عبَر التصعيد الإرهابي لمليشيات الإخوان والعناصر الإرهابية المتحالفة معها في الجنوب عن أن هناك محاولات حثيثة من جانب الشرعية الإخوانية لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء مجددا والانقضاض على الواقع السياسي والأمني في الجنوب بعد أن وجدت نفسها طرفًا محاصرا في حين يتمتع المجلس الانتقالي الجنوبي بوضع سياسي ودبلوماسي أتاح له أن يقنع المجتمع الدولي بأهمية حضور الجنوب في أي مفاوضات سلام مستقبلية.
تحاول الشرعية الإخوانية التراجع عن التزامات اتفاق الرياض وتحشد قواها المختلفة لتجاوزه وذلك ضمن تحالفات تقودها مع المليشيات الحوثية التي تدرك أن عودة حكومة المناصفة إلى العاصمة عدن وممارسة أعمالها تعد أول خطوات إنهاء حربها التي تستمر للعام السابع على التوالي، وهو ما يترجم تصاعد موجة العنف في عدن.
تسعى الشرعية بكل قوة للتأكيد على أن العاصمة عدن تواجه أزمات أمنية وسياسية بما يزعزع ثقة الأطراف الدولية التي توافدت على عاصمة الجنوب طيلة الأشهر الماضية لحث الشرعية الإخوانية على الالتزام باتفاق الرياض وتضمنت العديد من المحادثات عن مشاركة الانتقالي باعتباره ممثلا عن قضية الجنوب في أي حلول سياسية مستقبلية.
تهرب الشرعية من الضغوط الواقعة عليها عبر استخدام العنف وإشهار سلاح الاغتيالات الذي قد يحقق لها أهدافها، إذ أنها تستهدف خلق فراغ في المناصب الحكومية التي جرى التوافق عليها في اتفاق الرياض وهو ما يجمد خطوات الشق السياسي من الاتفاق الذي جرى تنفيذ الجزء الأكبر منه بتعيين محافظ عدن وتشكيل الحكومة، ليلحق بالشق العسكري الذي تُصر الشرعية على عدم تنفيذه.
غير أن كل هذه المحاولات لن تؤدي لإعادة عقارب الساعة للوراء في الجنوب وذلك لأسباب عديدة، على رأسها الدعم الدولي الجارف لاتفاق الرياض وتوالي الإدانات الدولية لقوى الإرهاب التي تورطت في حادث منطقة حجيف أمس الأحد، بل أن العملية الإرهابية الغاشمة قد تتحول إلى ضغط مضاعف على الشرعية بعد أن أضحت طرفًا متحالفًا مع المليشيات الحوثية وتعمل لصالح تحقيق أهدافه.
وكذلك فإن المجلس الانتقالي الجنوبي والذي يتمتع بحضور سياسي وشعبي وعسكري طاغي في الجنوب سيقف بالمرصاد لأي محاولات تستهدف الانقضاض على المكاسب التي حققها خلال السنوات الماضية ويتسلح في حربه ضد الإرهاب برصيد شعبي يدعم أي خطوات يتخذها للتعامل مع العناصر الإرهابية التي تهدد أمن الجنوب، ولديه من القدرة على تجاوز العمليات الإرهابية التي سعت مرارا وتكرارا على إضعاف أدواره في حين أنه واجه تلك المحاولات بمزيد من المكاسب السياسية والدبلوماسية.
والبعد الثالث والمهم يتمثل في وعي أبناء الجنوب لما يحاك ضدهم من مؤامرات وهو ما يجعل مساعي قوى الاحتلال اليمني للسيطرة على مقدراتهم وترويعهم لن يمر من دون أن يكون هناك حراكا شعبيًا يصد إرهاب تلك القوى، ولعل ذلك ما عبر عنه المغردون الجنوبيون عبر هاشتاج "اجتثاث الإرهاب معركتنا" ودعوا من خلاله إلى بتر يد الشرعية الإخوانية في الجنوب، وحليفتها مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، لتخليص الجنوبيين من محاولات الإضرار بالأمن والاستقرار.
*- المشهد العربي