ما بعد استفتاء كردستان

2017-09-27 06:47

 

◀ استفتاء كردستان العراقية له ما بعده فاتفاقية سايكس بيكو قسمت الكرد على دول القوميات العربية والفارسية والتركية كارث لا وارث له ، لكن ثوراتهم لم تهدأ منذ ذلك الوقت فأصبحت المسألة الكردية بمثابة " مسمار جحا " غربي للضغط على الدول التي تقاسمتها . وكانت أكثر دولة عانت من المسألة الكردية هي دولة العراق .

لماذا ثار الاكراد وماذا قدم لهم العرب وبقية القوميات التي تقاسمتهم ؟

◀ لما كانت الرابطة اسلامية كان للاكراد تاريخ مشرف كأي قومية امتزجت في الدولة ذات الهوية الإسلامية .. وكانت لهم أيدي بيضاء ويكفيهم فخرا أن قضوا على الدولة الباطنية الفاطمية ، وأن صلاح الدين الأيوبي ودولة الايوبيين حملت راية تحرير القدس من الفرنجة .

◀ بعد الحرب العالمية الأولى اصبحت هوية دول سايكس بيكو وطنية عربية وكذا هوية دولة الفرس والاتراك ، فصار من حقهم أن يعتزوا بقوميتهم ووطنيتهم مثلهم مثل غيرهم فالكردي ليس ملزم أن يدرس إنجازات وتواريخ وأعلام ولغة القوميات الأخرى وله تاريخه وقوميته ولغته ورموزه التي يعتز بها .

◀ الاستفتاء هو الطوبة الأولى لنضال سيحقق للكرد هذه المرة دولتهم لكنه سيؤسس الطوبة الأولى لمشروع آخر !! هو تقسيم المنطقة على النموذج الكردي أو أقل منه .

◀ الاستفتاء ليس نهاية نضال بل بداية عمل دوؤب على القيادة والنخب الكردية أن تقوم به فالاستفتاء بحد ذاته لن يحق الاستقلال بل هو تفويض للقيادة الكردية بأن تستخدم كل الوسائل لتحقيق نتائج هذا الاستفتاء مشروع دولة كردية على الأرض .

◀ لم يجيئ الاستفتاء من فراغ وليس قرار كردي أحادي بل تمسكه وتثبته حبال من علاقات وتطمينات وضمان دعم نسجتها النخب السياسية والحقوقية والمدنية الكردية لامساكه وتثبيته ليقف بقوة أمام عواصف المعارضات من دول الإقليم ذات الشان .

◀ الاستفتاء لو وافقت عليه دول الغرب ، وهي بالفعل موافقة ، هو اعتراف بالخروج على محرمات اتفاقية سايكس بيكو التي ظلت خط أحمر مقدس ، يمنع الاقتراب منه ، ولقد رأينا كيف تعامل العالم الغربي مع صدام حسين في غزو العراق للكويت ذلك الغزو الذي شكل أو اختراق لتلك الخريطة من قبل قوة لم تصنع الخريطة بل صنعتها الخريطة . لكن اختراق الاكراد جاء متوافقا مع رغبة صانعيها لتغييرها لأنها لم تعد تحمي مصالحهم !!

 

إنها بداية تأسيس دول الأقليات أو دول تحالف الاقليات في المنطقة.

◀ قد لا تقبل النتائج الدول التي صنعت سايكس بيكو إعلاميا أو ستتظاهر بعدم القبول ، وستضع عقبات على كل الطرق امام القيادة الكردية لتحقيق مشروعها إلا طريق اسرائيل!!

 

لماذا إسرائيل ؟

◀ اسرائيل هي الغرب بثقافته ورؤيته ، وخط الدفاع الاول عن مصالحه في الشرق الاوسط ، وكل الحروب ابتدأ باجتياح بغداد هي لإعادة صياغة ورسم خريطة جديدة للشرق الاوسط تضمن المصالح السياسية والاستراتيجية والاقتصادية للغرب وتجعل اسرائيل جسما غير مرفوض ليس من الدول بل من الشعوب بدرجة أساسية .

