ما ينبغي أن يفهمه الجميع في الداخل والخارج أن القضية الجنوبية ولدت من رحم معاناة هذا الشعب الذي أعلن حالة الاستنفار مجددا عهده ووفائه لكل الشهداء الميامين على طول مسيرته النضالية التي أعقبت حرب الصيف الآثمة.
كل مظاهر الرفض لوحدة الاجتياح سوى تلك التي بدأها القائد عيدروس الزبيدي وكل رفاقه من خلال عدد من الحركات والتنظيمات الثورية مرورا بثورة الحراك السلمية وليس انتهاء بما سطرته المقاومة الجنوبية مؤخرا من انتصارات عظيمة، كانت جميعها تصب في حوض القضية الأم المتمثلة باستعادة الوطن المسلوب.
قد يقول قائلا: لماذا الآن محاولا الربط بين إقالة الزبيدي وبين الاحتشاد المليوني المنتظر في خميس العودة لشرعية الشعب، والإجابة بسهولة لأن حلفاء الحرب قد غدروا بتضحيات الشعب واعادوه إلى مربع الإجحاف والظلم والغطرسة مجددين سياسة قديمة لتمزيقه واثخان جراحه غير مدركين أن الظروف قد تغيرت وبأن الأرض لم تعد تعترف سوى بأهل الأرض، وأهل الأرض قد أعادوا النظر في أمر التحالفات التي بنيت على مصالحهم هم وخال لهم أنهم قد تمكنوا من كل شيء وعادوا لممارسة غرورهم وغطرستهم متناسين أن آلاف الشهداء لم يسقطوا للغرض الذي في نفوسهم، وبان غاية أسمى وهدفا أرفع وهبوههما أرواحهم الطاهرة الزكية، وهما قطعا القضية الأم والحق في تقرير المصير .
نعم حاولت بعض القيادات الجنوبية وفي مقدمتهم عيدروس الزبيدي مسايرة الأوضاع والظروف على أمل أن تتغير النظرة التقزمية تجاه معاناة الشعب وتضحياته عطفا على التضحيات الأخيرة غير أن نواياهم تكشفت يوما إثر آخر إلى أن بانت واضحة أمام الجميع.
لم يعد اليوم في متناول الشعب ما يستطيع أن يوهم به نفسه من نوايا طيبة من قبل تلك العصابات تجاه الجنوب وعليه أن يحسم أمره، وليكن ما يكن، ولن يكون هنالك ما هو أكثر قساوة مما عاناه خلال عقدين ونصف من الزمن.
السجون والرصاص والقصف والحصار والتنكيل ممارسات جربوها سابقا ولم تزد الشعب إلا قوة وإرادة، وجميعها ليست في متناولهم اليوم، وبأختصار نحن اليوم أقوى واصلب وعلينا أن ندخل في صلب ما نريده والآن الآن وليس غدا، فغدا يوما آخر.
*- جمال حيدره