من سجين الى سجان, سجل حافل بجرائم الاغتصاب والقتل والاخفاء ..
غالب القمش من فلاح إلى شرف قائمة طويلة من الضحايا.. القمش أطول فترة رئيس استخبارات في العالم
رجل الظلام يغادر قلعة الرعب حاملا أسرار تاريخه الأسود
بعد انتظار طويل ومآس لا تنتهي ولا تزول، غادر رجل الظلام الأول في اليمن قلعته الحصينة والمرعبة بعد ثلاثة عقود ونصف من إدارة القلعة سيئة الصيت داكنة الصورة «الأمن الوطني سابقا» «الأمن السياسي حالياً» .. غادر وفي جعبته آلاف الأسرار الخفية وآلاف الأسئلة التي يخفي في أعماقه أجوبتها، وآلاف الحكايات الغامضة والمآسي والجراح، وأنين المعذبين وصرخات المحتضرين.
سر الأسرار وصندوق صالح الأسود
كيف تحول غلام « رهينة » في أحد سجون الإمام أحمد حميد الدين في صنعاء الى السجان والجلاد الأكبر والأشهر في البلاد طيلة ثلاثة عقود ونصف من الزمن؟! ما المؤهلات والمزايا التي منحته حق الوصول الى هذا المنصب الشائك، وخولته البقاء طيلة هذه المدة متربعاً عرشه وحصنه الحصين؟! ما سر غموضه حتى عن أقرب المقربين من العاملين معه فهذا نائبه اللواء علي منصور قال: هذا الشخص غير واضح وتحيطة الكثير من السرية.
" غالب مطهر القمش" المولود في منطقة خارف، محافظة عمران - في عام 1948 - عاش طفولته المبكرة في قريته "الأصياح" وتعلم القراءة والكتابة في «كُتّاب» القرية، كان أحد الغلمان الرهائن من أبناء قبائل حاشد الذين أخذهم الامام احمد لضمان ولاء قبائلهم له، وربما تشكلت في تلك الفترة رؤاه وتصوراته للحياة وتجسد لديه مشروع حياته الأول والأخير «سوبر سجان» بعد الثورة درس الاعدادية وانضم الى سلاح المشاة في الجيش ثم في قوات العاصفة وقوات المدرعات وتخرج من الكلية الحربية عام 1968 وعين مدرساً فيها ومن المفارقات أن سيرته الذاتية النادرة تقول إنه درس الثانوية بعد أن أصبح استاذاً في الكلية الحربية!!
في عام 1977 عُيّن أركان حرب الشرطة العسكرية وبعد أشهر قليلة إثر اغتيال الحمدي عين قائداً لقوات الشرطة العسكرية التي كان يرأسها القيادي الناصري "محسن فلاح" الذي تعرض للاعتقال والتصفية على خلفية حركة اكتوبر 1978 ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح؟
وهناك علامات استفهام كبيرة حول مشاركة القمش في عملية اغتيال الحمدي ، ويلف الغموض الترقيات المتسارعة التي حصل عليها بدءاَ من تعيينه قائداَ للشرطة العسكرية وصولاَ الى استاذ والى رئاسة الأمن الوطني وتكليفه القيام بدور المدعي العام للجمهورية، كما تثار الكثير من الشبهات حول دوره في كشف محاولة الانقلاب الناصرية، وبعد أن كان "محسن فلاح" قد حاول استمالة القمش للاشتراك في الإطاحة بصالح كون الاثنين في قيادة الشرطة العسكرية، مما جعل القمش يستغل معرفته بالحركة ويفشي أسرارها للرئيس صالح بحكم انتمائهما لحاشد - مما جعله يحظى بعد ذلك بثقة صالح المطلقة التي أدت إلى تعيينه قائداً للشرطة العسكرية مكنته هذه الثقة من اعتلاء عرش "الأمن السياسي" الوطني سابقاً بعد وفاة رئيس الجهاز في حادث مروري غامض لا يستبعد المحللون وقوف علي عبد الله صالح وغالب القمش وراءه وقد استمر في هذا المنصب حتى 7 مارس 2014، حيث أقاله الرئيس هادي وعينه سفيراً في وزارة الخارجية ومن المناصب الرسمية التي تولاها تعيينه وزيراً للداخلية منذ قيام الوحدة حتى أواخر عام 1993 الى جانب رئاسته للأمن السياسي، ومثل القمش طوال توليه رئاسة الجهاز سر الأسرار الغامض والصندوق الأسود لصالح وعلي محسن وآل الأحمر وحاشد بأكملها وعمل خلال هذه الفترة على حراسة نظام صالح ومحسن، والحفاظ على مصالح الرؤوس التقليدية ورعايتها، وإقامة علاقات وطيدة مع الشيخ الأحمر ومن بعده أولاده، وأصبح المتهم الأبرز بارتكاب انتهاكات حقوق الانسان في اليمن.
