إقليمان أو ستة أقاليم .. الوضع الجديد المتغير

2014-08-13 05:42
إقليمان أو ستة أقاليم .. الوضع الجديد المتغير
شبوة برس - متابعات عدن

 

في الأربعة والعشرين عاماً الماضية أي منذ حوالي ربع قرن من الزمان نشأ جيل جديد تغير معه الناس وتغيرت معه سياسات الجنوب كثيراً، فأصبح الجنوب مختلفاً عما كان إبان حكم الحزب الاشتراكي.

 

إنني مع نظام الحكم الفيدرالي منذ عام 1993م وكنت قد أعلنت قبل حرب عام 1994م أنه بالنسبة لليمنيين جميعاً، و بالنسبة للجنوبيين و الشماليين كشطرين فإن النظام الفيدرالي يعتبر الحل الأفضل والوحيد للاستقرار في اليمن.

 

** الوضع المستقبلي **

 

والسؤال المطروح في ظل الظروف الحالية هو هل ستغدو اليمن إقليمين أو ستة أقاليم؟ في ظل الظروف الحالية المتغيرة نرى أنه من الأفضل أن تكون اليمن دولة مكونة من ستة أقاليم، وهذه هي الرؤية الفضلى لكونها قابلة للتطبيق في وضعنا الحالي، إلا أنه يوجد قصور ونقص في الدراسة العميقة والضرورية لتطبيق ونجاح هذه الرؤية للفيدرالية، وذلك القصور والنقص سوف يعرض نجاح العملية الفيدرالية للخطر، وسيضع أمامها الكثير من العراقيل والصعوبات.

 

** خطوات لابد منها **

 

ومن أجل نجاح العملية الفيدرالية يجب اتخاذ الخطوات الآتية:

 

(1) - الحدود الجغرافية السابقة للجنوب، والتي تم تغييرها بموجب مخرجات الحوار الوطني يجب أن تعاد إلى ما كانت عليه سابقاً (الحدود الأصلية السابقة)، وهذه الخطوة واجبة وضرورية حفاظاً على مشاعر الجنوبيين تجاه إخوانهم الشماليين، لأنه ومع الأسف الشديد فإن مشاعر الجنوبيين وصلت إلى مرحلة لن يكونوا فيها قادرين على تحمل الطرف الآخر في مناطق الدمج أو خلط الحدود وهذا الوضع سوف يؤدي إلى إثارة واستمرار المشاكل الحدودية وبذلك لن يستقر الأمن.

 

(2) - إنه وقبل أن تكمل اللجنة الدستورية مسودتها يجب أن تطلب رسمياً من كل إقليم أن يقدم آرائه ومطالبه الخاصة وأن يتم تأكيد هذه المطالب بالتشاور مع الأقليم ومن ثم تأكيدها في مسودة الدستور. وإذا لم يتم ذلك فإن حالة عدم الرضا سوف تستمر بين سكان الأقاليم مما سيؤدي بالضرورة إلى حالة عدم الاستقرار بين سكان كل الأقاليم.

 

(3) - وبالنسبة إلى عدن فإن وضعها الخاص يجب أن يكون واضحاً في الدستور وبالتفاصيل المطلوبة.. نذكر منها على سبيل المثال: أن يكون لدى عدن صلاحية دستورية لسن قوانين خاصة بها عبر مجلسها التشريعي فيما يتعلق بالمناطق الحرة وفيما يتعلق بالمشاريع الاقتصادية، وأن يكون لدى عدن محاكم خاصة فيما يتعلق بالمناطق الحرة والمناطق الاقتصادية وغيرها من الأمور.

 

(4) - إن اليمن الفيدرالية لابد أن يكون لها علمها الجديد بحيث يكون رمزاً لها ولابد أن يرمز إلى الجنوب كونه كان دولة مستقلة وله علمه الخاص به.. و بدون ذلك لا يوجد احتمال لإقناع أو قبول الشارع الجنوبي بالفيدرالية كما هي مطروحة حاليا، على الرغم من كل المحاولات التي تمت لإقناع الشارع الجنوبي بها.

 

(5) - إن جمهورية اليمن الفيدرالية لابد أن يكون لها نشيداً وطنياً جديداً، يرمز فيه إلى الجنوب مما سيكون له تأثير كبير على الشارع الجنوبي. فالعلم والنشيد الوطني الجديدان اللذان يعبران عن الجنوب سوف يهديان من الغضب الذي يملأ الحراك الجنوبي حالياً.

 

** لجنة عدن **

 

وقد قامت اللجنة الخاصة والمشكلة من القاضي فهيم عبدالله محسن، و المحاميان منير جراده و صلاح الدين حامد ومن قطاع رجال الأعمال خالد عبد الواحد نعمان وعدنان محمد عمر الكاف والصحفي المعروف الوطني باشراحيل هشام باشراحيل ومني كرئيس لهذه اللجنة، قامت بإرسال الجزء الأول من التوصيات إلى فخامة رئيس الجمهورية بواسطة الأخ محافظ محافظة عدن.

