الحوثي ليس كارثة طائفية على اليمن بل من مشاريع التفكيك الغربية الاستراتيجية في الشرق الاوسط، فمهما اختلف مع دول الغرب، فالمشاريع الاستراتيجية تظل استراتيجية وان تعارضت تكتيكاتها مع الغرب، ولذا فعملياته في البحر الاحمر لاتنفي انه مشروع مطلوب غربيا ضمن رؤية غربية لصياغة شرق اوسط جديد، هو جزء من مشروع لا يخيف الغرب مهما تعددت ساحاته، لانه اقلية يراد لها ان تهيمن على الاكثرية، ولا يخيف اسرائيل لانه اقلية مثلها !! وعداوته كسائر عداوات ساحات ايران تحت السيطرة ، بقواعد اشتباك تحت سقف محدد ، وعملياته في البحر الاحمر كعمليات جنوب لبنان لم تقدّم اي دعم عسكري يزيح ولو قليلا من القوة الاسرائيلية الضاغطة والمدمرة في "غزة" بل انها افادت شركات التامين الدولية واضخمها واوسعها نفوذا الشركات الاوربية والامريكية ، مملوكة في اغلبها لصهاينة ، لذا فالغرب على قول هارون الرشيد ايام عز دولة الاسلام "امطري حيث شئتي سوف ياتيني خراجك" فحرب البحر الاحمر يستثمرها ماليا وسياسيا
ستظل خارطة الطريق التي صممتها المملكة وسلطنة عمان وتبنتها الامم المتحدة تراوح مكانها مادامت هجمات الحوثي في البحر الاحمر ، وقرار هذه الهجمات في طهران اكثر مما هو في صنعاء ، ولذا فالحوثي في فسحة من امره ، فلم تؤثر فيه الضربات الامريكية/ البريطانية التي تحمي السفن ، ولم يعد يخشى عمليات التحالف العربي الذي وصل لمرحلة لم يعد قادرا على مواصلة الحرب ، ولا قادرا على الخروج منها ، حرب ستتاثر بالانتخابات الامريكية والبريطانية ما يعني انتظار خارطة الطريق حتى نهاية هذا العام ثم مرحلة ترتيب الادارات بعد الانتخابات
في خارطة الطريق عوامل فشلها فهي اخذت جزئية الحوثي في مشهد الحرب وكيف يخرج التحالف من حربه ثم تحييده وادماجه في المحيط الاقليمي ، وهو في واقع الحال كيان حركي مرتبط باجندات اقليمية عابرة للاوطان -لايهمه اليمن الا منطلقا للمشروع الكبير الذي هو جزء منه - ومن الصعوبة تدجينه مهما كانت الافتراضات وحسن النوايا !! ، وتعتبر القضية الجنوبية اهم عامل من عوامل فشل الخارطة اذا لم يوضع اطارا تفاوضيا خاصا بها ، ما يفرض على الجنوبيين الاستعداد للحرب
الخلاصة ان مسالة طي صفحة حرب اليمن ليس في المنظور المتوسط، وحتى فتح الطرقات اذا لم تتم بترتيبات عسكرية تبعد القوات عن مناطق التماس فانها مبادرة ستودي لاستئناف الحرب لصالح الحوثي
ان ملف البحر الأحمر سيفشل خارطة الطريق ، امريكياً وبريطانياً ، والحوثي وضع مشروعه وخياراته في البحر الاحمر في موقع من الصعوبة بمكان عليه ان يتراجع لان ملف حرب غزة سيظل قائماً وقد يصل الى مرحلة حرب مزمنة ، وعدم تراجعه لن يغلق ملف حرب البحر الاحمر ولا غيرها مهما كانت الامنيات ، وحتى لو تم حل مسالة الملاحة في البحر الاحمر فستستجد ملفات اخرى لتظل هذا الطعنة تنزف في خاصرة الجوار ، ومع ان حج البراءة الذي طالب به خامنئي هذا العام فشل فان سياسات التعبئة السياسية والاعلامية الحوثية قائمة ضد دول الجوار وبالذات ضد المملكة ولا اظنها تجهل ذلك او تستخف به وانه من مشروع كبير الحوثي جزء منه
قال العربي قديما
اثر القدم يدل على المسير
17يونيو 2024م