القمش يدشن حروبه السّرية
تسلم غالب القمش شؤون «جهاز الأمن الوطني» بعد تصفية محمد خميس فدشن القمش مسيرته القمعية بملفات ساخنة ومنها استكمال القمع والتصفية ضد الناصريين وكان يقوم بدور النيابة ورئيس المخابرات معاً، ورسخ منذ أيامه الأولى ظاهرة الاخفاء القسري التي ما تزال أسرارها غير معروفة حتى اليوم وما يزال مصير مئات المعتقلين على يد بلاطجة جهازه مجهولاً.
خلال فترة القمش الطويلة قضى عشرات المعتقلين الناصريين نحبهم تحت التعذيب ونفذت في بعضهم أحكام اعدام دون محاكمة شرعية وصفي بعضهم بطريقة سرية.
عصر تعذيب النساء
في عهد القمش برزت ظاهرة اغتيال النساء وتعذيبهن بصورة غير مسبوقة، في عام 1980 وهو العام الذي تسلم فيه القمش مهامه اعتقلت «درة الفاتش» في تعز وأذاقوها أشد أنواع التعذيب وقاموا بشنقها داخل السجن.. وأدعوا أنها انتحرت وفي 1982 تم اغتيال طيبة بركات بعد أن نالت قسطاً وافراً من التعذيب واعتقال أمينة محمد رشيد حيث داهم العساكر منزلها مع خيوط الفجر الأولى وبعد اعتقالها مات والداها حزناَ عليها أما هي فقد تعرضت للضرب المبرح والتعذيب الشديد حتى أصيبت بذبحة صدرية فأخرجوها وتوفيت على إثرها في المنزل.
أما أم حمير اعتقلوها وهي حامل في شهرها السادس وظلوا يعاقبونها كما قالت إنهم قاموا بتغطيسها في بركة باردة ولم يخرجوها إلاّ وهي متجمدة وضربها بأسلاك كهربائية وصعقها بالكهرباء وتعليقها برجليها الى سقف الزنزانة وعندما وضعت طفلها كانت تربط رضيعها الى بطنها وتذهب الى غرفة التحقيق.
وتضيف أم حمير في حديث سابق للمستقلة في احدى الليالي وفي الساعة الثانية ليلاً أحضروا زميلاً لي وكان متورماً من شدة التعذيب ثم أحضروا زوجته وقامت مجموعة باغتصابها أمامي وأمامه كي يعترف فأعترف أنني كنت أوزع منشورات كما كانوا يأتون إليّ بأشخاص يقولون إنهم ذبحوا ابني حتى يخوفوني.
قبول الورد امرأة أخرى قتلها رجال الأمن الوطني بطريقة بشعة لأنها رفضت أن تعطي أجهزة الأمن معلومات عن اخوانها وصبوا البترول على جسدها وأحرقوها هي وابنتها ومنزلها.
أمينة محمد قاسم اعتقلوها واقتادوها الى سجن الأمن الوطني ثلاث مرات وفي احداها كانت في حالة نفاس بعد الولادة حيث تقول،ادخلوني غرفة فدخل عليّ اربعون مسلحاً وجهوا بنادقهم نحوي ثم احضروا زوجي وقاموا بضربنا وجلدنا مائة واربعين جلدة واحرقوا 24 علبة كبريت فوق اصابعي واحرقوا السجائر على رقبتي وصعقوني بالكهرباء.
