لحج بين فكي الفساد ونهب الأراضي.. صمت حكومي ونافذون بلا رادع (تقرير)

2025-02-24 16:58
لحج بين فكي الفساد ونهب الأراضي.. صمت حكومي ونافذون بلا رادع (تقرير)
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

اعمال فساد مستمر وإدارة بلا رقابة

 

*- شبوة برس - إعداد وضاح قحطان الحريري 

تعد محافظة لحج، الواقعة في قلب الجنوب اليمني، من أكثر المحافظات التي شهدت موجة من الفساد ونهب الأراضي، حيث تتشابك مصالح الفاسدين مع تجاوزات المسؤولين في إدارة الأراضي، ليستولوا على ممتلكات الدولة والمواطنين على حساب المصلحة العامة. هذا الملف الشائك لم يواجه أي مساءلة قانونية حقيقية، وسط صمت القيادة الحكومية، مما يجعل لحج نقطة توتر دائمة تهدد استقرارها ومستقبلها.

 

كشف الأرقام والإفصاحات الأخيرة

تشير التقارير إلى أن عمليات التلاعب بالأراضي أصبحت سلوكًا ممنهجًا، إذ أفادت مصادر بأن عملية تأجير أو تمليك أراضٍ لصالح أحد المستثمرين، المعروف بـ"هايل سعيد"، تمت على مساحة بلغت 1.5 مليون متر مربع. هذا الرقم الصادم يكشف حجم التلاعب والإهمال في إدارة أراضي الدولة، حيث تُستخدم هذه الأراضي في مشاريع استثمارية بطرق تخالف القوانين والإجراءات الرسمية.

 

في السياق ذاته، كشفت تقارير  لـ [للأيام ] امس.

عن قضية أخرى لنهب الأراضي في لحج، حيث بلغت المساحة المتضررة 60 ألف متر مربع، وهي من الأراضي التي يُفترض أن تبقى ملكًا للدولة أو تُستعاد لصالح المواطنين، لكنها سرقت بطرق غير مشروعة.

 

غياب المساءلة القانونية وصمت القيادة الحكومية

 

بالرغم من كثرة الشكاوى المقدمة ضد النافذين الذين استحوذوا على أراضٍ واسعة، لم يتم اتخاذ أي إجراءات قانونية تذكر. هذا الغياب التام للرقابة يعزز مناخ الفساد، ويفتح المجال أمام المزيد من النهب، حيث يجد المتنفذون الغطاء السياسي والمالي الذي يحميهم من أي محاسبة.

 

يقول المحامي محمد عبدالقوي، المختص في قضايا الأراضي: "لدينا عشرات القضايا التي رفعها المواطنون ضد نافذين، لكن لم يتم البت فيها. المحاكم تتعامل ببطء، والجهات الأمنية تتجنب التدخل، مما يجعل الضحايا في حالة يأس".

تلاعب بحقوق الضباط الجنوبيين منذ 1993

 

إلى جانب الاعتداءات على أراضي المواطنين، يواجه الضباط الجنوبيون مظالم متراكمة منذ ما بعد حرب 1994، حيث تم التلاعب بملفاتهم ومصادرة حقوقهم في الأراضي رغم امتلاكهم وثائق رسمية تثبت ملكيتهم منذ عام 1993. هؤلاء الضباط تعرضوا للمماطلة والتهميش، مما فاقم أوضاعهم المعيشية.

 

ويقول أحد الضباط المتضررين، والذي فضل عدم ذكر اسمه: "لدينا وثائق رسمية تعود لعام 1993 تثبت استحقاقنا لأراضٍ تم تخصيصها لنا بحكم عملنا في الجيش، لكننا اليوم نجد أنفسنا بلا حقوق، بينما يتم منح الأراضي للنافذين والتجار بطرق ملتوية".

 

 

 

العواقب التي تواجه لحج باعتبارها حزامًا للعاصمة عدن

 

تمثل محافظة لحج خط الدفاع الأول للعاصمة المؤقتة عدن، ولذلك فإن استمرار الفوضى في ملف الأراضي قد يؤدي إلى أزمات متزايدة، أبرزها:

 

ارتفاع أسعار الأراضي بشكل جنوني، مما يصعب على المواطنين امتلاك مساكن.

 

زيادة النزاعات القبلية نتيجة التعديات على الأملاك الخاصة والعامة.

 

عرقلة المشاريع التنموية بسبب عدم استقرار ملكية الأراضي.

 

 

دور المجلس الانتقالي الجنوبي

 

رغم تعهد المجلس الانتقالي الجنوبي بمكافحة الفساد، إلا أن الواقع يشير إلى ضعف الإجراءات المتخذة في ملف الأراضي. المواطنون يطالبون المجلس باتخاذ قرارات حازمة ضد النافذين والمتلاعبين بالأراضي، لكن حتى الآن، لم يتحقق أي تغيير ملموس.

 

آراء المواطنين والمسؤولين

 

المواطن أحمد سعيد، أحد المتضررين من نهب الأراضي، يقول: "الأرض التي ورثتها عن أجدادي تم الاستيلاء عليها بوثائق مزورة. قدمت شكاوى لكن دون جدوى. يبدو أن القانون لا يُطبق إلا على الضعفاء".

 

المحامي سالم محسن يرى أن "الجهات المختصة يجب أن تفعل قوانين استعادة الأراضي المنهوبة، وتعيد تنظيم السجل العقاري لمنع أي عمليات استحواذ غير مشروعة".

 

مسؤول في هيئة الأراضي بلحج، فضل عدم الكشف عن اسمه، صرّح بأن "هناك تدخلات من شخصيات نافذة تعرقل عمل الهيئة. نحاول فرض النظام، لكن الأمور أكبر منا في ظل غياب الدعم من الجهات العليا".

 

يبدو أن ملف الأراضي في لحج يعكس نموذجًا متكررًا للفساد الإداري والسياسي في اليمن، حيث يستغل النافذون ضعف مؤسسات الدولة لفرض هيمنتهم على الموارد العامة.

 

على الرغم من أن القضية قد تبدو محلية الطابع، إلا أن تداعياتها تمتد إلى أبعاد سياسية واقتصادية خطيرة، حيث يؤثر الفساد في الأراضي على استقرار المحافظة، مما يضعف ثقة المواطنين بالحكومة ويؤجج التوترات الاجتماعية.

 

إن استمرار نهب الأراضي دون تدخل حقيقي من الجهات المختصة أو المجلس الانتقالي يطرح تساؤلات حول مدى قدرة الدولة على فرض سيادة القانون. ما لم تتخذ السلطات خطوات فعلية، فإن هذا الملف قد يتحول إلى قنبلة موقوتة تهدد النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمنطقة.

 

تظل قضية نهب الأراضي في لحج واحدة من أخطر القضايا التي تهدد مستقبل المحافظة. ومع استمرار غياب المساءلة القانونية وصمت القيادة الحكومية، يبقى المواطن هو الضحية الأولى في معركة غير متكافئة مع قوى الفساد. الحلول لن تكون سهلة، لكنها تبدأ بإرادة سياسية قوية لمواجهة الفاسدين وإعادة الحقوق لأصحابها.