ضغوط الهاوية المالية تخفّض زخم الأسواق العالمية

2012-12-16 13:50
ضغوط الهاوية المالية تخفّض زخم الأسواق العالمية
متابعات

شهد الأسبوع الأول من ديسمبر الجاري فقدان أسواق عديدة بعضاً من الزخم الإيجابي الذي شهدته في شهر نوفمبر الماضي، ليس أقله، بسبب مخاوف مستمرة متعلقة بالهاوية المالية الأميركية -أو ما يمكن تعريفه بالأثر الاقتصادي لعدد من القوانين التي (إذا لم تتغير) قد تؤدي إلى حزمة من الزيادات الهائلة للضرائب الاتحادية وخفض الإنفاق والمقرر أن تصبح نافذة المفعول في نهاية عام 2012 و أوائل 2013 وينجم عنها خفض في العجز في الميزانية الاتحادية لعام 2013- والتي اقترب موعدها الأخير.

وجاء في التقرير الأسبوعي لبنك «ساكسو»: إذا بقي الوضع بدون حل، فإن مسألة الميزانية التي باتت ملحة سوف تؤدي إلى تخفيضات هائلة في الإنفاق وارتفاع في الضرائب، مما قد يعيد الاقتصاد الأميركي -وربما العالمي أيضاً- مجدداً إلى الركود.

أما أوروبا التي دخلت بالفعل في حالة ركود، فإنها تكافح لرؤية ضوء كثير في نهاية النفق بعد خفض البنك المركزي الأوروبي توقعاته المتعلقة بالنمو في منطقة اليورو لعام 2013 إلى أقل من 0.3 %.

وأثار التخفيض إمكانية مواصلة البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة على المدى القريب، وساعد على المزيد من انخفاض قيمة اليورو مقابل الدولار الأميركي، ما أدى بالتالي إلى إزالة الدعم عن السلع المسعرة بالدولار.

الطاقة الأسوأ أداء

نشر المؤشران الرئيسيان للسلع أنباء عن عوائد سلبية خلال الأسبوع، ما أدى إلى استمرار أدائهما عن الفترة من بداية العام وحتى هذا التاريخ يتأرجح حول الصفر. وشهدت المعادن الصناعية انتعاشاً قوياً في الأسابيع الأخيرة متلقية الدعم -في المقام الأول- من البيانات الاقتصادية المحسنة من الصين، أكبر مستهلك في العالم.

يجعل هذا الأمر الآن قطاع الطاقة القطاع الأسوأ أداء وقد أوجد -في المقام الأول- تأثيراً على أداء مؤشر كل من ستاندرد اند بورز وجولدمان ساكس للسلع، مع نسبة تعرض تبلغ حوالي 70 % لهذا القطاع. أما المعادن الثمينة فهي تسير خطوة بخطوة بمحاذاة الزراعة، مع أن الأخيرة تُدفع فقط وبشكل شبه كامل من قبل الأداء القوي للمحاصيل الرئيسية مثل القمح والذرة وفول الصويا.

وباتت السلع الأربع التي تحتل المراكز الأخيرة من حيث الأداء كلها من قطاع الطاقة وكان البنزين الأسوأ من بينها، وذلك عقب صدور بيانات أسبوعية عن المخزونات قفزت فيها المخزونات قفزة هي الأكبر منذ هجمات 11سبتمبر الإرهابية التي تعرضت لها مدينة نيويورك.

ساعد هذا الإنخفاض سائقي السيارات على الاستفادة من انخفاض أسعار بيع البنزين بالتجزئة في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياتها منذ 5 أشهر. ومرة أخرى، فإن هذه النقلة النوعية في مجال إمدادات الطاقة العالمية بسبب زيادة الإنتاج من أساليب الإنتاج المتقدمة في الولايات المتحدة سيكون له تأثير عميق على القدرة التنافسية بين المناطق والبلدان - مع استفادة قصوى للصناعة الأميركية والمستهلكين من انخفاض أسعار النفط الخام والغاز.

أسعار النفط الخام

وشهدت أسعار كل من (برنت وخام غرب تكساس الوسيط) المزيد من الانخفاض خلال الأسبوع على الرغم من أن تقرير تحسن الوظائف الأميركية قد ساعد على تخفيف وطأة الهبوط.

عموماً، فإن ارتفاع الدولار أزال الدعم بينما جاء ضغط البيع الإضافي من بناء أسبوعي آخر لمخزونات الطاقة في الولايات المتحدة، وخصوصاً البنزين الذي شهد أقوى ارتفاع أسبوعي منذ هجوم 11/9 الإرهابي. اندلعت موجة بيع أخرى بسبب توقعات صادرة عن البنك المركزي الأوروبي بشأن النمو الخافت في أوروبا تفيد بأن العودة إلى النمو قد تتطلب المزيد من الوقت.