المرحوم عبد الرحمن سيف الذي غادر دنيانا في بداية هذا العام قال للمستقلة في وقت سابق: كسروا يدي ونزعوا أظافرها وغطسوني في بركة باردة وضربوني في كل أنحاء جسدي.
كان القمش أبرز رموز الحرب الشاملة التي شنها صالح ونظامه ضد اليسار والجبهة الوطنية في المناطق الوسطى، وخلال هذه الحرب امتلأت سجون الأمن الوطني بالمعتقلين ومورست ضدهم شتى ألوان التعذيب وقام القمش بتجنيد المئات من الضباط المنتمين للتيارات المتشددة ولعل ذلك التحالف ظل مستمراً حتى آخر أيام رجل الظلام ، رغم أن المدة التي قضاها على رأس هذا الجهاز تجعله أطول رئيس استخبارات على مستوى العالم.
بطل الفترة الانتقالية بلا منازع
بعد تحقيق الوحدة كان الرئيس صالح يدرك خطورة القمش باعتباره رجل المهام الصعبة.. فقام صالح بتعيين غالب القمش وزيراً للداخلية الى جانب كونه رئيساً للأمن السياسي.. لذا فلم يكن غريباً أن تتساقط رموز الحزب الاشتراكي وقياداته في مسلسل تصفيات إجرامية خلال الفترة الانتقالية وعندما شعر صالح أن مهمة الرجل قد اكتملت سحب منه وزارة الداخلية قبيل حرب صيف 94 بأشهر ليستكمل الجيش حينها تنفيذ المهمة المطلوبة..
لقد كان القمش وفقاً لمراقبين بطلاً للفترة الانتقالية أو الانتقامية بلا منازع.
المؤسس الرسمي للإرهاب
لعب الرجل بعد الوحدة دوراً محورياً في تأسيس القاعدة الصلبة لتنظيم القاعدة عبر اعضائه المتشددين وقام باستثمار الجهاديين المتشددين بالتنسيق مع اللواء علي محسن الأحمر عبر استيعابهم في صفوف الجيش والأمن بفروعه المختلفة حتى أصبح الجهاز بؤرة للمتشددين والارهابيين الأمر الذي دفع أمريكا الي تشجيع صالح لتأسيس جهاز آخر وهو ما تم فعلاِ في 2006 حيث تأسس الأمن القومي.
أهوال القيامة في زنازين حمامة السلام
ولتذكير حمامة السلام غالب مطهر القمش والأجيال الجديدة فإننا نورد هنا جزءاً بسيط من شهادات تكفي لرفع آلاف القضايا ضد اللواء الغامض فهذا الأستاذ سلطان أحمد زيد روى للمستقلة هذه الطرفة التي قال فيها أنه عندما كان في زنزانة الأمن السياسي سمع صوت المرحوم علي العلفي في الزنزانة المجاورة فدسيت له صفحة من صحيفة إسرائيلية وصلت لي ملفوف بها ربطة قات ولا أدري كيف وصلت هذه الصفحة الى اليمن وكان مكتوب فيها خبر فوز السجين الفلسطيني توفيق زياد بالانتخابات البلدية في فلسطين المحتلة مما أضطر إسرائيل لإطلاق سراحه وتسليمه مهامه وعندما قرأ العلفي هذا الخبر صرخ بأعلى صوته بب...بب) هذه ديمقراطية اليهود أين نحن من هذه الديمقراطية.
(طط.. طط) وظل يصرخ ويكرر هذا القول فأقبل أحد جلادي السجن عليه وظل يضربه بصميله ويشتمه ويلعنه ثم قام بتقييده عقاباً على هاتان الكلمتين .
وعن جلادي منتصف الليل قال إن الجلادين كانوا يأتون إليهم في منتصف الليل فيعصبون أعينهم ويحملونهم على سيارة ثم يظلون يلفون بهم وفي الطريق توجه إليهم الأسئلة العشوائية مرفوقة بالصفع على الوجه وعصر الرقبة والتعليق عبر اليد والركبتين والضرب بالأسلاك الحديدية حتى الإغماء مع عدم السماح بتناول الماء نهائياً.
