أغدق النظام القطري ملايين الدولارات لتمويل مئات الحملات الإعلامية لتجميل صورته منذ يونيو 2017م، كل تلك الملايين من الدولارات لم تستطع أن تملأ ولو بعشرة أشخاص قاعة من قاعات الأمم المتحدة في جنيف على هامش اجتماع مجلس حقوق الإنسان، فلقد مكثت لولوة الخاطر المتحدثة باسم وزارة الخارجية القطرية تتحدث قرابة الساعة الكاملة لكراسي فارغة وطاولات نظيفة لم يكن هناك من أحد يستمع إلى السيدة لولوة الخاطر غير تلك الكراسي والطاولات، ولم تجد في نهاية كلمتها الطويلة التي عرضت فيها موقف النظام القطري من دول المقاطعة العربية من أحد ليصفق لها أو حتى ليتسلم منها نسخة من خطابها الطويل.
ما حدث للسيدة لولوة الخاطر وهي تمثل مؤسسة الخارجية القطرية أنها عاشت في (عُزلة) حقيقية كنتيجة سياسات النظام القطري الذي واصل إصراره على عدم الالتزام بالمواثيق والعهود التي أبرمها مع القيادة السعودية وتحديداً مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يرحمه الله، والعزلة التي وقع فيها النظام القطري في جنيف هي مجرد نتيجة لإفلاس النظام في الدوحة والتخبط في إدارة الملف مع دول الجوار العربية.
عندما كنت أشاهد على الهواء مباشرة السيدة لولوة الخاطر، تساءلت أين هم الصحفيون الأتراك والإيرانيون ونشطاؤهم العاملون في حقل حقوق الإنسان؟ لماذا لم يجاملوا القطريين في مناسبة دولية لعرض البكائيات واللطميّات المعتادة من نظام قطر منذ بدأت مقاطعة الدول العربية لها، فأين غاب الأتراك والإيرانيون؟ ولماذا تجاهلوا أن الدوحة دفعت مليارات الدولارات لتستدعي الجنود من تركيا وإيران لحمايتها أليس هذا موقفاً يستحق الظهور التركي والإيراني؟ الجواب أكثر بساطة عند كل الأطراف التي راقبت الدقائق الطويلة من حديث لولوة الخاطر للكراسي الفارغة، فكل ما تحدثت به لا يستحق الاستماع إليه وبلغة أهل الخليج (مأكول خيره) ولا يمكن تمريره مُجدداً فلقد ملَّ العالم من هذه السطحية والادعاءات والافتراءات والمزاعم التي لم ولن تتوقف في ذهنية من يدفعون بنظام قطر إلى معاداة محيطه العربي واستدعاء الأعاجم الذين تركوه وحيداً يحدث نفسه.
تواصل السوق المالية القطرية الهبوط وتواصل الاستعانة بالصناديق السيادية لتغطية العجز المالي الذي لا يتوقف، توشك قطر أن تفقد استضافة كأس العالم بسبب تحقيقات "فيفا" عن الرشى، فضلاً عن تقارير تتحدث عن عدم قدرة قطر على إنجاز المشاريع المتعلقة باستضافة كأس العالم نتيجة التراجع الاقتصادي، هذا التدهور الشامل اقتصادياً يستدعي توقفاً من قبل القيادة القطرية وإعادة تقدير الموقف غير أن عزمي بشارة ومن معه من المهيمنين والسياسيين القطريين يحاولون في كل المحافل الدولية التهرب من تهمة الإرهاب التي أصبحت واقعاً حقيقياً مكشوفاً لدى الجميع، حتى دول شرق آسيا لم تنجُ من مال الإرهاب القطري، بل إن ما تعرض له السفير القطري في غزة كان أكثر ما يُمكن أن يكشف أن السياسات القطرية لم تعد مقبولة في العالم العربي وعند الشعب الفلسطيني تحديداً.
منذ اندلاع الأزمة ثمة أربعة مآلات تنتظر الموقف الأكثر تعقيداً في المنطقة خلال السنوات الماضية، أولها تمسك قطر بموقفها الداعم للإرهاب، وهو ما يعني تكبدها مزيداً من الخسائر الاقتصادية والسياسية والأمنية، تلقي بظلال أكثر تأثيراً على أمن المنطقة برمته، وثانيها أن تدخل الأطراف في حوار سياسي ربما يفضي إلى حل مشروط للأزمة وهو أقل المآلات خسارة، ثالثها أن تجبر الخسائر المتتالية لقطر على تغيير موقفها بالاستجابة إلى مطالب الدول المقاطعة وهي الفرضية التي تحتاج وقتاً تشعر إزاءه الدوحة بأن لا ملجأ إلا الرضوخ شريطة أن تتحرك الرؤوس العاقلة في الداخل القطري وإبعاد العقول المدبرة -وإن صح التعبير- المخربة للبيت القطري وعلى رأسهم رأس الشر عزمي بشارة، وآخر المآلات ورابعها أن يبقى أركان البيت كما هو مع تحول في السياسات والرؤى لصالح الموقف المحافظ على الأمن القومي العربي.
وصلت قطر إلى أنها تتحدث للكراسي الفارغة بعيداً عن ما يختصر عليها هذا الشقاء والعناد، فالطريق إلى الرياض أقرب بكثير من جنيف ولندن وباريس وواشنطن، حالة الارتباك قادت إلى تخبطات متوالية بداية من الاستعانة بالأعاجم، ووصولاً إلى مخاطبة الكراسي الفارغة، ليس من الخطأ الاستدراك والوقوف عند ما وصلت إليه أحوال الدوحة من فشل سيحصده الشعب القطري الشقيق من اقتصاده ومن سمعته في الخارج، فلن يستمع أحد إلى قطر إلا جيرانها فقط عندما يأتي أهل قطر الذين نعرفهم بعروبتهم وشهامتهم إلى الرياض هناك سيجدون من يستمع إليهم بإنصات واهتمام واحترام، فالمطلوب من نظام قطر أبسط من كل التعقيدات التي مازال يمارسها بطيش من عزمي بشارة ودفع من أنصار القرضاوي.