لن أتطرق إلى إيجابيات حكم الاشتراكي في الجنوب ولا إلى سلبيات الوحدة كما فعل الناشط الخونجي "محمد بافخر" لأن الواقع في ظل فترة حكم الاشتراكي للجنوب والواقع الذي نعيشه في ظل ما يسمى بالجمهورية اليمنية أبلغ مما سأقوله.
طبعا لا أحد يؤيد قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا احد يؤيد الاستيلاء على الأملاك الخاصة إلا بالحق ولكن أعتقد أن تلك الأعمال تمارس اليوم في الجنوب في ظل الوحدة أكثر من ما مورست قبل الوحدة بتسع مرات .
أما بالنسبة للمواقف السياسية للنظام في الجنوب فذلك حددها طبيعة نظام الدولة فكانت الدولة في الجنوب ترتبط بعلاقات استراتيجية متينة مع المعسكر الاشتراكي والأحزاب العمالية في البلدان الرأسمالية وحركة التحرر الوطني العالمية والعربية ومن الطبيعي أن يكون موقفها منسجما مع هذه الحركات ضد الدول التي ذكرها بافخر .
أما بالنسبة للفترة من 67 إلى 90 فلن يستطيع بافخر ولا غيره أن يقنعنا بأن هناك فترة أفضل منها كانت قبلها أو بعدها مر بها الجنوب من حيث الحرية والعدالة والمساواة والأمن والاستقرار المعيشي ، في المستقبل يمكن تأتي فترة أفضل منها .
أما بالنسبة للتعددية السياسية والحزبية وحرية الصحافة وحرية الرأي ليست إنجاز للوحدة ولكن إنجاز للنظام في الجنوب لأنه قد رفض الوحدة مع اليمن إلا مقرونة بالتعددية السياسية وحرية التعبير عن الرأي والفكر فرضخ اليمن لذلك.
أما بالنسبة لعودة الممتلكات وقبول نظام السوق الرأسمالي فذلك أيضا قرار اتخذه النظام في الجنوب من ما قبل الوحدة وكان يعد وثيقة الإصلاح السياسي والاقتصادي في الجنوب التي تحتوي على هذه الأسس .
أما بالنسبة إلى توافق اليمنيين على يمن إتحادي من سته أقاليم متى كان هذا الاتفاق فاليمن يرفض تقسيم الجمهورية اليمنية إلى أقاليم والجنوب يرفض البقاء في إطارها ولا يقبل إلا باستعادة دولته على حدود ما قبل يوم 22 مايو 90 .
ثم بالنسبه للاتحاد اليمني المزعوم أسأل بافخر في ماذا يتشابه مع الإتحاد الأوروبي؟ فالاتحاد الأوروبي قائم على الاحتفاظ بالهوية الوطنية لكل دولة وبعضويتها في الأمم المتحدة وبحقها في الخروج من الإتحاد متى ما رأت ذلك فهل إتحاد بافخر كذلك .
الوحدة لم تكن مطلب للجنوبيين ولكنها كانت قرار ديماغوجي غبي اتخذته الجبهة القومية دون الرجوع إلى الرأي العام الجنوبي واعلنته في 22 مايو 90 ولم تجلب الوحدة للجنوبيين إلا الوهن والضعف والفساد والإرهاب والحروب والفوضى والفقر والمرض والجهل والتخلف وتمزيق النسيج الاجتماعي ليس على مستوى الجنوب بل على مستوى الأسرة الجنوبية الواحدة .