تحاول مليشيات الشرعية بكافة السبل أن تعيد دوران عجلة الاشتباكات مع القوات المسلحة الجنوبية مرة أخرى بعد أن أعلنت موافقتها على وقف إطلاق النار في أبين وذهبت باتجاه تأكيد جديتها في تفعيل الحل السياسي ممثلًا في آلية التسريع السعودية لتنفيذ اتفاق الرياض، غير أن تحركاتها على الأرض تبرهن على أن هناك رغبة طاغية في أن تكون هناك فوضى لا تتوقف في الجنوب باعتبار أن ذلك يساعدها على تنفيذ مخططات قوى إقليمية معادية تبحث عن موطئ قدم بالجنوب.
تسير الشرعية في عدة اتجاهات متوازية بهذه الأيام، فهي تدفع عناصرها الإرهابية لاستهداف القوات المسلحة الجنوبية بصورة يومية في أبين وتحاول استفزاز المجلس الانتقالي الجنوبي الذي مازال متحكمًا في قرار ضبط النفس ويخمد نيران هذه الهجمات من دون أن يتورط في تصعيد قد تستغله الشرعية للتهرب من تشكيل حكومة جديدة.
الاتجاه الثاني يتمثل في إثارة الشرعية فوضى أمنية وخدمية بمحافظة شبوة، ويبدو أن الهدف من تلك الفوضى أن تجعل مواطني المحافظة يدورون بدوائر مفرغة بحثًا عن الأمن والماء والكهرباء بدلًا من التفرغ لمقاومتها، إضافة إلى وضع مزيد من العقد أمام الحكومة الجديدة حال التوافق على تشكيلها، ومحاولة تصدير رأي عام رافض للحكومة عبر إفشال مهامها وعدم تركها تقوم بواجباتها تجاه الأزمات التي تعانيها المحافظة القابعة في ظلام دامس منذ أيام.
أما ثالث هذه الاتجاهات فتتمثل في سعي الشرعية إلى عرقلة مفاوضات تشكيل الحكومة بالأساس، إذ أنها تتصارع على وزارات خدمية بعينها تجعلها متحكمة في إنجاح الحكومة من عدمه، تحديدًا وأنها ستكون حكومة كفاءات هدفها انتشال المحافظات المحررة من حالة الإهمال التي تعانيها في ظل فساد الشرعية الذي استمر لسنوات طويلة.
تحاول الشرعية من خلال مفاوضات تشكيل الحكومة أن تبعث برسالة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي والتحالف العربي مفادها أنها ستحاول قدر الإمكان إفراغ الحكومة الجديدة من مضمونها وأنها لن تسمح بتوجيه سلاحها ضد المليشيات الحوثية ولن تسحب عناصرها الإرهابية من شبوة وأبين، في محاولة لإفشال المباحثات من الأساس واستعادة الحلول العسكرية بينها وبين القوات المسلحة الجنوبية مرة أخرى.
يمكن القول بأن تيار قطر المهيمن على الشرعية يبحث عن فوضى خلاقة في الجنوب، لأن إفشال المباحثات السياسية يعني أنها ستكون هناك مواجهات عسكرية واسعة تستهدف بالأساس إدخال الجنوب في موجات جديدة من العنف واستنزاف القوات المسلحة الجنوبية بحيث لا تكون قادرة على مواجهة المليشيات الحوثية، وتفسح المجال أمام مزيد من التدخلات الإقليمية في الجنوب وهو هدف قطري تركي بامتياز تحاول الشرعية تحقيقه على أرض الواقع.
لكن في المقابل فإن القوات المسلحة الجنوبية وكذلك التحالف العربي لن يسمحا بتمرير ذلك المخطط ويحاولان بكافة السبل تفويت الفرصة على الشرعية لإدراكهما بحجم المخطط الذي يحاك من قوى إقليمية معادية، وهو ما ينعكس على انضباط المجلس الانتقالي الجنوبي في التعامل مع الخروقات اليومية للشرعية في أبين.
*- المشهد العربي