بين مارس ٢٠١٥م ومارس ٢٠١٨م متغيرات فرضتها الوقائع سواء تلك الدولية أو الاقليمية او المحلية فوصول الرئيس ترامب للبيت الأبيض واحد من أهم المتغيرات الدولية مع خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي ، ففي ثلاث أعوام شكلت المتغيرات الدولية تشكيلاً مختلفاً بما في ذلك حسم المعركة ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا والرؤية الامريكية تجاه الاتفاق النووي ونقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس.
أقليمياً مثلت مقاطعة قطر افرازاً لم تعرف له منطقة الخليج مثيلاً سابقاً وكشفت المقاطعة أجندات مختلفة منها ما يتعلق بالارتباط بالقوى الاقليمية الغير عربية كإيران وتركيا وهو ما انعكس على الأزمة اليمنية التي كانت في دائرة الاحداث في هذه السنوات الثلاث التي صنعت تحالفات جديدة وأفرزت واقعاً لم يكن معروفاً من قبل مارس ٢٠١٥م.
ليس جديداً الحديث عن القضية الجنوبية التي تم اقصائها عمداً منذ مؤتمر الحوار الوطني عبر تمثيل لا يعبر عن القضية الجنوبية، ولذلك كان من البديهي أن تسقط كل ما دُبر لهذه القضية مع استبسال المقاومة الجنوبية في عاصفة الحزم وثباتها عند كل المنعطفات التي مرت عليها.
اختطف اخوان اليمن الشرعية وكان لذلك تأثيرات بدأت في ابريل ٢٠١٦م باسقاط خالد بحاح وما يمثله من جناح حكومة التكنوقراط التي هي النصف الثاني من هيكل المؤسسة السياسية الشرعية المُنقلب عليها في سبتمبر ٢٠١٤م، اسقط بحاح ثم اسقط عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك وغيرهم في اطار عملية تفريغ للسيطرة على المؤسسة الشرعية التي وصلت الى التآكل على حد وصف تقرير الخبراء في الامم المتحدة الصادر في يناير ٢٠١٨م.
المتغيرات لا تتوقف باعلان الجنوب المجلس الانتقالي بل وصلت الى حسم المعركة (السيادية) في ٢٨ يناير ٢٠١٨م عند ذلك الحد لم تجد الشرعية غير التساقط بداية من الجبواني ثم الصايدي ووصولاً الى جباري.
لم يكن أحد في اليمن والاقليم والعالم يتوقع تصفية الحوثيين للرئيس صالح، ولم يكن أحد جاهز لما بعد ٤ ديسمبر ٢٠١٧م غير الجنوبيين فقط، وهنا اتذكر أن حواراً جمعني مع شخصية سياسية سعودية رفيعة بعد يوم واحد من تصفية صالح قال في نهايته: لم يعد أحد يستطيع التنبؤ بما سيحدث في اليمن غير الجنوبيين، هذه الجملة استحضرتها عندما كان السيد مارتن غريفث يتحدث عن أن المفتاح لحل الأزمة اليمنية الشاملة يبدأ من عدن وأن على الاطراف اليمنية ان تعي هذه المتغيرات أن ارادوا حلاً لأزمتهم.
للمتغيرات معطياتها التي لا يجب أن تصل للجنوبيين وغيرهم بالسلبية أو الايجابية فالمرحلة القادمة لها موجبات استحقاق فالسعوديين حققوا الهدف الأهم وهو ترويض ايران وما سيكون خلال شهر مايو ٢٠١٨م سيأتي بالحوثيين ككل القوى اليمنية الأخرى لطاولة التفاوض السياسية باهتراء وهشاشة وضعف أمام قوة سياسية دافعة عند المجلس الانتقالي الجنوبي هذه القوة ليست عسكرية بل معنوية بعد أن فرض الجنوب نفسه كمدخل للحل السياسي