اللقاءات الجنوبية بالجهات الخارجية وفن صناعة الحدث وإدارته
مما لا شك فيه أن اللحظة الثورية الجنوبية وصلت ذروتها، ورفع الشعب الجنوبي عقيرة إرادته عاليا بسلمية تمثلت في مليونيات وفعاليات ومناشط وعصيان مدني. وقدم – ومازال- التضحيات بأغلى الرجال والنساء لديه. في المقابل فإن اللحظة الثورية والمناخ العام يهيئان ضرورة أن يتوازى فعل سياسي ثوري على أسس احترافية مهنية وهذه الإرادة الشعبية الميدانية. ويتمثل أحد مخرجات الفعل السياسي في اللقاء بالهيئات والمنظمات والجهات الإقليمية والعربية والدولية. ولقد رأينا في الشهور التي انقضت محاولات لا بأس بها من بعض الاطراف الجنوبية المحسوبة على توجه التحرير والاستقلال في كسر العزلة السياسية. محاولات على قلتها تعددت طرقها وأدواتها وأسبابها وتوجهاتها كما أثرها ومخرجاتها. وفي طرحي هذا سأعرج على أربعة لقاءات لا يختلف اثنان على أنها الأهم من بين التواصلات الخارجية مع اختلاف نسبة الأهمية من لقاء لآخر وهي كالتالي حسب تتاليها:
- لقاء القاهرة مع السيد جمال بن عمر مندوب الأمين العام للأمم المتحدة للإشراف على تنفيذ المبادرة الخليجية وحوارها الوطني لحل الأزمة اليمنية.
- اللقاء مع الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي أو ما تعارف على تسميته بلقاء ( أو وثيقة الرياض).
- لقاء دبي مع السيد جمال بن عمر ..
- لقاء الرئيس علي سالم البيض مع الأمين العام لجامعة الدول العربية.
ورغم أهمية كل اللقاءات أعلاه إلا أن هناك تفاوتا في أهمية كل منها ، من حيث الجهة الملتقى بها وأطراف اللقاء ومخرجاته وتأثيره. فمثلا اللقاء الأول بالسيد جمال بن عمر كان لقاء اكتنفته العشوائية وخرج بمخرجات لا علاقة لها بهدف الثورة الجنوبية المعلن وإرادة شعبها متحدثا ولو بشكل مغلف عن إمكانية المشاركة في الحوار الوطني الذي اعلنت قوى الثورة الجنوبية السلمية التحررية رفضها له وعدم المشاركة فيه. كما اكتنفت إدارته ومخرجاته مثالب أخرى ليس المجال هنا لذكرها، وكان يمكن ألا أدرج هذا اللقاء ولكن لمشاركة شخصيات وقوى فيه تعلن التحرير والاستقلال ولا يمكن أن ننكر عليها ذلك. لقاء دبي أيضاً كان لقاء لا تُنكر أهميته ولكن رافقته عثرات في الإعداد والتحضير وأبرزها إقصاء قوى الثورة في الداخل عن المشاركة، لأسباب لوجستية، كما أعلن، و أخرى لم تعلن. وكذلك راوحت مخرجاته بين الضعف والقوة وكان أقواها البيان أو الرسالة الاحترافية للأستاذين عبد الرحمن الجفري ومحسن بن فريد التي أكدت موقفا ثابتا من إرادة شعب الجنوب المعلنة وكانت مهنية جداً في صياغتها. بينما جاءت مشاركة مكتب الرئيس البيض ركيكة لوجستياً ولم تكن رسالته المحمولة مع مبعوثيه احترافية سياسياً وكانت صياغتها إنشائية. اما بيان الرئيسين علي ناصر وحيدر العطاس حول اللقاء فلم نفهم منه ما يريدان قوله كعادتهما في خلط المقتضيات. ولم يكن البيان الرسمي للقاء ببعيد عما سلف. لذا سأركز في طرحي هذا على لقاءين أرى أنهما كانا الأهم، من بين اللقاءات وهما الأهم بقراءتهما وتحليلهما في سياق ما جاء في العنوان ( فن صناعة الحدث وإدارته). وبدءاً حتى ندخل في سياق تحليل اللقاءين علينا توضيح سياق الأهمية. من ثابت القول أن قضية شعب الجنوب ودولته تتطلب ألا نترك بابا خارجيا إلا ونطرقه إقليميا وعربيا ودوليا - كبر هذا الباب أم صغر- من أجل كسر العزلة عن القضية ورفع التعتيم الذي لطالما استبسلت قوى الاحتلال لتكريسه حتى لا تظهر حقيقة قضية شعبنا ودولته كما هي في الواقع ويظهر حجم ثورتنا الشعبية السلمية في إرادتها المعلنة بالتحرير والاستقلال واستعادة السيادة كاملة على أرضنا. ولكن ونحن نطرق الأبواب علينا إلا يغيب عنا أن نجاح طرقنا معقود بعملية متكاملة تشمل ادوات ( الطرق) واسبابه وتوقيته ومكانه والتهيئة وحصد نتائج ايجابية للهدف الذي طرقنا الابواب لأجله ما استطعنا ذلك سبيلا.وأبرز مايمكن الأخذ به أثناء صناعة الحدث هو التفرقة في الأهمية بين جهة خارجية وأخرى فاللقاء بسفير أو مندوب أو منظمة أقل في وقعه وأثره من اللقاء بهيئة خارجية تصنف بوصفها مرجعية في القرارات الدولية كما أن ملفوظ فعلها ومخرجاته يدخل ضمن وثائق وأدبيات وإقرارات القضية السياسية. ومما لا جدال فيه بالنسبة لقضيتنا أن هناك أربع جهات أو هيئات تمتلك الأهمية القصوى من بين كل الجهات من حيث أدبيات القرار السياسي لحل القضية.. – من المعلوم أن هناك دولاً وجهات لها الباع الأكبر إن لم يكن الأساسي في تشكيل توجهات القرار السياسي وتكييفه وفق توازنات ومصالح اللعبة الدولية ولكن ليس المجال للدخول في هذا البعد على أهميته حتى يتسنى لنا التركيز فيما نريد طرحه- والهيئات هي كالتالي أرتبها وفقا لأهميتها بالنسبة لقضيتنا:
هيئة الأمم المتحدة
مجلس التعاون الخليجي
جامعة الدول العربية
منظمة الدول الإسلامية
تعد هذه الأربع الهيئات هي الأهم بالنسبة لمسار قضيتنا ولن أسهب في شرح أهميتها فالكل يعلم مدى الأهمية وترتيب وقياس نسبتها وحجمها عطفا على موقعها قربا وبعدا وملامسة بل وتعامدا مع القضية.وعليه فإن لقاءين من اللقاءات الأربعة أعلاه هما الأكثر أهمية من وجهة نظري بالنسبة لقضيتنا وبالتالي فهما اللتان سنخضعهما لقياس تطبيق (فن صناعة الحدث وإدارته) نجاحا وإخفاقا. واللقاءان هما : لقاء (مجلس التعاون الخليجي) في الرياض. ولقاء الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد نبيل العربي في القاهرة. وللتوضيح فإن حصري لأهمية هذين اللقاءين ليس تقليلا من أهمية اللقاءين الآخرين ( القاهرة - دبي) ولكن وفقا لما شرحناه أعلاه فإن لقاءي القاهرة ودبي كانا مع مندوب للأمم المتحدة ودوره على أهميته يتمحور في كونه ناقلاً لمجريات اللقاء إلى الهيئة التابع لها وليس فاعلا ولا باتا في قراراته ومخرجاته. عدا عن أن دور المبعوث الأممي السيد جمال بن عمر ينحصر في حل أزمة اليمن (الشمال) وفقا لمرجعية المبادرة الخليجية، ولا يملك تخويلا (إلى الآن) للإشراف على حل قضية شعب الجنوب ودولته وهو في لقاءاته مع الجنوبيين يؤكد حاولته إنجاح هذا الدور وسياقه وهو مؤتمر الحوار الوطني. ولكن هذا لا ينفي أهميته ومكانته كهمزة وصل مهمة مع جهته ذات القرار.
