يهل علينا هذا الشهر الكريم بنعمه وخيراته من كافة النواحي فما إن مرت خمس ليال من رمضان حتى طل علينا السيد علي سالم البيض مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي في لقاء أقل ما يمكن وصفه بأنه خطوة تصعيدية على الصعيد السياسي والخارجي ، لكن يبقى السؤال المحير متى سنرى خطوات تصعيدية على الصعيد الحراكي الداخلي ؟ ومتى سنرى القضية الجنوبية تنتقل من حراك شعبي إلى ثورة تحررية بمعنى الكلمة ؟
في مقامنا هذا ليس حديثي عن الحراك الجنوبي وما وصل إليه ولا عن قيادة الخارج وما تصبو إليه على الرغم من أهمية هذا الأمر ، لكن حديثنا عن الطرف الآخر والشريك الغاصب والملك الظالم المحتل وأعوانه .
يصف لنا ربنا جل في علاه في محكم تنزيل قصة سيدنا موسى عليه أفضل السلام مع سيدنا الخضر عليه السلام في سورة الكهف حادثة نقتبس منها ما يشابه واقع حالنا في الجنوب ، فقد قال تعالى في الآية الواحدة والسبعين :
} فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا { ، ليوضح بعد ذلك مبينا سبب خرقه للسفينة في الآية التاسعة والسبعين } أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا { .
الشاهد هنا أن الخضر عليه السلام لم يقبل ذلك المشهد حينما يكون هناك مساكين يملكون سفينة ومنها معاشهم ورزقهم فيأتي ذلك الملك الظالم ليأخذ السفينة غصبا عنهم ، فما فعله الخضر وببساطة أعاب هذه السفينة لعله بذلك يصرف عين الملك ويده الباطشة عن هذه السفينة .
إن حالنا اليوم كجنوبيين وبعد كل هذه الفترة من الحراك الشعبي السلمي بإيجابياته وسلبياته طيلة الأعوام الماضية ننتظر وبفارغ الصبر نقلة نوعية لحراكنا لنصل سويا إلى ثورة تحررية حقيقية يتحرر فيها الإنسان من التبعية للغير قبل التحرر من الاحتلال اليمني الغاشم ، لنصل لمرحلة كره أبناء الشمال لهذه الوحدة المغلوب على أمرها بعد تخطينا مرحلة كره الجنوبيين لها أو بالأصح بعد أن ماتت ودفنوها منذ أربعة وتسعين .
هل من الممكن أن نعيب هذه الوحدة وتصبح سلعة غير صالحة وغير مرغوب في استمرارها لكافة الأطراف حتى العربية والغربية منها ؟
ومن هو الرجل الصالح الذي سيعيب هذه الوحدة ويضرب الضربة القاضية لإنهائها ليس لمصلحة شخصية يسعى لها ولا لغرض إغراق راكبيها بل هو ذاك الحل الذي سينقذ شعبا بأكمله لم يعد يبقى منه غير نفسه الذي يبقيه حيا للحظة .