■ هل كانت الأيادي مكتوفة ..؟!

2014-10-06 20:12

 

أثارت مفردات البيان الصادر عن الاجتماع الطارئ لوزراء داخلية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في جدة مساء الأربعاء 2 إكتوبر 2014 .. الكثير من الجدل و النقاشات في أوساط الحضارمة خلال معايداتهم .. في مدينة الرياض ـ العاصمة السعودية !!

   

لا لتوقيته الذي جاء متأخرا فحسب ، كما أشار الي ذلك بعض ضيوف الفضائيات التي تناولته .. ولكن لمفرداته التي جاءت وكأنها تريد أن تعوض الزمن المفقود الذي تمكن خلاله " جماعة أنصار الله " من قطع مساحة جغرافية تمتد من جبال مران في صعدة الي العاصمة صنعاء .. بعد التحول من جماعة متمردة الي حزب سياسي مشارك في العملية السياسية  .. بحسب خارطة الطريق التي رسمتها المبادرة الخليجية لتسوية الأزمة اليمنية عام 2011 التي مكنتهم من المشاركة في الحوار الوطني كتنظيم وقضية اسمها صعدة !؟

   

منذ صدور المبادرة الخليجية و حتى الزحف الي عمران ومن ثم صنعاء وأسر الدولة اليمنية برمتها .. او على الأصح ما تبقى منها ، هل كانت الأيادي مكتوفة ؟ لا بل هل لم يكن اليمن جزء لا يتجزءا من أمن دول الخليج العربية رغم أهميته  الجيواستراتيجية و البشرية ؟ ثم هل كانت الأوضاع المأزومة على كافة المستويات وفي ظل مؤسسات الدولة المنقسمة و الحكومة الكسيحة توافقيا تبشر بما يصون سيادته التي تآكلت و استقلاله ووحدته التي تلاشت  أمام الجميع .. واقصد هنا الدول الخمس الدائمة العضوية دول مجلس التعاون وتحت إشراف مساعد الأمين العام للأمم المتحدة السفير : جمال بن عمر .. تبشر بغير انهيار الدولة و ضياع الوحدة و الاستقلال .. و فتح  الممرات و الطرق المعبدة أمام التدخلات الخارجية  ـ بالأصالة  و الوكالة  ؟!

 

□ كل ذلك كان واضحا و يعمل جميع الرفقاء اليمنيون على توسيع دوائره لحسابات مناطقية و حزبية ولقوي خارجية تتعدى أهداف استراتيجياتها الجغرافيا اليمنية الي المحيط العربي و الأفريقي لفرض شراكتها على القوي و المصالح الدولية .. و إنا هنا لا اعني الجمهورية الإيرانية فحسب .. ولا ألومها فهي دولة لها استراتيجياتها و مصالحها وتتطلع الي أدوار كبيرة كما هو حال تركيا .. وما أريد قولة : كيف تركت إيران غير مكتوفة اليدين ؟! في الوقت الذي ظل الأشقاء يردون أمن اليمن جزء لا يتجزءا من أمن الخليج ؟.. وهذا هو السؤال الأهم ؟!

 

□□ لا أقول ذلك اليوم .. فقد كتبت عن أهمية اليمن للمصالح و الإستراتيجيات المتناطحة وفي صحيفة الثورة الرسمية و حذرت من مخططات " للبننة اليمن " وقبل الربيع او الخريف العربي ..لا فرق ، عام 2009 و حذرت في ندوات ومنها ندوات متلفزة يمنية وغير يمنية ، اتهمت يومها بالعمالة من البعض و الولاء للرئيس : علي عبدالله صالح من البعض الأخر ، و حوربت من مؤسسات داخل النظام تكشفت ولاءاتها الحزبية و المناطقية بعد فوضى الربيع  .. و لم يستمع يومها لطرحي احد رغم نذر الكارثة بل كان الاستماع أكثر لكتاب الإشادة و المدح و الخطابات السطحية من الذين يتحدثون عن الإحداث بعد وقوعها وينسبوها الي فعل وتدبير المؤامرات الخارجية  ؟!