لقاء شخصيات وقوى الثورة الجنوبية مع مجلس التعاون الخليجي:
مثل لقاء الرياض في 18 ديسمبر 2012م مع الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي اللقاء الأهم إلى الآن في سياق مسيرة قضية شعب الجنوب ودولته سواءً تأثيرا أو مخرجا، إلى ذلك إدارةً وصناعةً للحدث. ويأتي تسنمه للأهمية على رأس كل اللقاءات وفقاً لما يأتي:
أولا: لأهمية الجهة فليس بخافٍ البعد التمددي للقضية في جغرافيتها وأهمية هذا البعد وأن تشكلات القضية لا يمكن بترها عن بعدها الجغرافي هذا. لذا فإن دول مجلس التعاون هي الأهم حيث تتعامد قضيتنا جغرافيا مع هذه الدول وبالتالي تتعامد وتتقاطع مصالحنا مع هذه الدول أولا. وكسب موقفها تضامنا إلى جوار إرادتنا الشعبية التحررية غاية في الأهمية.
ثانيا: لطريقة الإعداد المحكمة التي سبقت اللقاء فلم نر عشوائية ولا هرجلة.
ثالثا: ضم اللقاء طيفا واسعا يمثل كل فئات الجنوب ومنها التي اقصيت في عهد سياسي سابق وجمعهم على طاولة واحدة وقلب رجل واحد سابقة ايجابية تحسب للقاء بل يجب أن يسجل شكر عليها.
رابعا: أديرت مجريات اللقاء من قبل الجنوبيين بإيقاع متناغم لا نشاز فيه ولم يأت هذا الإيقاع عفوا، بل تمت قبله مشاورات ومناقشات عنيفة في كواليس ما قبل اللقاء كما سمعنا خصوصا مع من أراد أن يخفض سقفه ليدخل بعدها الجنوببون اللقاء متوائمين موحدين ويظهروا موقفا صلبا ارتفع إلى مستوى الإرادة الشعبية في الداخل وعبر المشاركون فيه عن هدفها المعلن: لا غاية لنا سوى ما يريده شعب الجنوب. ونحن نحمل رسالته : التحرير والاستقلال واستعادة دولته والسيادة الكاملة على أرضه.
خامسا: مثلت مخرجات اللقاء بيانا تاريخيا وهو ما تعارف عليه بـ( وثيقة الرياض) أكد فيها المشاركون التمسك بهدف الإرادة الشعبية المعلنة للثورة الجنوبية.
سادسا: وهو الأهم لحظنا تغيرا ايجابيا واضحا بصرف النظر عن حدته، من دول الخليج رافقه بعدها التفات واهتمام خاص من المجتمع الدولي وخصوصا رعاة المبادرة الخليجية ومؤتمر حوارها.
وهناك بعد آخر له أهميته في صناعة هذا الحدث وهو البعد الإعلامي لقد استثمر هذا الحدث اعلاميا بشكل احترافي ومهني استطاع أن يصنع وهج هذا الحدث ويركز عليه الأنظار ويروج لمخرجاته. ومن هنا نستطيع القول بأن لقاء الرياض هو اللقاء الوحيد الذي استطاع أن يحقق إلى حد كبير شروط فن صناعة الحدث وإدارته ولكن الأهم الآن فن استثمار الحدث وهو الأمر الذي مازال قائما ولكننا مازلنا بعيدين عنه وعن أساليب تمتين استثماره.
لقاء الرئيس علي سالم البيض بالأمين العام لجامعة الدول العربية:
يمثل لقاء الرئيس علي سالم البيض بالأمين العام لجامعة الدول العربية آخر اللقاءات الجنوبية وليس الأخير وهو لقاء غاية في الأهمية وتأتي أهميته أولا من أن البيض قد تحرك وبشكل مباشر وبنفسه لعقد لقاءات وتواصلات خارجية. ولا ينكر بطبيعة الحال ما للبيبيض من موقع مهم ومحوري في القضية وموقفه الثابت مع إرادة شعبه المعلنة. وواتساقا مع عنواننا سنعرض تاليا للكيفية التي تمت بها ادارة هذا التحرك وهل تم استيفاء شروط صناعة هذا الحدث.
وولكن قبلهها نستطرد قليلا في الأهمية الثانية للقاء وهي من أهمية الجهة فجامعة الدول العربية هيئة ذات مرجعية وقرار وهي جهة تمحورت داخلها أحد أبعاد القضية أثناء الحرب الغاشمة في 94م على شعبنا ودولتنا من قبل النظام اليمني ( الشمال) الذي صار احتلالا بعدها. وكانت الجامعة مراقبة ومتابعة لمجريات الحرب وأدلت بدلوها حولها حينها. فضلا عن أن الجامعة هي جهة احتكام عربية ( وأن تزعزعت وضعفت) ولكنها مازالت تملك قرارا مهما في مرجعيته. ولا كان يتوجب الحرص للتهيئة والأعداد الجيد لأي لقاء عقد أو سيعقد معها وصناعة حدثا من هذا اللقاء . والآن نعود إلى الكيفية التي أدار بها مكتب الرئيس البيض هذا اللقاء .
