تلويث التربة في شبوه دون رقيب أو حسيب
النفط في شبوه وفي محافظة حضرموت بدل من أن يكون نعمة على المواطن وتعويضه عن التلوث والأمراض المصاحبة لعمليات الاستخراج التي تتم دون رقيب أو حسيب على الشركات تحول إلى نقمة , بل يتم التواطؤ من قبل المحتل اليمني للسماح للشركات المنتجة بعدم الالتزام بالمعايير الدولية لحماية البيئة والانسان مقابل رشى يحصل عليها رجال الاحتلال المشرفين على شركات النفط .
محرر "شبوه برس" تلقى في بريده الخاص التقرير التالي ونعيد نشره :
يعيش سكان محافظة شبوة الذين يزيدون عن الـ 700 ألف مواطن على بحيرة كبيرة من النفط جعلت من محافظتهم مطمعاً لقوى نفوذ محلية ودولية كثيرة، ما أدى إلى جعلها ساحة حرب يُسحق فيها أبناء المحافظة من أجل إشباع رغبات قوى إقليمية تلهث لسرقة الثروات المدفونة في باطن أرضهم.
طمعاً في هذه الثروات اجتيحت محافظة شبوة مرات عديدة كان آخرها اجتياح أواخر شهر أغسطس الماضي لتخسر العشرات من أبنائها بين شهيد وجريح والمئات من المعتقلين الذي كان ذنبهم الوحيد أنهم دافعوا عن كرامتهم لا عن الثروات التي لم يستفيدوا منها شيئا فهم محرومون منها لعشرات السنين.
الأهمية الاستراتيجية
تعتبر شبوة من المدن الرئيسية الرافدة لاقتصاد البلاد بحوالي 25% من الموازنة العامة حسب الإحصاءات والتقارير الحكومية، حيث تنتج من قطاعاتها الثلاثة (عسيلان والعقلة وعياذ) ما يقارب خمسين ألف برميل يومياً، ويمثل حقل العقلة النفطي ثاني أكبر حقول النفط بالبلاد، إضافة إلى امتلاكها منفذا بحرياً يمتد لأكثر من ثلاثمائة كيلومتر. كما يعد ميناء الغاز في بلحاف على البحر العربي أكبر مشروع صناعي واستثماري في تاريخ اليمن، وكان يوفر إيرادات بنحو أربعة مليارات دولار سنوياً، النصف منها يذهب إلى الحكومة والباقي لصالح الشركات الأجنبية (فرنسية، أميركية). ويعتبر بلحاف أكبر ميناء لتصدير الغاز المسال في البلاد وقد بدأ الإنتاج فيه بشكل فعلي منذ 2009، وقد كلف إنشاؤه نحو خمسة مليارات دولار.
هذه الأهمية الاستراتيجية للمحافظة لم يستفد منها ابناؤها بشيء، حيث يعيش سكان مناطق الامتياز النفطي في حالة من الفقر المدقع مع ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية وأدى إلى تنامي حالة من اليأس لدى أبناء هذه المناطق من الاستفادة من ثرواتهم المنهوبة.
أين تذهب ثروات المحافظة؟
منذ ما بعد توقيع اتفاقية الوحدة إلى اليوم لم يجب أي مسؤول في السلطة المحلية بشبوة أو في الحكومات اليمنية المتتالية عن هذا التساؤل، إلا أن هناك قناعة لدى مواطني المحافظة أن ثرواتهم تذهب إلى جيوب الفاسدين.
يقول الناشط أحمد جار الله المشيعي: "في السنوات الأخيرة تفشت الأمراض، بشكل مخيف وخصوصا الفشل، الكلوي والسرطان و يعود السبب إلى الغازات المنبعثة بسبب إنتاج النفط من الحقول القريبة من مساكن المواطنين".
ويضيف المشيعي وهو من أبناء مديرية عرما: "لم تستفيد عرما شيئا إلا الطريق الإسفلتي الذي اعتمدوه من حصة المحافظة من إيرادات النفط الذي للأسف كان المفروض أن المقاول يبدأ فيها 6 شوال ولكن بتواطؤ السلطة مع المقاول لم يبدأ إلا قبل شهرين، ولم ينجز إلا خمسة كيلو متر فقط من أصل45 كيلو متر وبمعايير رديئة جدا والظاهر أن السلطة متورطة مع المقاول في صفقات فساد".
وكشف المشيعي عن 16 منحه طب، لأبناء عرماء من شركة omv يستولي عليها بن حماد الإصلاحي ويضع شروطا تعجيزية للمتقدمين من أبناء المديرية ويطيح بهم جميعا ماعدا اثنين فقط. وأكد أن المنح ستعطى لأعضاء الإصلاح أو مقربين منهم.
نسبة (20%)
تتسلم السلطة المحلية في المحافظة ما نسبته 20 % من إيرادات النفط المصدرة من حقول المحافظة بالإضافة إلى مبلغ 2 دولار عن كل برميل نفط يتم تصديره من حقول المحافظة، تقول السلطة المحلية إنها تذهب لصالح مستشفى عتق العام، ولكن المواطن لم يلمس أي تحسن في خدمات المستشفى وأغلب الحالات المرضية يتم معالجتها في مستشفيات خاصة أو في خارج المحافظة.
أعلن محافظ المحافظة محمد صالح بن عديو في شهر يوليو الماضي عن حصول المحافظة على 21143725 دولار وهي نصيب المحافظة من عائدات تصدير النفط لمدة عام كامل، و قال إنها ستحول إلى مشاريع تنموية تخدم المواطنين.
أنفقت السلطة المحلية ما يزيد عن 15 مليون دولار من حصة المحافظة من إيرادات النفط على مشاريع أشبه بالوهمية نظراً لقلة جودتها والملاحظات الكثيرة عليها مما ينذر بفشلها رغم التكلفة الكبيرة لها.
مسبب رئيسي لانتشار الأورام السرطانية
تعد الغازات المنبعثة نتيجةً لإنتاج النفط والغاز السبب الرئيسي لانتشار أمراض الأورام السرطانية في محافظة شبوة.
وبحسب إفادة د. صالح سالم المصواع المدير التنفيذي لوحدة علاج الأورام السرطانية بمحافظة شبوة، فإن الإجمالي العام لعدد الحالات المصابة بالسرطان (1149) حالة مسجلة لدى المركز إلى نهاية شهر يوليو من العام الجاري، فيما بلغ الإجمالي العام للوفيات (80) حالة وفاة، وبلغت عدد الجرع الكيماوية خلال العام الجاري (531) جرعة والإجمالي العام للجرع الكيماوية (1366) جرعة، إلى نهاية شهر يوليو 2019م.
فيما دول خليجية مجاورة بنت حضارتها عبر استغلال هذه الثروة فإن الجنوب العربي بشكل عام وشبوة على وجه الخصوص كان نصيبها من تلك الثروة هو الموت فقط، فمن لم يمت برصاص الغزاة وقذائفهم مات بالسرطان أو مات قهراً وكمداً من وضعه البائس.
وتبقى آمال وطموحات أبناء المحافظة في عودة دولتهم الجنوبية ليستعيدوا حقوقهم المنهوبة بالحديد والنار.