الفساد، ونرمز له بحرف (ف)، أصبح منظومة متكاملة ومترابطة وذات تراتبية من القمة حتى القاع.
ولقد كشّر لوبي الفساد عن أنيابه خلال تولي هادي الرئاسة، وبدأ يرسم على شركات ومؤسسات القطاع العام بهدف تقويض عملها ومن ثم خصخصتها بطريقة ملتوية من محاربة القطاع العام وحرمانه من مستحقاته. وعدم وقوف الدولة ممثلة بالحكومة والنائب العام إلى جانب تلك المؤسسات.
أيام الرئيس عفاش لم يستطع أن يقضي على المصافي وشركة النفط الوطنيتين، أما منذ العام 2012م وللأسف، ونقولها بحسرة وألم، إن المؤامرة زادت وتيرتها، فألغت مهمة مصافي عدن وحاربت شركة النفط وزرعت بين التوأم (شركة المصافي وشركة النفط) ألغاما كثيرة تتفجر واحدة تلو أخرى، لكي يتم التدمير الذاتي والبيني بينهما أولا ومن ثم الانقضاض بكل هدوء لابتلاعهما من لوبي يتربص ويتخفى وراء أسماء وجُدر كثيرة. ولأنني مهتم بالوقوف مع القضايا العامة ودائما أحرص على حضور الوقفات التي تقام من مؤسسات الدولة لتعبر عن تظلمها مما يجرى عليها ومنها مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، وشركة النفط الوطنية، ويوم الأحد 22 ديسمبر تصفحت صحيفتنا "الأيام" الغراء فوجدت الإعلان بالصفحة الثانية لنقابات شركة النفط معلنين وقفتهم أمام المحكمة التجارية بعدن، فحضرت الوقفة متـأخرا قليلا، وعلمت بأن هناك في القاعة جلسة استماع بين الطرفين شركة النفط والشركة العربية للاستثمار (عفارة)، منشاة كالتكس المؤجرة لشركة عفارة من قبل شركة النفط.
والحقيقة أنني صدُمت حين لم أرَ ممثلا للنائب العام بمعية شركة النفط، حتى وإن وجدت دائرة قانونية في الشركة ومحامين خاصين بها.
فالنائب العام هو الحامي الأول وأعضاؤه والقضاء كذلك لحقوق الشعب والتي دفع عليها ولها الشعب أموالا ودماء وصانها عشرات السنين. والنائب العام ومنتسبو النيابة هم الأولى بالوقوف مع ممتلكات الشعب العامة (ممتلكات حكومية).
فبدون وقوف النائب العام عبر من ينتدبه إلى جانب محاميي الشركة، تظل مسألة حماية الحكومة للممتلكات العامة محل نظر.
فحماية المال العام هي أولوية الرئاسة والحكومة من خلال النائب العام عن الشعب. فالنائب العام هو المحامي الأول عن الشعب وحقوق وممتلكات الشعب.
دون أن نرى جديّة الرئاسة والحكومة والنائب العام للوقوف بوجه لوبي وأباطرة الفساد والذي أسسوا إمبراطورية (ف)، والذي يسعى لنهب المال العام والسطو بغير حق بالاحتيال من أطراف وبالابتذال من اطراف أخرى.
فستسوء الأمور ويعبث العابثون دون خوف من عقاب بكل ما تبقى من ممتلكات عامة ومنها شركة مصافي عدن وشركة النفط الوطنيتين والمنشآت التابعة لهما، وهما آخر ما تبقى من إرث جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
استعادة الدولة تتأتى باستعادة ما تم نهبه في زمن عفاش وبالحفاظ والدفاع عن ما تبقى في زمن التحالف والرئيس هادي.
دون الاستعادة لما نهب وتفعيله وكذلك الحماية والدفاع وتطوير ما تبقى، فالحديث عن استعادة الدولة سيظل ضرباً من التلهي لا غير.