أولا: كان خبر انعقاد اللقاء فجائيا وقرأه شعب الجنوب وفصائل عمله الثوري والسياسي على صفحات المواقع والصحف كغيرهم من الجهات التي ليست على علاقة وثيقة بالقضية ومجرياتها فكيف بهم وأغلبهم ضالعون في الثورة ومنخرطون في أحداثها ومجرياتها وهذه تحسب كبادئة من اخفاقات الإعداد. نسوق هذا ونحن على وعي بأن البيض ليس مضطرا أن يأخذ إذنا من أحد ليقوم بتواصلاته ويعقد لقاءات خارجية ولكن مقتضيات صناعة حدث كهذا واستثماره تقول بأن الرئيس البيض يوصف كرئيس وقائد للثورة الجنوبية وأحد المسئولين عن حل هذه القضية وبالتالي تلزمه هذه الصفات أن يشترك مع جميع المنخرطين في الثورة والحاملين للقضية وإشراكهم معه في مجرياتها وكان المتوقع منه أن يدير الأمر على مستويين:
أولاً: إذا كان قد طلب هو اللقاء فإنه قبل أن يذهب بنفسه إلى لقاء فجائي لا يعرف مخرجه ويواجه بشخصه الأعتباري نتيجة سلبية كما حصل. أن يبعث بمندوبين له معلنين أو غير ذلك ويفضل اشراك آخرين غير موظفي مكتبه لجس النبض ومعرفة إلى أين سيتجه لقاء كهذا وأخذ القرار بعدها للتهيئة للقاء جامع أو منفرد.
ثانياً: إذا كان قد تلقى دعوة من الجهة وهي هنا هيئة عربية ذات مرجعية فكان من المفترض أن يشاور الآخرين في هذه الدعوة على الأخص المكونات السياسية للثورة في الداخل ويطلب من جامعة الدول العربية لقاء موسعا يضم ممثلين للطيف الثوري الجنوبي وفئاته. وفي كل الحالات فأن عقد لقاء موسع كان اقضل وأهم. وسنشرح لماذا لقاء موسع لقد أسلفنا أعلاه أن هناك أربع هيئات دولية ملفوظاتها ومخرجاتها تعد مرجعا في القضايا لذا فإن اللقاء بالجامعة العربية يكتسب أهمية استثنائية فيما سينتج عنه اللقاء بها ولقد رأينا ما نتج عن لقاء الرئيس البيض الفجائي الانفرادي إذ سارع الأمين العام السيد نبيل العربي – وأظنها سابقة- إلى كتابة تغريدات على صفحته في (تويتر) ليعلن مخرجات اللقاء: (التأكيد على أمن اليمن ووحدته واستقراره. والتشديد والحض على ضرورة مشاركة الجنوبيين في الحوار الوطني الجاري في صنعاء). ملفوظ واضح يمكن لنا أن نؤوله يمكن فنقول هذا كلام رسمي وخلف الكواليس ما خلفها. ولكن النتيجة المعلنة هي هذا الملفوظ الذي سيحتاج جهدا جهيدا من العمل السياسي لقوى الثورة الجنوبية لاستبداله بملفوظ آخر.
