع على صحة إسلامه، وعرف بمناكفته للإئمة الثلاث والأشاعرة والفلاسفة المسلمين أمثال ابن سينا، وهذا ديدن ابن تيمية أيضا، ثم تلميذه محمد بن عبد الوهاب الذي حول تلك المواقف إلى وباء دموي، أغرق الأمة بالدم وقسمها بدلا من توحيدها، فأي خدمة أكثر من ذلك لليهود وتلك الفضائية المشبوهة.
2- بثت فضائية "ج" ذائعة الصيت، برنامجا وثائقيا مساء 6/3/2025 حول اللورد هيدلي (الشيخ فاروق 1855 – 1935، الصورة المرفقة) الذي تحول عن المسيحية واعتنق الإسلام، وهو من عائلة بريطانية عريقة عاشت في ويلز، درس هندسة الطرق وعمل في الهند عندما كانت مستعمرة بريطانية.
إلى هنا والموضوع يبعث على الارتياح والفخر بالنسبة للرأي العام الإسلامي، سواء في غالبيته من أهل السنة أو عند الشيعة، ولكن الذي لم تقله الفضائية "ج" هو ما سيغضب التيارات الإسلامية المذكورة عندما تعرف الحقيقة، فاللورد هيدلي (الشيخ فاروق) وصديقه الذي ظهر معه في البرنامج الوثائقي (كمال الدين) لم يعلنا الإسلام لا على طريقة السنة ولا على طريقة الشيعة، بل على الطريقة القاديانية التي يربطها خصومها بالمخابرات البريطانية وتكفرها معظم التيارات الإسلامية، والتي (أي المخابرات البريطانية) يقال أنها وقفت وراء إسلام العديد من الشخصيات المعروفة التي كانت تعمل في مناطق نفوذ قلم الاستخبارات في شركة الهند الشرقية البريطانية، مثل بيركهارت (الشيخ إبراهيم)، وجون فيلبي (الحاج عبد الله) وغيرهم.
يشار إلى أن الشيخ فاروق أو اللورد هيدلي الذي روجته فضائية "ج"، رفض إدانة الاستعمار البريطاني للهند ولأية منطقة تستعمرها بريطانيا في العالم، ومنها بعض الجزر التي انبثق النفط والغاز فيها لاحقا.
د. موفق محادين: كاتب أردني