عبدالوارث عبدالكريم كان يعمل نائباً لرئيس جهاز الأمن الوطني هذا الرجل لم تعجبه أساليب الاعتقال والتعذيب القمعي الذي كان يمارسه أفراد الجهاز فكان يقوم بإبلاغ من قرر الجهاز اعتقالهم ليدبروا أمورهم ويغيروا أماكن سكنهم لكن رئيس الجهاز اكتشف ذلك فقام باعتقاله وتعذيبه وكانوا يخرجونه الى جوار بركة مياه باردة ويأتون بابنته ويرمون بها في البركة فغضب وتعارك معهم ومن حينها لم تجد له أسرته أثراً حتى اليوم..
العقيد محمد سفيان شكوا في علاقته مع المعتقلين السياسيين فقاموا باعتقاله وكانوا يقتادونه كل ليلة إلى القبر لترهيبه وإجباره على الاعتراف ولم تنقذه من العذاب والإخفاء سوى زوجته التي كانت من بني مطر حيث أحرقت شعر رأسها لتستحث قبيلتها بالوقوف معها فتحرك حينها الشيخ أحمد المطري وأفرج عنه وظل يعاني طوال حياته من مشاكل في العمود الفقري بسبب قسوة التعذيب.
علي ثابت العبسي كان يعمل في عدن وعندما سافر إلى قريته في تعز كان أولاده في صنعاء فقام بزيارتهم قبل عودته إلى عدن وهو رجل كبير في السن لكنه حين وصل إلى صنعاء تم اعتقاله ليس لشيء سوى أنه يعمل في عدن وحسب شاهد عيان أنه شاهد علي ثابت بعد خروجه من غرفة التحقيق وهو مضرج بدمائه ومتورم الأقدام وأحد قدميه مشقوق من أسفل كما شاهد ضربة غائرة في مقدمة رأسه والدم ينزف منها بالإضافة إلى كدمات متفرقة في أنحاء جسمه.. علي ثابت أيها الجنرال القمش لم يعد إلى الآن.. وبالمناسبة فإن فاروق ابن علي ثابت تم اعتقاله أيضاً في حملة 82 لأنه جاء إلى منزل زميله الأكحلي في وقت كان الأمن يعتقل أفراد المنزل ولولا أن والدته سافرت من القرية إلى صنعاء ورابطت أمام سجن الأمن السياسي ورشقت بوابته بالحجارة لعدة أيام كما أفرج عنه هو وشقيقه بعد تسعة أشهر من الاعتقال.
توفي محمد هادي بعد كسر عموده الفقري أثناء التعذيب وتوفي محمد المخلافي في زنزانته من شدة التعذيب
أما عبد القوي رافع فقد حبسوه 12 سنة وكانوا يعصبون على عينيه ويطلقون الرصاص إلى جواره.
منير علي حاجب مات بسبب قسوة التعذيب في سجن الأمن الوطني عام 1982.
أما بدر علي فقد عذبوه بالحرق والصعق الكهربائي حتى أصيب بحالة نفسية فخرج يجوب الشوارع ويلقط القراطيس.
علي قلهيز كانوا يدقون المسامير في أطرافه.. أما محمد العبادي فقد عذبوه حتى فقد عقله.
فيصل محمد عبده : عذبوني باستخدام الكهرباء والصعق بها والضرب بالعصا والشابوك وحرق أصابع الأرجل وكانوا يحضرون زوجتي الى السجن ويقومون بتعذيبها أمامي ويجبرونني أنا وزوجتي على خلع ملابسنا .
عمر عبدالكافي كان معه استوديو في شارع الزبيري فاعتقله الأمن السياسي في عام 1982 لأنه سمى الاستوديو حقه استوديو الوحدة وفي هذا العام الذي سيظل وصمة عار في جبين غالب القمش كانت أجهزة الأمن تعتقل كل من لقبه (العبسي) حتى أضطر كثير من أبناء الأعبوس إلى تغيير ألقابهم كما تم اعتقال كل أصحاب الاستديوهات في صنعاء بتهمة طباعة المنشورات.