وأعرب وزير البترول والثروة المعدنية السعودي، علي النعيمي مرة أخرى عن ارتياحه إزاء الأسعار الحالية قبل اجتماع أوبك في فيينا بعد غد الأربعاء، ومما لا شك فيه، فإن أوبك سوف تعمل على تخفيض إنتاجها الذي استمر في الإنتاج عند مستويات مرتفعة عدة أشهر وسط دلائل على أن العرض العالمي بدأ الآن يفوق الطلب، لا أقله بسبب استمرار الزيادة الحادة في إنتاج الولايات المتحدة الذي عاد الآن إلى مستويات لم يشهدها منذ نحو 20 عاماً.

على الرغم من أنه من غير المرجح أن يحدث في هذا الاجتماع، ومن المحتمل جداً أن مثل هذا الإعلان سوف يأتي في الجزء المبكر من عام 2013. ويسبب هذا تحولاً نوعياً في أسواق النفط مع إمكانية تعرض المنتجين التقليديين للخسارة التدريجية لنفوذهم. سوف تكون زيادة كمية الطاقة الفائضة جيدة للجميع، لأنها سوف تخفض تقلبات أسعار النفط وعلى الأرجح تمنع الأسعار من الصعود إلى مستويات أعلى في المستقبل المنظور.

وعادت أسعار نفط برنت الخام إلى ما دون 108.50 دولارات للبرميل خلال الأسبوع، وبات الآن من الممكن أن تستقر عند نطاق يتمحور حول 107 دولارات للبرميل مع خطر أن تُلقي تصفية آخر السنة الطويلة الأمد والتي يقودها التجار المضاربون مرة أخرى بوزنها على الأسعار.

المعادن الثمينة تنخفض

واصل قطاع المعادن الثمينة معاناته من بعض الركود في التداول مع وجود تداول ضعيف للذهب والفضة طوال الأسبوع، في حين أن البلاديوم لا يزال يواصل انتعاشه على مدى الشهر بأكمله على خلفية توقعات بحصول عجز هيكلي. وكان أداء الفضة غير جيد حيث بلغ سعر أونصة الذهب أكثر من سعر 51.8 أوقية من الفضة.

بلغ سعر تداول الذهب أقل من 1700 دولار / للأونصة، ولكنه تلقى دعماً نتج عن تعليقات أطلقها رئيس البنك المركزي الأوروبي رفع فيها احتمال خفض معدل منطقة اليورو في وقت مبكر من العام الجديد؛ ومع ذلك، فإن الشعور السائد بات أن العديد من التجار سواء من خلال العقود الآجلة -وخاصة صناديق الاستثمار المتداولة- قد تميلوا إلى الامتناع عن إضافة أي شيء عن المواقف السائدة أو حتى التقليل من التعرض مع اقتراب نهاية العام- ما يخلق رياحاً معاكسة قد تؤثر على الذهب والفضة والتي قد تستمر حتى أواخر ديسمبر.

ودخلت المعادن الثمينة في المزيد من نقاط الضعف يوم الجمعة عقب صدور تقرير الوظائف الأميركية لشهر نوفمبر والذي اتضح أنه أقوى مما كان متوقعاً مع استمرار معدل البطالة في الانخفاض-. هذا التقرير هو الأخير لهذا العام وهو عبارة عن المؤشر الأخير الذي يسبق الاجتماع النهائي للاحتياطي الفيدرالي الأميركي لعام 2012 الذي سينعقد بعد غد الأربعاء.

فول الصويا يتعافى

تمكن سلع فردية رئيسية، قليلة جدا، من تحقيق عائدات إيجابية، خصوصا فول الصويا الذي بدأت أسعاره تتعافي من عمليات البيع المكثفة بأسعار منخفضة شهدها في شهر نوفمبر، وهي فترة كانت خلالها المشاركة في عمليات الشراء الكثيرة التي قام بها مديرو الأموال قد بلغت أكثر من النصف.

وعادت الصورة الرئيسية في الآونة الأخيرة نحو الظهور على أنها داعمة على احتمال أن تكون المحاصيل في أميركا الجنوبية متدنية بسبب الأحوال الجوية السيئة. في الوقت نفسه، فإن صادرات أميركا من فول الصويا الأميركي التي التقطت أنفاسها لا تزال تحت خطر التعرض للإعاقة بسبب انخفاض منسوب المياه في نهر المسيسيبي، وهو الطريق الرئيسي للنقل من الغرب الأوسط إلى خليج المكسيك.