في 2001م حاول تنظيم القاعدة ضرب العلاقة السعودية الأمريكية بعد أن نفذ الإرهابيون هجوماً استهدف برجي التجارة العالمي في نيويورك والبنتاغون في واشنطن، هذه العملية الأكثر قوة ينفذها التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ولم يعد خافياً العلاقة التي تجمع جماعة الإخوان بالتنظيمات الإرهابية «القاعدة» «داعش» وغيرها من التنظيمات التي تنتهج العنف، معضلة الجماعة هي أنها تحاول باستمرار الانقضاض على السلطة السياسية وهذا ما أدخلها في تصادمات منذ نشأتها في مصر على يد حسن البنا.
انتقلت الجماعة من الدعوة السلمية للإسلام إلى العنف بسبب تركيبتها الهيكلية التي تكمن في أن ولاء أفرادها للجماعة مُقدَّم على ولائهم للإسلام، بحيث تحوَّل الانتماء للجماعة إلى الأصل، والانتماء للإسلام هو الفرع، وإذا تعارضت مصلحة الجماعة مع مصلحة الإسلام قُدِّمت مصلحة الجماعة، وبرَّرت ذلك بأن الإسلام امتدح وحثَّ على العمل الجماعي، وأن التكاليف الشرعية لا تؤدَّى إلا في جماعة، وبالتالي تحوَّل هذا الانتماء إلى عصبية واقتتال لأجل بقاء هذه الجماعة.
تتمسك جماعة الإخوان بالأفكار الصلبة التي صدرت عبر روادها، ولا تحتمل القراءة النقدية حيال تلك الأفكار وإلغاء دور العقل في التأمل والتفكر والتجديد، وهذا يفسر صدامهم مع الواقع ورفضهم أي تجديد فكري، فالجمود قبل أن يكون عائقًا خارجياً لهذه التيارات فهو يشكل في الأساس عائقًا رئيسًا في فكر هذه التنظيمات، ومَن يحاول أن يخرج عن هذا الفكر يكون عقابه القتل، وهذا أيضاً يعود إلى أن الإخوان يعتمدون على العمل التنظيمي كأساس لذلك ينخرط أعضاء الجماعة في التجنيد العسكري الذي من خلاله يتم التلقين.
تتعصب جماعة الإخوان لأفكارها وترفض الحوار لتذهب إلى التصادم، حدث ذلك منذ وقت نشأتها في مطلع القرن العشرين المنصرم وظهر بشكل جلّي في صدامها في مصر وتونس واليمن كنماذج حيّة، وهي انقياد أفرادها لأفكار سيّد قطب كأكثر أصحاب الآراء المتعصبة والمتشجنة والأكثر رواجاً بين أفراد الجماعة، ومن المعلوم أن قطب يُعد أكثر الذين قاموا بتمويه الدلائل الواردة في الكتاب والسنّة، وهذا يقود إلى إصدارهم للفتاوى الدينية التي تعطي الشرعية لأفعالهم وفي هذا نماذج لا تُحصى منها الفتوى الصادرة خلال حرب اليمن 1994م والتي كفّرت اليمنيين الجنوبيين على اعتبارهم شيوعيين مُلحدين، وقد رد الشيخ ابن عثيمين على تلك الفتوى وأيّده الأزهر الشريف لما فيها من استباحة دم بغير حق.
ترى جماعة الإخوان استثمارها في المواسم الانتخابية لحاجة البسطاء من الناس ضرورة لها تأصيلها الشرعي توظيف الجماعة للأعمال الاجتماعية والثقافية والتربوية والاقتصادية لخدمة الهدف السياسي، وهذا الأمر كان حاضراً بشدة في المشهد الانتخابي، ما كشف عن فشلها الذريع في إدارة الملفات الحيوية للدولة، فكان وقع الصدمة على المواطن مؤلماً وشديداً، ويمتد إلى ذلك غياب فكرة الحوار لدى الجماعة مع الآخر والتسامح معه ولَّد - فيما بعد - فكرة التكفير داخل صفوفها، وأسَّس للعنف وظهور محاولات الاغتيالات لكل مَن يخالفها، حتى ولو في الرأي، وأخذوا ينظرون إلى المجتمع العربي على أنها مجتمع كافر.
كل هذا قاد جماعة الإخوان لتتقاطع بأفكارها مع أفكار الخُميني فالطرفان يجتمعان عند فكرة (الدولة الدينية) ويذهبان إلى إسقاط الأنظمة السياسية لأحياء (دولة الخلافة) فما بين التنظير البنائي والتطبيق الخميني تصبح إيران نقطة انطلاق نحو «الدولة الإسلامية» العالمية التي بحسب الأدبيات الإخوانية تنتظم في إطارها جموع الأمة الإسلامية «دولة الأمة» التي لطالما حلم بها حسن البنا وكل من تولوا قيادة حركة الإخوان المسلمين من بعده.
كما يفعل المرشد في إيران يفعل مرشد جماعة الإخوان تماماً، تحويل الأتباع إلى قَطيع يسير مُعطل العقل متوهجاً في عاطفته، لا يمتلك قراراً قاطعاً، قاد الجماعة أن تكون هي النسخة السُنية من النسخة الاثنى عشرية، وهذا يفسر تماماً أن الأوطان العربية التي احترقت من هبوب سموم الربيع العربي ستجد الأصابع الإيرانية فيها.