ندرك منطقيا أن الأمين العام لجامعة الدول العربية لن يقول سوى كلام رسمي ولكن كان يمكن أن نخفف حدة هذا الكلام أو نجعل حدث اللقاء ومشهده يغطيان على ملفوظ نتائجه و يحملان رسائل ضمنية نستطيع تفكيكها إلى ما يخدم هدف قضيتنا. وكان هذا سيتم بالاستفادة من مزايا تجربة لقاء ( الرياض) التي سردتها أعلاه. وهذا أحد دوافع أنه كان يجب طلب لقاء موسع وإشراك القوى الثورية الأخرى فيه، فقد كان الرئيس البيض - لو فعل ذلك - سيدفع عنه تحمل سلبية نتائج اللقاء وحده كما وردت في كلام العربي. والأهم استثمار هذا اللقاء وصناعة حدث مهم منه في مسار قضيتنا، وأحد وجوه الاستثمار وصناعة الحدث وإدارته أن نستغل إقامة فعل سياسي بارز ولافت للقضية في الخارج فإن لم نحصد نتائج ايجابية سنحصد تركيزا اعلاميا واهتماما ومتابعة من الاطراف الخارجية وهذا ما تحتاج اليه قضيتنا في هذه المرحلة الحساسة إلى ذلك فهناك استثمارات عدة كانت ستكون لهذا اللقاء لو صنع حدثه جيدا وتم الإعداد له وإدارته كما يجب ومنها مثلا : لو تم لقاء موسع لممثلي الثورة الجنوبية مع هيئة عربية ذات مرجعية كان سيعطي رسالة ضمنية قوية بالاعتراف بهذه الثورة عبر اللقاء بمكوناتها. كذلك فإننا جميعا نعلم أهمية اللقاء في حشد عن اللقاء بفرد. حيث أن الأول أي الحشد يكسب تعاطفا أكثر ويلفت انتباها اكبر ويعدد صيغ الطرح وتنوعه مع وحدة هدفه ورسالته، ويركز عليه إعلاميا كمحفل وليس كلقاء عابر خصوصا في ظرف يحتشد فيه الشعب المصري في الميادين وأخبار حشوده تغطي على أي لقاء أو فعل آخر مهما بلغت أهميته وأظن هذه إخفاق آخر في تقدير صناعة حدث متميز في هذا التوقيت وفي القاهرة بالذات التي لا يلتفت في هذه الأيام لأي حدث سواها. ومن جانب آخر وهو جانب يجب الوقوف والتفكير فيه ، ربما كل المنخرطين في العمل الثوري السياسي لمسوا توجهات ما يطرح من قبل المجتمع الدولي والعربي والإقليمي كما لمسنا حينما يتم اللقاء بجهاتهم أو مندوبيهم يذهب طرحهم بما فحواه : لعلنا نسلم باعترافنا بقضيتكم ومطلبكم في الاستقلال والتحرير ولكن لن نقبلها من طرف واحد، -هكذا يقولون- نريد من مكونات ثورتكم رؤية موحدة وقيادة موحدة وهدف موحد. أي أن أي جهة دولية كانت أو عربية أو اقليمية لن تقبل مخاطبة طرف فقط ممثلا عن الثورة الجنوبية ولن يؤثر فيها هذا الطرف أو ذاك منفردا. إلى ذلك علينا ألا نقفز على الواقع فنحن مازلنا في ثورة لها مكونات وقوى ولسنا في دولة حتى نمثل بوفود رسمية من الموظفين. كما أن ذروة ما وصلت إليه القضية الآن تحتاج الى عمل سياسي يناط باحترافيين ومتمكنين يستطيعون إدارة لقاء والوصول برسالته وغايته إلى حد بعيد. ولقد رأينا كيف أن التصريحات التي صدرت من مرافقي الرئيس البيض بعد اللقاء ليس لها علاقة بالعمل السياسي المحترف: أحدهم يصرح بأن الرئيس بهذا اللقاء يكون قد طرق كل أبواب العالم!!! والآخر يعلن أن هذا اللقاء قبل الأخير لتسليم مقعد دولة الجنوب السابقة للرئيس علي سالم البيض!!! يا للكارثة والخطاب!.
هناك ما هو أهم في صناعة الحدث وإدارته لو تم ولكنه غاب عن معدي هذا اللقاء ألا وهو أن اشراك طيف واسع من قوى الداخل الحاملة لهدف التحرير والاستقلال كان سيدفع بثقة في صفوف الداخل بأن الرئيس البيض يزن خطواتها بما يحقق مصلحة وحدة الصف الجنوبي وإظهار زخمه للعالم وعدم اقصاء شركائه وأنه قائد للجنوب كله وليس لفئة حصرية تبدو أحيانا وكأنها ليست مقودة من قبله وكل خوفي أن تتآكل شعبيته بين أوساط الجنوبيين الذين علقوا امالا كبيرة على قيادته بسبب خبط عشواء مكتبه وما يقترفون!!! أقول هذا لحرصي على حضوره المهم وتثميني لموقفه الثابت مع شعبه وثورته.