 

إن ما تم ذكره يعد مطالب رئيسة لمواطني عدن وأي شيء أقل من ذلك لن يكون كافياً لاستقرار وقبول الفيدرالية من قبل أغلبية المواطنين في عدن، وقد تم التعبير عن ذلك بشكل صريح مؤخرا وعلى المستوى الشعبي من قبل الشخصية السياسية والاجتماعية المعروفة أحمد محمد القباطي من بين شخصيات أخرى، فلابد من الأخذ بتلك المطالب لأنه بدونها لن يكون من الممكن لعدن - وهي قلب الجنوب إن لم تكن قلب اليمن بأكملها - أن تترك بصمة واضحة في العملية الفيدرالية، وبالتالي فإن خطة الفيدرالية كما هي بوضعها وشكلها الحالي لن تكون قابلة للنجاح.

 

** تساؤلات المواطنين **

 

لا نعلم من الذين مثلوا الجنوب في لجنة الحوار لماذا لم يفكروا بهذه المطالب والضروريات الأساسية منذ البداية وطوال فترة أعمال لجنة الحوار، فهذه اللجنة كان الهدف الأساسي منها هو طرح كل شيء ممكن لإقناع الجنوب بقبول الفيدرالية بدلا من الاستقلال وفك الارتباط، كما لانفهم لماذا لم يفكر المستشارون الأجانب وفريق الأمم المتحدة بذلك!!.

 

إنني أنبه من يهمهم الأمر جميعاً بأنه إذا لم يطبق بشكل دقيق كل ما جاء أعلاه ويعلن عنه بشفافية وبشكل واسع عبر الإعلام فإن خطة الفيدرالية كما هي حالياً معرضة للخطر.. والسؤال هو كيف حدث أن زملاءنا الأعزاء ممثلي الجنوب لم يتنبهوا لمثل هذه المطالب البديهية لمواطني الجنوب في ظل الظروف الحالية التي تمر بها الجنوب؟.

 

كلمة "الأيام" ورأيي:

 

إن في كلمة اليوم في صحيفة "الأيام" الغراء بتاريخ 9 أغسطس 2014م كتب نائب رئيس التحرير الآتي:

 

"الحالة العامة للجنوب بشكل خاص والبلد بشكل عام، فاليوم لاوجود لدولة تطبق القانون، ولا وجود للأمن، وخرجنا إلى وضع اجتماعي مزرٍ للغاية، ازداد الفقر، ازداد الجهل، تفتت الحراك بسبب عدم وجود قيادة له، وسعي القيادات التاريخية المريضة للعودة لكراسي الحكم".

 

أما بخصوص (سعي القيادات التاريخية المريضة للعودة لكراسي الحكم) في كلمة "الأيام" فإنني لا أشاركهم هذا الرأي. إن الأخوة علي ناصر محمد وعلي سالم البيض وعبدالله عبدالمجيد الأصنج وحيدر أبوبكر العطاس وعبدالرحمن الجفري مخلصون يريدون مصلحة الجنوب بموجب سياساتهم ووجهات نظرهم المختلفة سواءً كانوا صائبين أو مخطئين، ولا أحد منهم لديه طموح للكرسي ولا أحد منهم في وضعهم الحالي محتاج للكرسي، فإذا قبل أحد منهم مثلاً الأخ حيدر العطاس أو الأخ عبدالرحمن الجفري بمنصب معين فذلك يعتبر تضحية كبيرة منه. فنحن في حاجة ماسة للخبرة السياسية التاريخية المخلصة حتى يساعدوا الساسة من الجيل الجديد في المرحلة الانتقالية القادمة في جمع وتوحيد صفوف المجتمع المشتت، وهذا لايمنع الذين في الخارج من الاستمرار في نصحهم إن أرادوا .. فأهلاً وسهلاً بالأخ حيدر، نشكرك ونتمنى لك الصحة والعافية.

 

وحقيقة الأمر أن ما ذكر في صحيفة "الأيام" يوضح واقعنا الذي نعيش فيه ولا يوجد أي حل آخر حالياً إلا أن نقبل بالنظام الفيدرالي باليمن ومن خلال ذلك نعمل على تحقيق أهداف مواطني ولاية وإقليم عدن. فلدى عدن في ظل نظام فيدرالي جديد - يمنح لها الصلاحيات المطلوبة لإدارة شئونها بشكل كامل دون تدخل من السلطة المركزية ـ القدرة على تطبيق القانون في صالح الجمهور لضبط الأمن وتقليل الفقر ودعم الوعي بين المواطنين وخلق تماسك اجتماعي بين صفوفهم.. ففي ظل نظام فيدرالي جديد سوف تظهر بالتأكيد قيادات سياسية جديدة بين الشباب الذين يسيرون قدماً نحو الأفضل بالاشتراك مع عناصر مخلصة من المنظمات غير الحكومية ومن المثقفين المخلصين ذوي الخبرة.

 

فهدف لجنتنا هو تحقيق ذلك ونطلب من الله عز وجل أن يكون في عون الجميع حتى نستطيع الوصول إلى بر الأمان.. آمين.

 

* الشيخ طارق عبدالله المحامي - عدن

* الأيام