لمصلحة من التآمر على اقصاء الحراك الجنوبي ،كجهة مسلحة فاعلة على الارض من حضور مشاورات جنيف الدولية ،المكرسة اصلا لتبادل الاراء بشأن وضع آلية لوقف اطلاق النار في اليمن ،وترتيب مفاهمات بشأن حل سياسي قادم يجدول الجلوس بشأنه لاحقا .
ليس من مصلحة الامم المتحدة طبعا أن يغيب صوت الجنوب ،لأن الأمم المتحدة وجهت قبل نحو شهر دعوات حضور لبعض قيادات الحراك ،بل وجلس بعض مسؤوليها - اي مسؤولي الامم المتحدة - مع الرئيس علي سالم البيض في الرياض لاقناعه بالحضور ،ما يعني انها تعترف ضمنا بأهمية حضوز الحراك الجنوبي هذه المشاورات !!!
واعتراف الامم المتحدة في حقيقة الامر ليس جديدا ،فمجلس الأمن الدولي أشار أكثر من عشرين مرة في جملة قرارات صادرة عنه بالحراك الجنوبي كقوة فاعلة ومهم التباحث معها .
الامم المتحدة حينما رتبت لموعد جنيف قبل التعديل لم تدع الحراك فقط انما دعت كل القوى السياسية اليمنية للحضور ... قلنا حينها اذا كانت المشاورات بحضور القوى السياسية المنبثقة من رحم موفنبيك صنعاء فالله معها ،والحراك منشغل بالارض والمقاومة .
الرئيس عبدربه منصور هادي هو من تدخل لالغاء كل ترتيبات الامم المتحدة وألغى الموعد السابق لانطلاقها وحصر المشاورات في شرعيتين هما ( شرعيته وشرعية الحوثي ) باعتبار ان من يتقاتل على ارض الميدان - كما يفهم هو والمحيطون به - هم عسكر هادي على تعددهم وعسكر الحوثي على تعددهم ،وهو أمر غير صحيح جملة وتفصيلا ،ولا تدعمه الوقائع .
ولا مرية في ان الاحزاب المتواجدة بالرياض ،مختزلة هي الان في هادي ،وهو يمثلها في كل الاحوال ،كما أن علي عبدالله صالح وعسكره اختزلوا تماما في الحوثي شاءوا أم أبوا .. تبدو هذه المقاربة صحيحة ،لكن الحراك الجنوبي كحامل قضية شعب وثورة جماهيرية أضحت مسلحة اليوم أنطلقت منذ العام 2007م عصي عن الانصهار في شخص ينتمي لشرعية يمنية مرفوضة جنوبيا أصلا بل قام الحراك ،وقامت الثورة الجنوبية من أجل التخلص منها .
حينما حصر منصور الجهتين لمشاورات جنيف خاطب الحراك الامم المتحدة قبل اسبوعين من الزمان ،والرأي العام العربي باستعداده لحضور المشاورات بكونها ستمثل الثلاث الجهات الاصيلة في الحرب ،وهم هادي ،وشرعيته اليمنية المسنودة بالتحالف العربي ،والاحزاب اليمنية ،وتفريخاتها من جهة ،ومن جهة آخرى الحوثي وشرعيته اليمنية بضمنها ميلشيات علي عبدالله العسكرية والحشد الزيدي المناطقي ودعم ايران وروسيا الى جانب الحراك ،وقضيته الجنوبية بضمنه كل القوى الجنوبية المقاتلة والارض الواقف عليها ،وعلى أساس التشاور حول وقف الحرب ،والتباحث بشأن مستقبل سياسي آمن للجميع غير ان هادي ونائبه بحاح المتحدرين من أصول جنوبية ظلا مصرين على استبعاد الحراك من حضور جنيف مكتفيين بمقررات مؤتمر الرياض ،وتفويض الشرعية رغم ان الحراك الجنوبي بمكوناته قاطع المؤتمر ،وكانا على مقربة من قاعته رمزين جنوبيين هما الرئيس علي سالم البيض ،والسيد عبدالرحمن الجفري ظلا في منزليهما مكتفيين بمتابعة المؤتمر على شاشات التلفزة .
ان غياب الحراك الجنوبي ،والمقاومة الجنوبية تضعف أي قرارات لجنيف محتملة تختص بترتيبات ميدانية في الجنوب ،والايام القادمة ستبين ذلك على صورته السليمة ،وستدفع بالامم المتحدة على عدم الاخذ بكل ما يشير به الرئيس اليمني ان بقي رئيسا .
ان موقف عبدربه من أستبعاد الحراك لم يبتن على مصلحة وطنية أكثر منه شطط ،وقفز على الواقع ،ورضوخ لاملاءات بطانة سوء تتملك أمره ،وتتآمر عليه بخبث ،وتفقده اخر ارتباط له مع الارض حينما تجعله في مواجهة شعب الجنوب وجها لوجه ،ومعيقا لانتصار ثورته واحقاق الحق في ظل امكانات سياسية متاحة تمكنه الى أبعد الحدود أن يعمل اشياء عديدة دون الاخذ عليه بشي تحت أي طائلة .. ومن سيأخذ عليه ،والدنيا انقلبت راسا على عقب ؟؟!!!! .
* امين سر المجلس الاعلى للحراك الجنوبي