لبست مدينة الرياض .. حاضرة الجزيرة العربية و عاصمة المملكة العربية السعودية حلة من الفرح والزهو تحت ظلال الرايات الخضراء المطرزة بشعار الإسلام و التوحيد (لا إله إلا الله .. محمد رسول الله ) هذه الرايات و ذلك الشعار الذي اختاره الموحد العربي : عبدالعزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود و هو يعبر صحارى الدهناء في طريقة من الكويت الي الرياض ليستعيدها فجر الخامس من شوال1319ه الموافق 17يناير1902م .. كان هو يوم الفجر الجديد الذي أشرقت شمسه على جزيرة العرب بعد غروب طال أمده وتجزئة وصراعات إعادة أهلها الي قبائل متصارعة في كيانات متطاحنة .. دفعت بمختلف القوي الاستعمارية الي احتلال ثغورها و إطرافها .. بل وانتزعت من العرب دورهم و مكانتهم الاسلامية و الدولية الي حد التحكم في أقدس مقدساتهم واستثمارها .. مكة المكرمة و المدينة المنورة .. أي قبلة المسلمين و مدينة المصطفي محمد ﷺ التي انطلقت منها وحدة العرب و نشرهم لرسالة الإسلام في ربوع المعمورة .
□ فتح الرياض في تقديري .. هو يوم التوحيد الذي ما كان دونه ليتم توحيد أكثر من ثلثي جزيرة العرب في المملكة العربية السعودية في 23سبتمبر 1932 الذي يحتفل به الأشقاء و نحتفل به نحن أبناء الجزيرة العربية اليوم .. في ظل جملة من التحديات و المخاطر التي لا تقل عنها تلك المخاطر و التحديات التي واجهها ذلك القائد التاريخي عبدالعزيز آل سعود .. يرحمه الله.
ثلاثون عاما هي المسافة بين فجر فتح الرياض و اشراقة شمس المملكة العربية السعودية عشية الحرب الثانية في 23سبتمبر1932مليئة بالأحداث والمعارك العسكرية والسياسية لم تنل من همة هذا الرجل رغم مختلف التحديات و المخاطر وحتى العروض و الإغرائات الدولية لثنية عن هدفه .. ألا أنها لم تزده إلا تصميما على مواصلة كفاحه على مختلف الجبهات بما فيها الجبهة الداخلية ، التي اهتزت عدت مرات وهو قاب قوسين من تحقيق هدفه في سباق قاسى ومعركة اقسي مع عامل الوقت .. حيث كان في سباق مع المتغيرات الدولية وفي تقديره .. بحسب قراءتي لتلك المرحلة – ألذاتية ، و التي لا أجد مبرر لعدم التعرض لها في سيرة هذا القائد التاريخي من قبل بعض الكتاب لتجنبها.
وهو حنكة الملك عبدالعزيز .. في توظيف الصراع الدولي السابق للحرب العالمية الأولى .. وما رافقها و أعقبها إلي الحرب العالمية الثانية التي تم في ظل إرهاصاتها إعلان توحيد سلطنة نجد ومملكة الحجاز وبقية المناطق التي استطاعت همة هذا القائد إخضاعها لحكمه من خلال مسارين الأول ويتمثل في تحريرها من حكم أمراء العشائر و الثاني عن طريق توفير الأمن والاستقرار من خلال المساواة في المواطنة وعدل الشريعة الإسلامية .. بالإضافة إلي التسامح مع خصومة من حكام وأمراء العشائر في تلك المناطق المتناثرة على ارض جزيرة العرب .
□□ في ظل ظروف و صراعات دولية ..استعاد الرياض و بسط سلطانه على نجد .. ما كان ذلك ليتم لو لا الحنكة السياسية التي تميز بها والتي تمثلت في استغلاله لانشغال القوي الدولية بصراعاتها قبل وبعد الحرب العالمية الأولي 1914-1918التي شهدت سقوط امبراطوريات أوربية وأدت إلي تغير خرائطها السياسية .. في تزامن مع تغيير خارطة الجزيرة العربية .. القادم من فيافي الدهناء بعد توحيد قبائلها وحشد باديتها في اتجاه الحجاز .. المضطربة أوضاعها السياسية والأمنية حتى بويع في 8يناير1926 من قبل مجلس الشورى الحجازي و النخب و القبائل الحجازية .. ملكا علي الحجاز ولقب يومها بسلطان نجد وملك الحجاز .. لتعترف به قوي ما بعد الحرب العالمية الأولي ومنها الاتحاد السوفييتي وألمانيا و فرنسا وبريطانيا .
رغم ذلك الاعتراف .. التنافسي لكسب وده وربما النفوذ داخل الجزيرة العربية المطوقة من باب المندب في الجنوب الغربي و حني الكويت و العراق بالنفوذ البريطاني .. وفي ظل صراع قوي ما بعد الحرب الأولي الذي سبق الحرب العالمية الثانية في سبتمبر1939 تعامل هذا القائد بحنكة و أدراك لحجم و خطورة المتغيرات الدولية .. على ما حققه خلال ثلاثة عقود ليعلن وحدة المملكة العربية السعودية في 23سبتمبر1932 .
□□□ إعلان الوحدة ..لم يجنب المملكة السعودية مخاطر و أطماع القوي الدولية بل وجنبها أن تكون احد ساحات معاركها الشرسة وعزز استقلالها وعلاقاتها الدولية في لقاءه بالرئيس الأمريكي روزفلت في 14فبراير 1945علي ظهر الفرقاطة الأمريكية (كوينسي ) في البحيرات المرة بقناة السويس في إعقاب مؤتمر يالطا.. بين القوي المنتصرة في الحرب .
لتبدءا مرحلة جديدة من ترسيخ الوحدة السعودية على جبهة مختلفة .. هي التنمية والتحديث التي واصلها أبنائه سعود و فيصل وخالد و فهد و عبدالله .. ونشاهدها حية لا في هذه المدن وعمرانها المرفرفة في هذا اليوم على أعمدتها الرايات الحاملة لشعار التوحيد .. الذي خاض عبد العزيز معاركة تحتها ووحد المملكة في 23سبتمبر1932 بها .. لتتغير خرائط الجزيرة العربية يومها ويفرض على القوي الكبرى تغيير خرائط استراتيجياتها تجهها.
□□□ وحدة المملكة العربية السعودية .. ولدت عربية و لم تخضع لمخططات سايكس بيكو بل فرضت على راسميها تغيير مواقفهم أمام حنكة قائد من الصحراء العربية لا يجيد لغة غير العربية ولا لهجة غير تلك النجدية الأصيلة كأصالة الدهناء و العريقة كعراقة عرب الجزيرة العربية .
□□□□ اليوم و نحن نحتفل مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية .. رغم ما نعيشه في أوطاننا من فوضى و صراعات اختلفت أهدافها باختلاف القوي المحركة لها لا نقول لأبناء الموحد .. الوحدوي و أحفاده و شعبه الأصيل.. غير ان الجزيرة العربية ما زالت في حاجة الي استكمال مشروع و حدتها .. و الأمل معقود على مواصلة دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز.. للانتقال من التعاون الي الوحدة .. في يوم الوحدة العربية السعودية .
*عضو المجلس المحلي لمحافظةحضرموت..المكلا.