◀ الفرس والاتراك يعلمون ذلك وإسرائيل موجودة في دولهم عسكريا واقتصاديا منذ تاسيسها . وتعلم ذلك منظمات الإسلام الحركي بكل طيفها الموالي لطهران والموالي لانقرة ، تلك الحركات والمنظمات جزء أساسي فيها بعلم اتباعها أو بدون علمهم ، كل تيار منها داخل فيها وفق رؤيته ومصلحته واعتقاداته في السيطرة ، هدف تلك الدول والمنظمات التي تتقاتل وتسحق حواضر مجتمع الاغلبية ، فالغرب يرى تماسكها مانعا لقبول إسرائيل والحركات الشيعية تسحقها لمصالح دولة طائفيتها والحركات السنية تعتقدها حوضن بعيده عن الإسلام أو جاهلية أو حتى كافرة ،

كلنا سمع كيف ضمن حزب الله خروج آمن لجماعات داعش من لبنان إلى سوريا برضى نظامها !!! .

 

الأنظمة العربية لاتجهل هذه الخريطة القادمة لكن كل نظام يعتقد أنه سيخرج بأقل الأضرار .

◀ لماذا ستوضع عواثر وموانع على طرق استقلال كردستان إلا طريق تل أبيب ؟

◀ مهما كانت عمالة الدولة العربية التي شكلتها سايكس بيكو وهي ذات انتماء سني بغض النظر عن التزامها أو عدمه ، فإنها لم تصل إلى تطبيع العلاقة مع إسرائيل وقبولها عضوا فاعلا في المنطقة ، والغرب يعلم أن المانع ليس تلك الأنظمة بل ثقافة مجتمع الأكثرية في تلك الدول ، وان أكثر دولة جراءة تعاملت مع إسرائيل كانت مصر ولم يخرج التطبيع خارج أسوار السفارة بسبب رفض المجتمع . وأما بقية الدول فلها علاقات تحت الطاولة لم تتجرأ أن تضعها فوقها خوفا من رفض مجتمعاتها

◀ النموذج الكردي سيكون قدوة للدول أو الدويلات القادمة التي ستكون أما دول اقليات قومية كالنموذج الكردي أو دول تحالف أقليات تمت التهيئة له بحرب لم تكن موجهة في حقيقتها ضد المنظمات المتطرفة بل ضد الحواضن السنية الرافضة ، تعرضت تلك الحواضن السنية لابشع انتهاكات وابادات وتهجير ولجؤ فتت صلاتها الضابطة التي كونتها هذه المجتمعات خلال مئات السنين وذلك لإحلال اقليات في المتسعات التي تعرضت لسحق الآلة العسكرية الغربية والشرقية تحت مسمى محاربة الإرهاب لتشكيل الخارطة القادمة

 

◀ كانت تجربة اللجؤ الفلسطيني غير إيجابية فقد خلقت مجتمعين في مناطق اللجؤ سوف يستفاد من تطبيقها مستقبلا ، فتجربة الدول والمجتمعات التي احتضنت اللجوء الفلسطيني قيدته وعزلته ولم تمنحه اية حقوق ولم تنصره وكانت أشد عليه مما يعامله به عدوه . فاللاجئ أو النازح يكون منفصل الجذور مهما كانت قيمته في مجتمعه قبل النزوح ، وستكون تجربة النزوح واللجؤ في الدويلات القادمة التي ستكون هويتها أقلية أو عرقية أو تحالف أقليات ستكون أشد صرامة ضد اللاجئ وقضيته حتى لو تساوت حاضنة اللجؤ بين اللاجئ والمضيف.

◀ منطقة العراق والشام تكاد تكون نسبة السنة 52% بينما مجموع الأقليات الدينية والمذهبية والقومية 48% وهي نسبة متقاربة ، والحرب على نظام الأقلية العلوية في سوريا أثبتت إمكانية صمود نظام الأقلية وانتصاره أمام ثورة الأكثرية اذا توفر له دعم خارجي وسماح باستخدام الإبادة المفرطة ، ويراد له أن يكون قدوة دموية ستقتدي بها إسرائيل ضد الأغلبية السكانية الفلسطينية أو الفلسطينية المتحالفة مع بقية العرب .

 ◀ لن يهم القيادات والنخب الكردية حصول استقلالهم عبر تل أبيب ، فللكرد علاقة قديمة مع إسرائيل فرضها الأمر الواقع الذي فرضته الحروب عليهم

وسيكون ذات الطريق هو طريق الاعتراف بدول الأقليات مستقبلا.