إرث الزنداني والترابي.. عودة التكفير إلى الواجهة العربية

2025-11-22 08:16
إرث الزنداني والترابي.. عودة التكفير إلى الواجهة العربية
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

شبوة برس – خاص

في الوقت الذي تتجه فيه الدول العربية لتجديد خطابها الديني وبناء رؤية مدنية أكثر عقلانية، تعود أصوات تحاول إحياء إرث عبد المجيد الزنداني وحسن الترابي، ذلك الإرث الذي كان أصل الفتاوى المدمرة وخطاب التحريض الذي حوّل الدين إلى منصة صراع وسلاح سياسي.

 

وتظهر هذه الدعوات في اللحظة نفسها التي تبني فيها الإمارات والسعودية ومصر والمغرب نموذجًا جديدًا يقوم على تحرير المجال الديني من قبضة المتاجرين بالنصوص، بينما يحاول آخرون إعادة تدوير رموز صنعت موجات التطرف عبر أربعة عقود.

 

ويمثل الزنداني والترابي وجهين لمدرسة واحدة، استخدمت الفتوى وقودًا للحروب. ففي اليمن روّج الزنداني لخطاب القتال من خلف الميكروفون دون أن يقترب من ساحات الموت التي دفع إليها آلاف الشباب، بينما حوّل الترابي الدين في السودان إلى منصة حرب ضخمة، قبل أن ينسف مشروعه كله باعترافه الشهير بأن من يقاتلون قرنق "يموتون فطيس".

 

ولا يكمن الخطر في الشخصين بقدر ما يكمن في الإرث الثقيل الذي خلّفاه، وهو الإرث الذي غذّى القاعدة وداعش والمليشيات العابرة للحدود، ورسّخ ثقافة ترى العنف امتدادًا للعقيدة، والسلاح بديلاً عن الدولة، والفتوى بديلاً عن القانون.

 

إن الدعوة اليوم لإحياء هذه النماذج ليست بريئة، بل هجوم مباشر على مشروع الدولة العربية الحديثة ومسار الإصلاح الديني. فالمعركة الحقيقية تبدأ من دفن هذا الإرث الذي أنتج التطرف، وإعادة الدين إلى مكانه الطبيعي بوصفه قيمة أخلاقية لا منصة للقتل.

 

الكاتب: المحلل السياسي والكاتب الصحفي هاني سالم مسهور