وفي هذا العام المشؤوم يروي الأستاذ محمد الجميل لحظة عبثية من تاريخ الإجرام لغالب القمش حيث يقول توجهنا من مقر صحيفة الأمل إلى منزل أحمد صالح العزعزي في قاع العلفي فطرقنا باب المنزل وعلى الفور فتح لنا الباب ثلاثة مسلحين بزي مدني فيما الأطفال والنساء كانوا قد حشروهم في غرفة جانبية.. وبسرعة فائقة كبلونا وقادونا وهم يقولون شيوعيون ومخربون ثم رمونا بعنف كل شخص داخل سيارة.. ولإضفاء طابع الخطورة فقد تم نقل العزعزي على طائرة هيلوكبتر عسكرية إلى تعز وأخضعوه لشتى صنوف التعذيب الجسدي والنفسي.
الأستاذ الجميل يتحدث عن ألوان العذاب الذي تعرض له في المسالخ البشرية بجهاز الأمن الوطني فيقول كان الجلاد يحاول انتزاع المعلومات مني كرهاً وكان مساعده يحمل هراوة غليظة يهوي بها على ظهري مع كل سؤال وتستمر العملية حتى تفقد الحواس وتصاب بغيبوبة.. وعندها ترخى الحبال الموثوق بها ويهوي البدن مرتطماً بشدة في الأرض وتستمر العميلة يومياً ساعات في الغبش الأولى.
فنون التعذيب
وبحسب روايات كثيرة من المعتقلين فإن التعذيب كان يأخذ عدة مراحل وفي المرحلة الثالثة مثلاً يضعون صخرة على صدرك وأنت مكبل بالحبال وفي المرحلة الخامسة تنزع أظافر اليد من أسفلها ومن هؤلاء الذين تعرضوا لهذا النوع من التعذيب منصور العريقي وإذا استمر المعتقل بالمقاومة فإنهم في المرحلة السادسة ينتقلون إلى أساليب قبيحة وقذرة ومنها أن يذهب أفراد الأمن إلى منزل المعتقل ويأخذون صوراً لزوجته ثم يقومون بدبلجتها مع صور لأقرب أصدقائه وتظهره بأنه يمارس الرذيلة مع زوجته وذلك حتى يبوح المعتقل بالأسرار ضد صديقه.
وفي المرحلة السابعة يذهب الأمن إلى بيت المعتقل ويقومون بعمل تسجيلات صوتية لأسرته وأطفاله ثم يفتحون التسجيل في الزنزانة المجاورة لزنزانة المعتقل ويقال له بأن أسرته معه في السجن.
وهكذا يتطور التعذيب ويرمى المعتقل في الصباح الباكر في بركة ماء باردة في المرحلة الثامنة. وحين تصل السادية إلى مداها فإن جهاز القمش كان يقوم بحفر الأرض ووضع المعتقل في داخلها والحراثة تجرف التراب عليه حتى تغيبه عن الوجود.
أما اذا لم يستطيعوا أن يعتقلوا أحد المعارضين فانهم كانوا يقومون باعتقال زوجته أو ابنته أو اخته.
لم تتوقف جرائم القمش فهناك مازال المئات من المعتقلين في جهازه حتى يوم رحيله ومؤخراً كشفت صحيفة محلية عن وجود ثمانية أشخاص في سجن الأمن السياسي بصنعاء وهؤلاء السجناء لهم أكثر من أربع سنوات في سجن القمش دون أية محاكمة ويعاملون بمناطقية مقيتة حيث تكبل أقدامهم وأياديهم بقيود حديدية ويتزاحمون في زنزانة ضيقة مظلمة من دون دورة مياه ولا يسمح لهم بالخروج حتى لقضاء الحاجة.
