عند كل منعطف خطير يمر به جنوب اليمن هناك من يحاول أن يذكرنا بمأساة الحرب الأهلية في 13يناير 1986م والتي راح ضحيتها الآلاف من خيرة كوادر و مواطني شعبنا , وهناك من يستحضر تلك الكارثة إما لاخد العبرة أو للتشفي أو لاستحضار الآم و أوجاع و جراح كاد البعض أن ينساها لغرض الإنتقام , والغرض من ذلك هو إرتهان أولئك القادة أو الزعماء لمشاريعهم الخاصة ولن أقول والوطنية فهم بعيدين عنها كبعد المشرق عن المغرب , الوطن أكبر من القبيلة أو الحزب أو أي فئة كانت , الوطن يتسع للجميع وفق الثوابت الوطنية و ميثاق شرف ألا وهو الدستور الذي يحدد طبيعة العلاقة بين مواطنيه و مسؤوليه .
لنختلف في الطريقة وهذا أمر صحي , و لنقيم أربع فعاليات لإكتوبر أو غيرها وفي يوم ووقت واحد وهذا عمل حضاري و ديمقراطي , ولكن لتكن تلك الفعاليات تصب في مجرى واحد إسمه حقوق شعب اليمن الجنوبي ووطنه الذين ظلموا كثيرآ وحان الوقت لاسترداد تلك الحقوق المسلوبة وردع الظالم , في كردستان العراق أحزاب عديدة ومختلفة إختلاف جذري و فكري وفي جنوب السودان وفي كل بقاع الدنيا , من الليبرالي وحتى الشيوعي و السلفي وغيرهم , ولكن الجميع متفقين على إعلان دولتهم المستقلة وتقرير مصيرهم بأنفسهم , هذا الأمر يعتبر من المسلمات التي يجب عدم التنازل عنها أبدآ , قد نؤخرها أو نجمدها بسبب عدم توفر الظروف المناسبة لذلك ولكنها ستظل هدفا ساميا لابد من تحقيقه .
دعوهم يحتفلون كل على طريقته في كل ميادين عدن والجنوب وراقبوا الهتافات و الملصقات و كلمات القادة و الزعماء , حينها فقط ستعلمون توجهاتهم و أفكارهم و مشاريعهم وهل هم مع شعبهم ووطنهم أم مع مشاريعهم الخاصة و البحث عن المناصب والمكاسب , الان كلما ذكرت فلان أو علان من الزعماء أو القادة الوهميين الذين عاثوا بالبلاد و العباد فسادا وسرقة ونهب يستحضرون لك القبيلة و الشللية ليواجهوك بها فقط , فهذا هو سلاحهم الوحيد , شعب مازال يعيش بنفس طريقة و تفكير العصر الجاهلي الرديء , شعب مازالت حواسه معطلة عن الإبداع و الإدراك ومسخرة فقط للعيش كالانعام للأكل , إلا من رحم ربي .
لازلنا نكرر و سنكرر , إذا أردت الظفر بهذا الشعب و توجيه أينما تشاء , تلمس لمشاكله وهمومه و تقرب إليه و خصوصا في ظل هذه الأوضاع المعيشية المزرية , تحدث معه بشفافية وساعده بالنهوض فله دهرا من الزمن ملقى على قارعة الطريق جائع ومظلوم و ذليل و فقير ولم يستطيع النهوض من كبوته بعد , لا تأتيه أو تطلب مناصرته أو دعمه عندما تكون أنت بحاجته فقط وبعدها لن يراك إلا بالموسم القادم , أنصره ممن ظلمه و سرقة ونهبه ينصرك بروحه ودمه , سيخرج البعض من ضعاف النفوس وما أكثرهم في أيامنا هذه , سيخرجون حتى مع العدوا للبحث عن بضعة آلاف من الريالات عله يشتري بها غذاء يكفيه ولأسرته حتى لأسبوع قادم فقط , والبعض الاخر سيشتري بها قات وغيره وتنتهي القصة ليعود بعدها مرة أخرى لنفس مربع الضياع , رخص الوطن وضاع المواطن بسبب أنانية وغرور نخبنا السياسية و العسكرية و القضائية , ضاع العدل في أروقة المحاكم , وضاعت الرحمة و الشفقة من قلب القائد, وضاعت الوطنية و الاخوة من ضمائر السياسين إلا من القلة القليلة , وأصبحت تلك الوجوه النكرة تغطي عيوبها ببعض من المساحيق التنكرية الجميلة لخداع شعبها المخدوع دوما و أبدآ , ومع الأسف الشديد تنجح بخداعه في كل مرة .
لن تعود 13يناير , فيناير ذاك كان هناك جيشا و طائرات و مدفعية و دبابات و صواريخ وسلطة , يناير اليوم لا يمتلك أي من شروط ومقومات سالفة الذكر ولله الحمد و المنة , وكذلك دول التحالف لن تسمح بتفجير الوضع حتى لو تدخلت عسكريا وبصورة مباشرة إن دعت الحاجة لذلك , أربع محاولات لتفجير الوضع عسكريا بعدن وفشلت , كان آخرها بين الحزام الأمني و بعض من الجنود المتمردين من ألوية الحماية الرئاسية في القطاع الشرقي لعدن , ولم تستمر تلك المناوشات إلا لساعة أو ساعتين وكذلك المحاولات الثلاث السابقة , اليوم هناك يريد أن يعيش و يكرهون الموت وغير مستعدين بأن يضحوا بنفسهم وأقصد بذلك المرتزقة , وتلك المحاولات ماهي إلا لغرض الابتزاز للحصول على الأموال و المناصب فقط , وفعلا تحصل البعض منهم على الأموال والمناصب , ولكني أقول لهم لن تسلم الجرة مثل كل مرة , فقد تنكسر هذه المرة وصعب جبرها .