 

مثل هؤلاء ليس محصورين في اليمن .. بل وعلى مستوي المحيط العربي و منهم الضيوف الدائمون على قنوات الفضائيات التي تناولت الاجتماع الطارئ لوزراء داخلية مجلس التعاون .. جميعها  في تقديري لم ترتقي لا الأسئلة و الإجابات لمعظم المتحاورين الي مستوي الدوافع و المخاطر التي وضع الحوثي المنطقة أمامها  بأسرة الدولة اليمنية .. وفرض شراكته في القرار السيادي ، وهو ما غاب عن تلك الحوارات التي لم تختلف في كثير عن مجادلات الحضارمة في لقاءات و مسامرات العيد .. وان كان هناك من استثناء فهو في تحليلات د. عبدالعزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية ، وهي تحليلات ليست بالجديدة لهذا الصقر .. ولكن قضية الاستفادة منها قد لا تختلف عن الاستفادة من إصدارات مركز الخليج !!

 

لذا نقول جاء اجتماع  وزراء الداخلية لدول مجلس التعاون متأخرا.. بوضوح و صراحة ، و كونه انعقد و صدر بيانه بتلك القوة و الوضوح  ومن دون تزويق او التفاف على خطورة ما يجري .. هو أفضل بكثير مما سبقه من اجتماعات و مؤتمرات تصدت للأوضاع المأزومة في اليمن  .. ولكن كيف سيتم تنفيذ ما تضمنه بيان اجتماع جدة في ظل واقع ما بعد اسر الدولة اليمنية ؟!

 

□□ التدخل العسكري مستبعد ..لا  بدرع الجزيرة و لا غيرها فاليمن ليس عضوا في مجلس التعاون وإن كان ما وصل إليه هو بسبب ذلك التأخير في حصوله على عضوية تفرضها الجغرافيا و الديمغرافيا هذا من جهة ، ومن جهة أخري سيبرر التدخل لإيران التدخل بقواتها المسلحة لمناصرة " أنصار الله "  كما فعلت في العراق و سوريا وربما سحبت معها قوي دولية .. إذا ما هي الخيارات التي ستطلق الأيادي المكتوفة ؟!

 

هناك خيارات محدودة ومن أهمها تخليص الدولة أولا من الأسر .. وذلك من خلال نقل العاصمة الي عدن .. وتعزيز قدراتها المؤسسية الأمنية و العسكرية وهذا جانب له تكاليفه المادية وحني السياسية ودون ذلك الحرب الداخلية و هي أكثر تكاليف من تكاليف تجزئة اليمن لا الي أقاليم بل دول على أسس مجتمعية و مذهبية قد تفضي الى ثلاث دول و لكنها لن تفضي الي استقرار سياسي و امني لا في اليمن و لا المنطقة .

 

الخيار الثاني .. الشروع في إقامة الأقاليم من خلال إعطاء السلطات المحلية صلاحيات كاملة لتشكيل قوات حرس وطني للأقاليم و لجان دفاع شعبي قابلة للتحول الي شرطة محلية  لمنع تمدد أنصار الله ومحاصرتهم مناطقيا لفرض قيام الدولة الاتحادية في أربعة او خمسة أقاليم على أسس اجتماعية و جغرافية بحيث يكون الشمال من إقليمين الي ثلاثة و الجنوب في إقليمين .. ولهذا تكاليف على دول مجلس التعاون تحملها ماديا و سياسيا قبل تفاقم الأوضاع و تمكين أنصار الله من مد نفوذهم الي المناطق النفطية و الممرات البحرية بما فيها البحار المفتوحة .. بوضوح أكثر بحر العرب ؟!

 

الخيار الثالث : تحالف دولي لضرب تنظيم القاعدة و أنصار الشريعة وهي قوة ربما يعتقد البعض في محدوديتها و لكنها قد تستقطب عشرات الشباب في المناطق الوسطي و الشرقية و الجنوبية ، وهذا جانب .. مفاعيله و معطياته متوفرة .. بل ربما هي القوة المتوفرة لمواجهة أنصار الله  .. ولكنها ستدفع باليمن في اتجاه السيناريو الليبي.

