شروط الانتقال إلى مرحلة نتائج ‘‘ الحزم - الأمل‘‘

2015-05-16 09:00

 

حَزَمَ التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية عواصفه، فاتحاً الطريق للأمل والمسار الجديد في اليمن. وتبدو العناوين مجدية على مستوى التكتيك الميداني، إلا أن العمليات في عنوانها الأول أو العنوان الحالي ليست غاية في حد ذاتها بل وسائل لمرحلة انتقالية ما بعد الحزم والأمل. وهنا يبرز سؤالان لا بد من الإجابة عنهما: ما هي مسارات المرحلة الانتقالية أو مرحلة التهيئة وما هي شروط الوصول إلى نتائج العمليات القتالية وغاياتها؟

 

يجتهد المحلّلون في تلمس خريطة وقائع الحاضر، لعلهم يضعون أيديهم على تضاريس المستقبل الذي ينتظر هذه المنطقة الجغرافية وامتداداتها في رسم تضاريس الخريطتين السياسية والجغرافية. وعندما يعزم ذوو القرار على إرساء حل في الخريطتين السياسية والجغرافية لليمن، يجب ألا يغيب عن هذا الحل أن هناك تقريباً ثلاث قوى رئيسة تشكل الخطوط الأساسية لإحداثيات الحلول. إلى ذلك، يجب أن يُقرأ الحضور الواقعي لهذه القوى وتفاعلاتها ضمن اصطفافاتها المباشرة وغير المباشرة. والقوى هي:

 

- تحالف الرئيس السابق علي عبدالله صالح وجماعة الحوثيين، وقد شكل الجانبان عنواناً لاصطفاف مباشر ومعلن، يضاف إليه ارتباطهما باصطفافات غير مباشرة مع بعض الأطراف والجماعات ذات المرجعية المذهبية، أو القبلية، أو المناطقية. وفي ما يخص الأخيرة يمكن القول إن غالبية قاطني شمال الشمال تصطف على ضفتي الحوثي وصالح وذلك على خلفية جهوية وعلائق مجتمعية تتمثل في الأنساب والقرابات، يعمدها المذهب الواحد والشعور الجماعي بالخطر الوجودي. وهي تمثل المخزون الاستراتيجي كمعين بشري لرفد المعركة الحربية، كما قد تمثل ثقلاً سياسياً لحلف صالح والحوثي أثناء المعركة وما بعدها.

 

- منظومة النظام السابق، وتضم جماعات القوى التي ارتبطت بخطوط تعامدية وشؤون مشتركة ومصالح متقاطعة حيناً ومفترقة حيناً آخر، وشكّلت في مجموعها إدارة عناوين المشهد اليمني وتحكمت في مفاصله قبل عام 2011 والفترة التي تلته. وقد شاركت في إدارته في شكل مباشر عبر الفئات والجماعات المنضوية في هياكل السلطة الحاكمة، كـ «حزب المؤتمر الشعبي العام» وبعض جنرالات الجيش والأمن والشخصيات النافذة، ورؤساء المجالس التشريعية والهيئات التنفيذية وهيئات القضاء والضبط الاجتماعي، أو في شكل غير مباشر كالأحزاب التي زعمت المعارضة وتحديداً ائتلاف «اللقاء المشترك» ورأس سبحته «حزب التجمع اليمني للإصلاح» وبعض مشايخ الدين وشيوخ القبائل ورجال الأعمال وبيوتات المال التي تباينت مواقفها منه وفق الظروف والمصالح.

 

- الجنوب أرضاً ومقاومة. والجنوب كتوصيف جهوي يضم معانيَ تحيل إلى عناوين وقوى ومسارات. وقد تشكل التوصيف «المفهوم» وسط سياقات شديدة الخصوصية والاختلاف عن الشمال والقوتين الرئيستين المذكورتين سابقاً، عدا ما يخص «نشوء الدوافع» ونقصد بها أسباب ظهور مفهوم الجنوب وتوصيفه كقوة رئيسة ضمن فرز خاص، فيما القوتان أعلاه تصنفان «شمال» و»شمال الشمال» مقابل جنوب لا يمكن إغفال إحالاته وتصنيفه. فالأخير يحيل أولاً على دولة كانت قائمة بأرض وشعب وسيادة واعتراف وتمثيل كامل. ويحيل في ما بعد على سياق نشأ بعد إعلان الوحدة ومن ثم شن الحرب من الشمال على الجنوب عام 1994 وما تلاه من اجتياح عسكر قبلي مدعوم بالفتوى الدينية، رافقه سلوك احتلالي كما يصفه الجنوبيون، ويضيفون أن احتداد آلية القمع واشتداد تدابير «الجثوم» الشمالي على مقدرات الجنوب ونهبها وتقويض معالم دولته السابقة أحالا على أرض ملحقة بالشمال السياسي وشعب مهمش من المشاركة، ممنوع من التمكين، مؤجج بوتائر قهر واحتقان وغضب ظهرت على شكل حراك ثوري سلمي، تصاعد منذ 1997 خروج أول تظاهرة شعبية في المكلا عاصمة حضرموت سقط فيها شهيدان، وظل يراوح بين احتدامات علنية وحراك سري حتى وصل إلى لحظة الظهور معلن في 2007 لقضية غدت تعرف بـ»القضية الجنوبية» ولاحقاً «الحراك الجنوبي» الذي تختلف أدوات التعبير عنه التي يمكن إدراجها في سياق إعلانيين أحدهما يصدح بـ « استقلال الجنوب وتحريره وبناء دولته ذات السيادة الكاملة»، وهو الإعلان الأكثر شعبية وحضوراً ودعماً بين أوساط الداخل، وإعلان آخر يبدو أقل شعبية وأكثر خفوتاً في الداخل وينشط أغلب متبنيه خارج الجنوب في صنعاء أو خارج اليمن في شكل عام، ويقول بالفيديرالية بين إقليمين، ضمن مرحلة انتقالية يجرى بعدها استفتاء شعب الجنوب. وهذا الأخير لا مكان لطرحه في الجنوب، خصوصاً بعد العدوان الأخير لقوات صالح والحوثي. وعليه، فإن هذه القوة التي تعد محورية في أي مشهد أو حل لليمن لا يمكن القفز على خصوصيتها، علماً أن صمود أهل الجنوب وتضحياتهم أعطت زخماً لخطوة دول التحالف وعمليتي «عاصفة الحزم» و»إعادة الأمل».

 

* الحياة