كنت في “حافتنا” الى قبل قليل، خرجت لابحث عن نسمة هواء تجفف العرق والرطوبة من على جسدي وجبيني، وشاهدت ما أدهشني ارتأيت ان انقله لكم، شاهدت عيال حافتنا من الشباب السعيد، وهم يجمعوا مبالغ صغيرة كل واحد منهم بما يقدر عليه، وانا اشاهدهم، وقد عادوا بحماس يشبكون الشارع وأركان الحي بأسلاك أضواء الزينة والأوراق الملونة، لينتزعوا أفراحهم بقدوم الشهر الكريم من تحت انقاض كارثة الفيضان، وانقطاع الكهرباء مع العلم ان انقطاعها اليوم في حينا مستمر من قبل الظهر حتى الآن، وانقطاع مياة الشرب من ليلة أمس الأول حتى الآن.
قاموا الشباب بحماسة منقطعة النظير فشبكوا اسلاك الإضاءة الملونة، وعلقوا شرائط الأوراق الملونة، تحت إضاءة ما تبقى من شحن في هواتفهم التي تنطفئ واحداً بعد الآخر، حتى استكملوها مستبشرين بإنهم يحتفلون بهذا الشهر العظيم (شهر رمضان) ومنذ أكثر من ساعة فرشوا في أحدى أركان الحي يتسامرون فرحين بتزيين حيهم كبقية أحياء وحوافي وشوارع مدينتهم، فرحين بإضواءهم التي لم تضئ بعد. وغير آبهين برطوبة الأرض التي يقعدون عليها في انسجام تام، وبتناقشون و(يتناجمون) بصواتهم العالية كالعادة، وينكتون لبعضهم، وتسمعهم بلهجات جنوبية متعددة، وبقهقهة عدنية مشتركة ومميزة، بسخريتها.
يالهم من عظماء، يالهم من عمالقة شباب، ويالك من مدينة عظيمة ياعدن.
اليوم أدركت ان حرب الخدمات التي تشعلها حكومة الفساد لن تهزمنا، طالما فينا روح هذا الجيل العظيم، فقد ذكروني هؤلاء الشباب بنفس الموقف ونفس الحماس، ونفس الظروف مواقفهم في 2015م حين كانوا في نفس الاركان يقاوموا الغزو الحوثي، بكل بسالة وبصمود اسطوري، مع الفرق ان معركة اليوم تختلف في الوسيلة عن معركة 2015م فقط ولهذا استبشرت خيرا وادركت ان عدن ستنتصر للجنوب لا محالة كما انتصرت للجنوب في 2015م.
أحمد الربيزي