اليمن: صراع المشاريع السياسية والدينية على السلطة في ظل سيطرة الهضبة الزيدية

2024-06-26 15:12
اليمن: صراع المشاريع السياسية والدينية على السلطة في ظل سيطرة الهضبة الزيدية
شبوه برس - خـاص - عــدن - المخا

 

*- شبوة برس - عبدالمجيد زبح 

تتسارع الأحداث في اليمن منذ عام 2011 بشكل غير مسبوق، حيث يتنافس مختلف الفاعلين على السلطة، ويستخدمون المشاريع الدينية والسياسية كوسيلة لتحقيق أهدافهم. وفي هذا السياق، يُعتبر من الضروري فهم المشهد الحالي من خلال تحليل دقيق للأحداث والفاعلين الرئيسيين.

 

قبل عام 2011، كانت السلطة والثروة في اليمن متركزة في يد "الهضبة الزيدية"، التي كانت تتحكم في مجريات الأمور السياسية والدينية. وبقية القوى السياسية والدينية كانت مجرد أدوات تُستخدم حسب الحاجة. تم إنشاء هذه الكيانات المتعددة لتناسب المزاج الدولي، وتُستخدم متى ما كان ذلك مناسباً لتحقيق مصالح الهضبة الزيدية.

 

مشروع الولاية، من وجهة نظر الهضبة الزيدية، يهدف إلى السيطرة على الحكم بحجة الحق الإلهي. هذا الحق الإلهي يُستخدم كذريعة للحفاظ على السلطة بغض النظر عن الشخص الذي يحكم. وبالمثل، فإن مشروع التوريث الذي انهار بعد 2011، هو في الأساس نفس مشروع الولاية، لكنه يستخدم النصوص الدستورية لتحقيق سيطرته تحت غطاء الديمقراطية. كلا المشروعين يهدفان في نهاية المطاف إلى الاستئثار بالسلطة.

 

بعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني، وقبل الاستفتاء على الدستور، شعرت قوى الهضبة بأن السلطة قد تفلت من أيديها. لذا، تحالفت هذه القوى، ممثلة بمشروع الولاية ومشروع التوريث، لإجهاض حلم اليمنيين بالديمقراطية. هذا التحالف المؤقت انتهى بتقاتل الطرفين عندما اختلفت مصالحهما، وهو ما رأيناه بوضوح في تصرفات علي عبدالله صالح الذي حاول التشيع وسخر من الرئيس المنتخب بأغلبية ساحقة، رغم سيطرته المطلقة على مفاصل الدولة.

 

ما نشهده اليوم من احتفالات بمشروع الولاية ليس بالأمر الجديد، بل هو امتداد لمشروع التوريث. كلا المشروعين يسعى لبقاء السلطة في يد نفس النخبة، سواء كان ذلك تحت اسم الولاية أو الخلافة أو التوريث. المهم بالنسبة لهذه القوى هو بقاء السلطة في المركز تحت أي صفة كانت.

 

في تهامة المحررة، نرى نموذجاً مصغراً لنفس الصراع. مشروع الولاية هناك يتجلى في شكل التوريث، حيث يبقى الحكم في يد عائلة علي بن أبي صالح، مستخدمين نفس وسائل الترهيب والقمع للحفاظ على سلطتهم. رغم أنهم يسيطرون على مساحة صغيرة، إلا أن الأساليب التي يستخدمونها تتشابه بشكل كبير مع تلك المستخدمة في المركز.

 

في النهاية، يجب أن نكون واضحين بأن المشاريع المختلفة، سواء كانت دينية أو مذهبية أو دستورية، هي في جوهرها مجرد أدوات لتحقيق نفس الهدف: الاستئثار بالسلطة. يجب أن نعي أن هذه المشاريع تستخدم النصوص الدينية أو المذهبية أو الدستورية لصالحها، وتظل السلطة هي الهدف النهائي لهذه الصراعات. الصراع في اليمن ليس صراعاً بسيطاً بين قوى دينية وأخرى سياسية، بل هو صراع معقد تتداخل فيه المشاريع المختلفة لتحقيق هدف واحد: السيطرة على السلطة. فهم هذا السياق هو الخطوة الأولى نحو إيجاد حلول مستدامة لهذا الصراع الطويل الأمد.