في الحقيقة، لم تكن أحداث العاصمة عدن الأخيرة هي السبب الوحيد لتشظي الحزب، لقد كان هناك انقسام فعلي حاصل بين ساساته، سببه تباين الرؤى حول "الكيفية التي يدير بها الحزب نفسه في هذه الحرب من حيث "الموقع والأهداف" الى جانب كيفية علاقته بالتحالف"، وهذا الانقسام كان لايُراد له الظهور لما له من أثر على كينونة الحزب وسمعته السياسية، لكنه ظهر جلياً بعد أحداث العاصمة عدن الأخيرة عند فقدانه أهم أذرعه العسكرية التي كان يبنيها منذ ثلاث سنوات للسيطرة على المدينة، وموقف التحالف العربي الغير من هذا الأمر الذي سبب صدمة وقلق للحزب.
لذلك، هناك فريق يدفع الى التمرد على التحالف على رأسه "المملكة" الذي رأى أنها لم تعد تثق بالحزب وسياسته، وغير راضية عن أدائه في الجبهات التي يسيطر عليها، وقد قام هذا الفريق ببناء تحالفات مع أطراف يعتبرها التحالف العربي "مُعادية"، وهي من تدفعه لذلك الموقف .. وهؤلاء هم من يقطنون فنادق تركيا وقطر بقيادة توكُل كرمان وغيرها من القيادات الفتية في الحزب، وهو الفريق الذي يرى امكانية الحوار مع جماعة الحوثي والقبول بها كطرف سياسي، الى جانب رفضه الخروج من عبائة الإخوان تحت أي مبرر باعتباره من المبادئ والثوابت للحزب.
وهناك فريق لازال يؤمن بجدوى سياسة "تغيير اللون والجلد طبقاً لتغيرات المرحلة والمصالح" حتى يحقق بعض الأهداف والمكاسب، لذلك يرى هذا الطرف أن عليه الاستمرار بمجاراة التحالف خصوصاً "المملكة" والبقاء تحت طوعها ، وان يقبل "ظاهراً" كل توجيهاتا حتى يستطيع الحفاظ على ما هو تحت يده، الى جانب الخوف من أن يجد التحالف حليف آخر يحل محله..وهو الفريق الذي يقوده محسن الأحمر واليدومي وغيرهم من كهلة الحزب، وهو الذي صرح بفك ارتباط الحزب عن جماعة الإخوان قبل أسابيع ليُداهن ويُجاري به دولة الإمارات التي تعتبر هذه الجماعة جماعة إرهابية.
للعلم، هذا الانقسام لم يعد فقط بين قيادات الحزب، بل وصل الى مستوى قواعده ايضا، وهذا يظهر جلياً على مستوى الخطابات الاعلامية المختلفة لكلى الفريقين من خلال الوسائل الإعلامية التابعة لكل منهم، وحتى على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي التي تمثل القواعد الجماهيرية للحزب.
*- فؤاد جباري