من عجائب جهاز القمش
في عام 2000م نشرت وكالة سبأ الرسمية خبراً مفاده اعدام عبد الرحمن الناشري لضلوعه في حادثة قتل الراهبات في الحديدة لكن المفاجأة التي كشفت تهريب الأمن السياسي لعبد الرحمن كانت في عام 2002م حين أعلنت الامارات العربية المتحدة قبضها على عبد الرحمن الناشري في الامارات
العقد الذهبي للاعتقالات
في خضم انشغال العالم بما يسمى الحرب على الارهاب كان اللواء غالب القمش يخوض حروباً ليلية شرسة تحت جنح الظلام على مختلف الجبهات.. ففي حين كان يلجأ للتحايل على القوى الدولية ويتظاهر بمحاربة القاعدة من خلال اعتقال العشرات من الشباب وصغار السن بحجة انتمائهم للقاعدة، كان يقوم بتسهيل فرار أعضاء التنظيم الحقيقيين من السجون .. أما ضحاياه الآخرون من أبناء الوطن شماله وجنوبه فيمكن الاشارة إليه بطريقة مقتضبة كما يلي:
- في الفترة من 2004 إلى 2010م، امتلأت سجون الأمن السياسي بمعتقلين من أبناء محافظتي صعدة وصنعاء على ذمة قضية صعدة، وتم اعتقال عشرات الشباب من العاصمة بمبرر ترديد شعارات حوثية وآخرين لأنهم تضامنوا مع الحوثيين بمقالات صحفية وغيرهم لأنهم لم يقدموا معلومات تؤدي الى اعتقال قيادات الحوثيين وقد مثلت هذه الاعتقالات قضية كبرى لأسر المعتقلين الذين نفذوا عشرات الوقفات الاحتجاجية بعد تعرض مئات المعتقلين بينهم أطفال ومرضى ومسنون للتعذيب ووفاة عدد منهم بتأثير الضرب والتعذيب.
- منذ اندلاع الحراك السلمي في 2007 امتلأت كافة السجون بمئات القيادات الجنوبية السلمية وآلاف الشباب المشاركين في الاعتصامات والتظاهرات السلمية وتم تصفية الكثير منهم وتعريض آخرين للتعذيب والاساءة في المعاملة ووصل الأمر في بعض الحالات الى الاعتداء الجنسي.
- مهجرو الجعاشن نالوا حظهم من اعتقالات الأمن السياسي وتعرضوا للتعذيب مع الإيذاء النفسي والبدني ومنهم فؤاد أحمد ناجي الذي توفى في سجن الأمن السياسي بسبب التعذيب والضرب المبرح.
- تقرير الخارجية الامريكية لعام 2006، اتهم الأمن السياسي بممارسة التعذيب واساءة المعاملة للمعتقلين باستخدام وسائل قذرة في التعذيب ومنها الحرمان من النوم والتهديد بالاعتداء الجنسي، التهديد بانتهاك كرامة الأسرة.
- لجنة الأمم المتحدة لمناهظة التعذيب قالت في 2009 أن الانتهاكات الأمنية في اليمن شملت القتل بدون احكام قضائية والاخفاء القسري والاعتقالات الجماعية والسجن لفترات طويلة دون محاكمة والتعذيب الممنهج.
غالب القمش وحميد الصاحب ومحمد رزق الصرمي وعبد الله محرم وعبدالله شلامش وعبد المغني السنباني وجميل العديني وعلي العتمي ومحمد الخولاني ومحمد اليدومي وأحمد عبدالرحيم ومحمد الصميد وأحمد الأكوع.. أسماء سيئة السمعة نشرت النواح وأسالت الدموع في القرى والمنازل وأثاروا الرعب في كل مكان بمجرد ذكر أسمائهم فقط.
هل سيحاكم القمش على جرائم جهازه
إن جرائم الأمن السياسي في اليمن لا يمكن أن يعفي عليها الزمن، لكن هل سيتم الضغط من أجل محاكمة ومحاسبة غالب القمش مستقبلاً عن هذه الجرائم لقد كانت المرة الوحيدة التي تم فيها استدعاء رئيس الأمن السياسي الى البرلمان في عام 2006 لمساءلته حول حادثة تعرض النائب والناشط الحقوقي أحمد سيف حاشد للاعتقال خلال مشاركته في اعتصام للمطالبة بالافراج عن الناشط السياسي علي الديلمي..
أما اليوم فإن القمش أصبح خارج قلعته الحصينة فهل آن الأوان لمحاسبته على جرائم جهازه واجباره على الافصاح عن مصير المخفيين وكشف أضرحة الضحايا أم أن فتح الملفات سيجعل جهات نافذة تضغط من أجل ابقاء رجل الظلام بعيداً عن المساءلة والمحاسبة.
* المستقلة