من مهام الجبالية في الحجرية إحضار الماء بالفنطاس لغسل الزيدي من الجنابة

2024-08-11 07:41
من مهام الجبالية في الحجرية إحضار الماء بالفنطاس لغسل الزيدي من الجنابة
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

*- شبوة برس – سعيد عولقي

(من حكايات الزعفران التي اعشقها) علئ رصيف الشارع بعد ركنه الركين تقع مخبازة علي افندي، عدني الحجرية التي يجلبون لها الماء بالفنطاس، وهو وعاء الماء.. من نكاته الاثيرة:ان حجرياً كان يشتغل لدئ واحد زيدي دني كما يقال.. اي تاجر مبسوط في الحجرية.. وكان يسكن في بيت الدني نفسه ولا يفصل بينهما غير جدار خشبي من التربلاي يمكن سماع الاصوات بينهما.. رجع الحجري متعباً من عمله بالحقل، وحاول ان ينام.. بينما يتنامئ الئ سمعه حوار بين الدني وزوجته وهو يحاول اقناعها بمزاولة الواجب الزوجي معها وهي تتمنع، والحجري يتسمع.. ويكرر المحاولة والحجري يتسمع.. قالت الزوجة:مابش معانا ماء.. ارقد.. قال لها : شااخلي الحجري يندي لنا فنطاس ماء.. اصيب الحجري بالذعر فهو هالك من التعب ولا يقدر علئ مشاوير اكثر.. فماكان منه الا ان دق بيده علئ جدار التربلاي وقال موجها كلامه للمرأة: اتضبطي علئ نفسك فالحجري تاعب وما شينديش ولا فنطاس!! 

لم ار مثل علي افندي اطال الله عمره اخلاصاً ولا وفاء للصديق الاعز الراحل القرشي عبدالرحيم سلام رحمه الله.. عنده كثيراً ما تذوقت اجمل وجبات طعام الحجرية حيث كان يعزمني علئ الغداء عنده مراراً وتكراراً..عنده تذوقت طعم الوزف في خلطات المقبلات.. وشتني السحاوق بالزعتز.. وحقين اللبن المدخن بحطب القرض... لامثيل له.. وكان علي افندي يقوم بخدمة الشاعر الكبير في كل متطلباته للبيت.. حتئ ان الثوم الذي يتعاطاه القرشي كمخفض لضغط الدم انعدم في السوق نهائياً...لكن علي افندي جاء بحزمة ثوم وصلته من الضالع.

      قبل شهور قليلة لقيت علي افندي في ركن الزعفران، بجانب مخبازته التي كانت، وشربنا ليمون من يد اقبال واكد لي عجزه عن احتمال مكاره هذا الزمن الزفت الاغبر المتوحش.. واضطراره الئ بيع مخبازته التي كانت منذ مطلع الأربعينيات من علامات حي الزعفران الكريتري الحبيب.. واحزنني الخبر.. وسألته عن ما بقي من روائح الزمن الجميل في قلب الزعفران وسويداء كبده.. عن مخبازة التركي الاثيرة التئ كانت كالوتد وسط خيمة الزعفران.. في القلب منه تماماً..قال بأسئً :ايهيييه وينك ووين التركي.. ماعا بقاش الا البعر وضفع البقر.. 

   اتذكر في سنوات قمة الفقر الذي لحق بنا في1972م علئ مااذكر دخولنا علئ التركي محمد مدي ومحمود اربد ومحمد عبدالمنان وعبدالقادر السمان.. قام التركي لاستقبالنا بحفاوة بالغة غير عالم بجيولنا الخالية الا مما يكاد يسد الرمق.. كان كامل القامة، عريض المنكبين داخل جرم ابو عسكري.. وكان شنبه العظيم هو ابرز مايميزه.. شنب يليق باحد اغاوات اتراك العثمانيين.. طلبت خبزاً وفاصوليا من المطعم المجاور له.. وقال الاربد اطلب لي واحد شاي من جنب مخبازتك.. وساله المدي عن سعر فتة الموز فأجابه.. لكنه لم يطلب الفتة واكتفئ بطلب ماء بارد.. والمنان كان لايزال مخزن كعادته وطلب قارورة كندادراي.. بس هو هذي طلباتكم؟؟ قيل له بس !!: قال كلمة خالدة لاتزال ترن في اذن: ماشاء الله عليكم.. والله بوننا(اي اغتنينا) وضحكت باشفاك ولم يشاركني ضحكي احد. 

      في المرة التاليةوكنا بسبيل تكوين فرقتنا المسرحية ويقوم الاخ عتيق سكاريب، وهو افطن من فينا بجمع تبرعات من الدكاكين لدعم الفرقة.. ووصلنا متعبين الئ مخبازة التركي وشنبه.. وطلبنا بعض التوافه التي لايكسب منها اي منفعة.. ولا تليق بشنبه العظيم.. حاول عتيق ان يفاتحه بطلب تبرع لفرقتنا.. فنهيناه لكنه لم ينته.. كلم التركي.. الذي رفع صوته عالياً بعدما. سمع وقال: تعالوا كلكم لاهانا.. واشار الئ الجدار.. وقمنا ونظرنا الئ الجدار حيث كان يشير باصبعه الئ صورة عريضة مبروزة يقف هو فيها وسط قرابة عشرين نفس من الاولاد والاصحاب.. وقال بافحام : شوفوا هاذيلا كلهم.. رزقهم في رقبتي.. وطبطب بيده علئ رقبته واردف قائلا : منين عاد شندي تبرع؟؟.. لكن ذكارة.. عزيمتكم وطلباتكم اليوم عندي وعلئ حسابي!! 

والله اني حزين علئ فقد الزعفران وكريتر علامتين هامتين من سجل حياتها.. علي افندي، والتركي.. كأن كريتر اخرجتهما من لحمها الحي. 

واتضبطي علئ عمرش يامره.. ماالحجري ما شينديش ولا فنطاس

 

*- سياسي وروائي وكاتب مسرحي