في كل أصقاع الدنيا تعقد المجلس النيابية لفترة من الزمن وفي ظل انعقادها تناقش كل القضايا والمستجدات على الساحة الإقليمية، محل اختصاصها، وتقر القوانين والتشريعات التي يحتاجها الإقليم، مناط عملها، والتي تنظم الحياة العامة والخاصة في إطار قوانين تتوافق مع دساتيرها، وتحقق أهداف الشرائع التي يعتنقها من أجل استقرار الحياة وتحقيق الأمن والنماء للمجتمعات.
المجالس النيابية تقيم حكومات وتدين أخرى، بل وفي وقت الأزمات والنكبات لربما يتولى المجلس النيابي إدارة البلاد وتسيير الأمور وأخذ البلاد نحو التقدم والنماء، بعيداً عن الانهيار تحت وطأة الأزمات والنكبات.
بالطبع لأن من مهام أي مجلس نيابي، إضافة إلى مهامه التشريعية، تقف إلى جانب هذه المهمة مهمة أخرى، وهي مهمة الرقابة والإشراف على عمل الحكومة وإدارة البلاد وقت الأزمات والنكبات، بالطبع هذه مهام المجلس عندما يكون منتخبا بصدق ونزاهة من قبل الشعب، فيكون حاميا لمصالح الشعب.
أما المجلس التشريعي في دولة من دول العالم الثالث كبلادنا فإن اختيار أعضائه يتوقف على حجم ومكانة القبيلة التي ينتمي إليها المرشح أو علاقته بالحاكم وأعضاء الدولة والحكومة أو مساحة ما يمتلكه ويديره من التجارة والممتلكات والعقارات، لذلك فإن اختيار بهذه الكيفية يجعل العضو النيابي منحازا لمن كان السبب في تقديمه للمجلس واحتلاله هذا الموقع الذي كان حرياً أن يتقدم إليه ويناله صاحب الثقة من قبل الشعب، أما العضو الذي يتم اختياره بعد حصوله على أصوات حقيقية وبكفاءة عالية، ولكنه غير مرتبط بمجتمعه القبلي، وليس صاحب علاقات بالسلطة التنفيذية، وليس من ذوي الأملاك والتجارات، وبالفعل حصل على المقعد بنزاهة وحصل على ثقة الناخبين بكل جدارة، يكون صوته خافتا غير مسموع ولا يشكل ثقلا في اتخاذ القرارات، حتى لو كان عضوا نشطا جريئا، فيضيع صوته الناصح بين أصوات الكتل القبلية والجهوية كما يضيع الماء في وسط الرمال.
ووفق القانون والدستور، أي قانون الانتخابات واللوائح المنظمة له، فإن المجلس ينحل بانقضاء المدة المنصوص عليها في القانون، ويتم تشكيل مجلس جديد منتخب من قبل الشعب في انتخابات حرة ونزيهة.
ونعلم جميعاً كم من الفترات انقضت وشخوص الأعضاء مازالت متربعة على عضوية المجلس محولة المجلس إلى وظيفة يحكمها قانون الخدمة المدنية، فلا ينزل العضو إلا عند وصوله للتقاعد، ناسين أو متناسين أن المجلس يخضع لقانون السلطة القضائية.
واليوم نسمع همس انعقاد للمجلس أو محاولة للم شعث المجلس في العاصمة عدن، ونقول لمثل هذه الأصوات: الوطن والشعب بحاجة لمجلس يمثله ويلبي احتياجاته، ويكون رقيبا بل وسيفا بتارا في وجه التسلط والفساد، لا مجرد أعضاء يؤدون مهاما روتينية يتقاضون مقابل حضورهم الأجر والعلاوات على قدر حضور الجلسات، الوطن والشعب في ضوء المتغيرات الجديدة بحاجة ماسة لمن يعينهما على النهوض نحو البناء والأمن والاستقرار، والمجلس لم يكن عوناً قط للبلد، والإنسان فيه ولم يستطع إخراج البلاد من الأزمات والكوارث التي مرت منذ عام 2011م، وحتى اليوم، لأن المجلس، وكما أسلف ذكره، موزع الولاءات بين القبيلة والسلطة التنفيذية وبين المال، فكيف لمثل هذا المجلس أن يكون صمام الأمان للأرض والإنسان في أي بلد كان؟!
لهذا فالبلد اليوم بحاجة إلى مجلس منتخب بشفافية يمثل الأرض والإنسان، ولا يدين بولاء بعد الله تعالى إلا إلى البلاد والشعب، ولا يحقق إلا مصالحهما، ولهذا فلا بد من إجراء انتخابات حرة في المحافظات المحررة يمثلها، ولا نبقي المحافظات المحررة رهينة للمحافظات الواقعة تحت سيطرة المليشيات، فلنحافظ على الجسد الذي بدأ يتعافى ونسرع من عافيته، والجسد المريض نسعى لمعالجته دون أن نجعل علله تسيطر عليه وتنتقل إلى الجسد الصحيح.
لهذا حرياً بالسلطة البدء في إجراءات التحضير لانتخابات وتشكيل مجلس يشرع ويراقب ويكون عوناً لباقي السلطات حتى يتم استقرار الأوضاع وتلبية الحاجات المستجدة في ضوء المتغيرات الداخلية والدولية.
عصام عبدالله مسعد مريسي