ألا ليت قومي يعلمون

2018-06-28 13:57

 

عندما يحتدم الصراع وتنتشر الفوضى وتفوح رائحة الدماء وينتشر الدمار من الطبيعي ان يحاول الانسان ان ينأى بنفسه عن مواطن الموت والدمار ويبتعد قدر الامكان عن اماكن الخطر وهذا حقة الشخصي في الحياة ..

لكن هذا الابتعاد لا يتأتى بسهولة الا في ظروف معينة وترتيبات مسبقة وفق ما تقتضية الحالة العامة السائدة في محيطه ومجتمعه وظروف الصراع الموجود حوله .

... و ما نراه اليوم من نزعة انفصالية في الجنوب لا يعدو كونه امتدادا للحالة التي شرحناها لأن هذا حق شرعي في ظل حروب طائفية ومذهبية لا تبقي ولا تذر .. هذه الظروف تختلف في جوانب وتتفق في احقيه الانسان ان يعيش حرا في وطنه آمنا على نفسه واهله.

ومواطن الاختلاف فيما سبق  هي :

▪ ان الجنوب (كان) دولة مستقلة ودخل في وحدة اندماجية بموجب اتفاقيات محددة.

▪ وان النظام في صنعاء احتل الجنوب عام 1994م بالقوة وشواهده قرارات مجلس الامن ذات العلاقة .

▪ وان الوحدة فشلت وما اتفق عليه لم يعد قائما بسبب حرب 94م .

▪ وان ظروف الحرب الحالية وما ترتب عليها من مآسي لا يمكن ان تساعد على اي شكل من اشكال الوحدة مستقبلا ..

������ هذه الامور مقبوله منطقيا وملموسة واقعيا ولم تعد خافية على احد بعد المقولة الشهيرة (عودة الفرع الى الاصل!) عندما تم ضم الجنوب بالقوة عام 94م .

▪ لكن الواقع الجديد الذي طرأ على ازمة اليمن  هو تدخل قوى اقليمية في الصراع  . وهذا التدخل له اسبابه وظروفه الخاصة لتلك الدول .. لأن لكل دولة مخاوفها الأمنية ومصالحها الاستراتيجية  التي تقاتل من اجل الحفاظ عليها , وتحالفاتها الدولية التي تفرض عليها ان تتدخل وفق اتفاقات ثنائيه اوعامة تتمثل في حماية للأمن العام الدولي مثل الحفاظ على السلم والامن العالمي وحماية الممرات الدولية والملاحة عبر البحار .

.. وبما أن لكل دولة هدفها  ولكل شعب حق يطالب به ليس  بالضرورة  ان تتوافق اهداف الدول مع رغبات الشعوب  وان تتحقق في وقت واحد لكل الاطراف .

ومطالب شعب الجنوب واضحة في تقرير مصيره  واهداف التحالف العربي واضحة ايضا في محاربة التمدد الايراني !!

لكن الخلط بين تلك الاهداف والرغبات غير منطقي في ظل الحرب !!

▪ على الجميع ان يعرف ان التحالف لم يأتي لتقسيم اليمن ولن يستطيع الا عن طريق  الأمم المتحدة او عبر تفاهمات ثنائية بين الفرقاء اذا تغيرت ظروف الصراع واصبح من غير المعقول استمرار اي شكل من اشكال الوحدة او رأى المجتمع الدولي ضرورة التقسيم لاغراض دولية لا نعلمها او استطاع الجنوبيون فرض امر واقع بشروطة.( مثل البدء في بناء المؤسسات الامنية وتطبيق القوانين وتوفير الخدمات الاساسية) .

عندها يمكن للمجتمع الدولي النظر في وجوب انفصال الجنوب واقامة دولة مستقله اذا رأى ذلك ضرورة لحقوق شعب الجنوب وينسجم مع توجهات العالم المسيطر والمتحكم في مجلس الامن .

▪ ان التفكير بالعاطفة لا يفضي الى تحقيق اي هدف ولن يعيد الجنوب المستقل بعد ان تم ( ذوبان ) دولة الجنوب السابقة في مسمى دولي  جديد حفظت وثائقة في مقر الامم المتحدة في نيويورك واعترف بشرعيته العالم حقا او باطلا. 

وبما أن القاعدة تقول : ماضاع حق وراءه مطالب

لذلك على الجنوبيين القيام بالآتي اولا ومطالبة الآخرين بما يريدون :

▪ عليهم ان يوحدوا صفوفهم وان يلموا شتاتهم ويقبلوا معارضيهم ويتفقوا على مشروع واحد وكيان سياسي واحد يمثلهم جميعا .

▪ أن يتعاملوا مع التحالف كما يجب وليس كما يريدون هم لان التحالف جزء من المنظومة الدولية واهدافه قد تكون  امتداد لاهداف المجتمع الدولي .

▪ ان يتخلوا عن التفكير السطحي والقروي واقصاء المعارضين وتهميش الكوادر المتعلمه والمؤهلة لقيادة البلاد .

▪ ان يتيحوا المجال لتوسيع المشاركة الشعبية والسياسية واستقطاب الكوادر المتعلمه والفعاليات المؤثرة على القرار السياسي والمجتمع المدني.

▪ ان يتخلوا عن الشعارات الجوفاء وعبادة الافراد وان يكون هدفهم هو الجنوب فقط .

 

بعد ذلك يمكن لهم مطالبة المجتمع الدولي ودول التحالف بالوقوف معهم ودعمهم في بناء دولتهم.

ان النظر بموضوعية للحالة الراهنة في الجنوب تحتم توحيد كافة الجهود ونبذ التخوين ومحاولة التماهي مع الواقع بما يخدم مصلحة الجنوب اولا بعيدا عن الشطحات والاستحواذ والانانية.

الجنوب ملك لجميع ابناءه سواءا كانوا في السلطة او المعارضة من كل الاطياف والتيارات وعلى الجميع المشاركة في بناءه .. ولن تقوم له قائمه الا بتكاتف الجهود ونكران الذات  وتقديم ذوي الكفاءة ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب تحت يافطة ضخمة مكتوبا عليها. (الجنوب لكل ابناءه) .

والله من وراء القصد

 

والسلام عليكم

27/6/2018