دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لترحيل فلسطينيي غزة إلى مصر والأردن صادفت هوى من اليمين المتطرف بإسرائيل.
وتتقاطع دعوة ترامب مع دعوات أحزاب يمينية إسرائيلية منذ بداية الحرب، التي رفضها المجتمع الدولي بما فيه الإدارة الأمريكية السابقة.
ماذا قال ترامب؟
قال ترامب للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية "أود أن تستقبل مصر أناساً.. وأود أن يستقبل الأردن أناساً، أنت تتحدث عن 1.5 مليون شخص على الأرجح، ونحن نقوم بتنظيف هذا الأمر برمته ونقول.. أنت تعلم أن الأمر قد انتهى".
وأضاف ترامب، الذي تحدث مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس السبت "أود أن تتولى المزيد، لأنني أنظر إلى قطاع غزة بالكامل الآن، إنها فوضى.. إنها فوضى حقيقية".
وأشار ترامب، مكررا وجهات نظره بشأن غزة التي فصلها في الليلة الأولى من رئاسته، "إنه حرفيا موقع هدم الآن.. تم هدم كل شيء تقريبًا، والناس يموتون هناك".
وأضاف "لذا.. أود أن أشارك مع بعض الدول العربية، وبناء مساكن في موقع مختلف، حيث يمكنهم ربما العيش في سلام للتغيير"، مضيفا "يجب أن يحدث شيء ما".
كيف ردت إسرائيل؟
عضو المجلس الوزاري السياسي والأمني المصغر "الكابينت" ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش رد على اقتراح ترامب قائلا "بعد 76 عاماً من احتجاز أغلب سكان غزة بالقوة في ظروف قاسية للحفاظ على طموحهم بتدمير دولة إسرائيل، فإن فكرة مساعدتهم في العثور على أماكن أخرى لبدء حياة جديدة جيدة هي فكرة عظيمة.. وبعد سنوات من الإرهاب سوف يتمكنون من تأسيس حياة جديدة وأفضل في مكان آخر".
وأضاف سموتريتش في بيان له "منذ سنوات يطرح رجال الدولة حلولاً غير قابلة للتطبيق، مثل تقسيم الأرض وإقامة دولة فلسطينية، الأمر الذي عرّض وجود وأمن الدولة اليهودية الوحيدة في العالم للخطر، ولم يتسبب إلا في إراقة الدماء والمعاناة لعدد كبير من السكان، إن التفكير خارج الصندوق لإيجاد حلول جديدة فقط هو الذي سيجلب حل السلام والأمن".
وتابع سموتريتش "سأعمل بشكل وثيق مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومجلس الوزراء لضمان وجود خطة تشغيلية لتنفيذ ذلك في أقرب وقت ممكن".
ومن جهته قال زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني الداعي لتهجير الفلسطينيين ووزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير على منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي "أهنئ الرئيس الأمريكي ترامب على مبادرته بنقل السكان من غزة إلى الأردن ومصر".
وأضاف "أحد مطالبنا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو تشجيع الهجرة الطوعية، وعندما يطرح رئيس أعظم قوة في العالم (ترامب) الفكرة بنفسه فيجب على الحكومة الإسرائيلية تنفيذها.. تشجيع الهجرة الآن".
وبدورها قالت عضو الكنيست يوليا مالينوفسكي، من حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المعارض: "في وقت مبكر من عام 2010 قال أفيغدور ليبرمان إنه يجب علينا الانفصال عن غزة تماما، لا معابر، لا بنية تحتية، لا كهرباء، لا ماء ولا وقود".
وأضافت "وهنا يأتي رئيس جديد في الولايات المتحدة يدرك، على عكس بقية العالم، أن غزة لديها حدود بطول 13 كيلومترا مع مصر.. مصر بلد مسلم، واللغة نفسها يتحدث بها، وسيقبلون المسؤولية عن غزة.. لا ينبغي أن تكون مشكلتنا".
وتابعت مالينوفسكي "نحن في حاجة إلى فك الارتباط التام عن غزة والتخلص من هذه المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، مع الحفاظ على محيط أمني وحرية عملياتية إذا لزم الأمر، ولكي يتحمل العالم المسؤولية".
من جانبه، قال الصحفي اليميني الإسرائيلي المقرب من نتنياهو عميت سيغل على منصة "تليغرام" "يقول مسؤولون إسرائيليون كبار إن تصريح ترامب بشأن هجرة الغزيين إلى الدول الإسلامية ليس زلة لسان، وإنما جزء من حركة أوسع بكثير مما تعكسه" دون مزيد من التفاصيل.
ولكن صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية المعارضة للتهجير قالت إن تصريحات ترامب "تعد الأكثر صراحة منذ توليه الرئاسة بشأن رؤيته لإعادة الإعمار بعد الحرب، وعلى الرغم من أن ترامب أشار إلى أن هذا قد يكون مؤقتا أو طويل الأمد، فإنه قد يقلب الشرق الأوسط كما نعرفه إذا تحرك إلى الأمام".
وأضافت "يبدو أن التعليقات تتعارض مع النهج المعلن لمبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف تجاه الصراع، الذي يتلخص في احترام السيادة: كل دولة تستحق الحق في تحديد مصيرها، بعيدا عن تدخل القوى الخارجية".
وأشارت الصحيفة إلى "هذه التعليقات جاءت بعد وقت قصير من اقتراح مسؤول انتقالي لترامب إرسال فلسطينيي غزة مؤقتًا إلى إندونيسيا أثناء إعادة الإعمار، وهي الخطة التي قالت إندونيسيا إنها لم تكن على علم بها حتى ذكرت وسائل الإعلام أنها اقترحت الخطة".
وقالت إنه "في ظل إدارة بايدن اعتُبرت فكرة "الهجرة الطوعية"، الخطة التي روج لها وزراء إسرائيليون من اليمين المتطرف يتطلعون إلى إعادة توطين اليهود في غزة مثيرة للجدل للغاية، إذ رفض معظم الفلسطينيين وأنصارهم فكرة الانتقال ولو حتى مؤقتا".
ويبلغ عدد سكان قطاع غزة أكثر من 2.3 مليون نسمة، نزح أغلبهم من مناطقهم بسبب الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.