 

الخيار الرابع : تدويل الوضع اليمني بوضوح من خلال مؤتمر دولي .. على غرار مؤتمري جدة و باريس بخصوص العراق و سوريا الشهر الماضي ، و الذي نتج عنهما التحالف الدولي لضرب " داعش " وهذا له محاذيره و متطلباته ومنها تصنيف " أنصار الله" على قائمة الإرهاب وهو أمر لا يحظى بقبول أمريكي رغم تصنيف أمريكا لحزب الله اللبناني على قائمة الإرهاب وهذا يثر الكثير من التساؤلات حول العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية و الدور البريطاني في اليمن ؟!

 

أما محاذير هذا الخيار .. فهي كثيرة و على رأسها تقليص دور مجلس التعاون لدول الخليج العربية في ترتيب و تسوية الأوضاع اليمنية ، بل و إعطاء الدور الإيراني مساحة اكبر قد تتجاوز بكثير المساحة الجغرافية و الاجتماعية التي تستند إليها و عليها " جماعة أنصار الله " التي أعلنت إلغائها بل ورفضها أي تسوية وفق المبادة الخليجية وتمسكها المرحلي بوثيقة الشراكة الوطنية .. التي اشرف عليها السفير الأممي بن عمر.. ووقعت في ظل معارك إسقاط صنعاء وفي دار الرئاسة !!

 

□□□ هذه الخيارات ليست الوحيدة أمام الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي ، وحتما هناك غيرها من الخيارات وجميعها تكمن صعوبتها في تردد دول الخليج تجاه اليمن لا في رفض اليمنيين لها فضلا عن اختلاف الرؤى الخليجية تجاه ما يشكله الحوثيون من مخاطر إستراتيجية و عقائدية على الأمن الإقليمي ( الجزيرة العربية و القرن الأفريقي ) و بالتالي على امن الملاحة و التجارة الدولية و التدفقات النفطية الي الغرب عبر البحر الأحمر .. فإيران المتحكمة في مضيق هورمز جنوب الخليج تدرك خطورة إستراتيجية التدفقات النفطية عبر الأنابيب و البحار المفتوحة عليها، وهي إستراتيجية ليست وليدة اليوم ولا رؤية أمريكية معلنه أثارها عدد من المفكرين و الباحثين الاستراتيجيين مثل " مارك أندك و د. برجنيسكي وغيرهم من الأكاديميين و الباحثين في معهد راند و جامعة هارفرد و مركز بيكر.. منذ انهيار جدار برلين وانهيار المنظومة الاشتراكية .. التي تمت الوحدة اليمنية في أعقابها .. وظل اليمن يطالب بعضويته في منظومة " مجلس التعاون لدول الخليج العربية " التي ترددت في قبوله لأسباب ذاتية او لقيود فرضت عليها لكي يصل اليمن الي هذه الأوضاع التي فتحت الطرق و الممرات أمام هذه التدخلات الخارجية .. التي وضعت اليمن أمام خيارات صعبة ليس أهمها الحرب الأهلية و تقاسم إيران ـ الفارسية النفوذ في أهم منطقة للأمن و المصالح الدولية .. بعد كل ذلك هل تبقي الأيدي مكتوفة ؟!

 

□□□□ يبقي السؤال هل سيظل الحضارمة يتسامرون في مناسباتهم في جدال عقيم ومناظرات سطحية حول انتصارات الحوثي .. وما تناولته الفضائيات التي أتاحت لبعض الزعامات الجنوبية العتيقة الظهور و المطالبة باستقلال الجنوب ..وعلى حساب حضرموت لا الوحدة اليمنية كما قد يتبادر الي أذهان البعض من عيال حضرموت !؟ أم عليهم إدراك دورهم ويغادر جدلياتهم .. وليس الحوثي ولا أنصار الله بأفضل منهم إذا ما أدركوا أنهم ..حضارمة !

                            

*عضو المجلس المحلي لمحافظة حضرموت.