إن معاناة شعب الجنوب الحياتية والمعيشية والخدمية تستاء من يوم إلى يوم آخر وقد وصلت حالته أعلى من مستوى خط الفقر وبشهادة منظمات دولية وإقليمية عاملة.
العملة المحلية تتدهور، وأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والعلاجات والملابس والوقود والمحروقات ترتفع، ودخل الفرد الموظف المدني والجندي في المؤسستين العسكرية والمدنية ينحسر، فالراتب ستون ألف ريال يمني وماذا عساها أن تفعل؟ ناهيك عن الذين يوفرون مصاريف أسرهم من جهدهم اليومي وفي ظل ضعف القدرة الشرائية وعدم وجود الأعمال في السوق.. المجاعة غزت أحوال الناس، ومستقبل جيل الشباب في خطر لعدم مقدرة الآباء والأسر على الإيفاء بمتطلبات أولادهم الدراسية من الملابس والمصاريف اليومية منهم في مرحلة التعليم الأساسي والمرحلة الثانوية، أما عمن هم يدرسون في كليات جامعة عدن وارتفاع أجور المواصلات أيضاً في ظل قلِّة ما باليد فحدَّث ولا حرج ولعل مرجع ذلك يعود إلى انتشار غول الفساد في كل مفاصل وأجهزة الحكم بكل مستوياته، كما ينتشر السرطان في جسم الإنسان إلَّا من رحم ربي، ومع كل ذلك وقياساً عليه فهناك ضعف في نتائج ملموسة لهيئات الرقابة ومكافحة الفساد في كشف الفاسدين ممن تسببوا بإيصال أحوال الناس إلى أوضاع هكذا، وتقديم ملفاتهم أمام أجهزة القضاء.
إن الشرعية تتحمل المسؤولية تجاه ذلك باعتبار كل الموارد والعائدات المحلية والمساعدات والودائع الخارجية تحت يدها، فيما عامة الناس يحمّلون المجلس الانتقالي المسؤولية أيضاً باعتباره حامل قضية شعب الجنوب وممثله في استعادة دولته وشريك في المجلس الرئاسي والحكومة.
إن صبر شعب الجنوب لن يطول وسينفجر ذات لحظة "الجوع كافر".
وفي السياق فإن هناك من لم يكتفوا لشعب الجنوب بكل ذلك ويحاولون أن يفرضوا البطاقة الذّكيّة بما هي عليه من مخاطر أمنية وصحية على كل من يحملونها إذ هي وبمجرد البصمة تقوم بتتبُّع من يحملها، حيث ما كان وإن لم تكن في حوزته "في البيت" وتحمل بداخلها زرا خفيا مُزِوِّدا بفيروس وبائي لا يقل خطورة عن فيروس "كوفيد 19" وأن بعض الدول العربية والأجنبية حذَّرت من مخاطر أمنية وصحية على مواطنيها لخطورتها وفقاً لما تداولته جروبات الواتساب وكتب عنه الأُستاذ فضل علي عبدالله في "الأيام" بعدد يوم 8 ديسمبر الحالي بعنوان "البطاقة الذكية ومخاطرها"، وفي كل الأحوال وطالما هناك بطائق إثبات الهوية الشخصية متوفرة ويتم العمل والتعامل بها فما جدوى ومبرر بطاقة ذكية؟.
إن أمام النخب السياسية والثقافية والصحفية والإعلامية وكل منظمات المجتمع المدني ومنها المهتمِّة بحقوق الإنسان مسؤولية وطنية وتاريخية أمام شعبهم الجنوبي وأبناء جلدتهم في التصدّي لكل ما سلف استعراضه وأن تتقدّم صفوف الخلاص من أوضاع ومعاناة كهذه وفي سياق حق شعب الجنوب في استعادة دولته كاملة الحُرية والسيادة والاستقلال، فشعب الجنوب في لحظة زمنيّة فارقة يكون أو لا يكون.