الوطنية ليست لمن تسكعوا في الخارج

2025-09-09 11:11

 

الوطنية ليست كلمات براقة يتشدق بها البعض في المحافل، وليست جوازات سفر يتنقلون بها بين عواصم العالم، وليست رواتب بالدولار تُصرف من عرق الشعب المقهور. الوطنية أكبر من ذلك بكثير، فهي دماء الشهداء التي روت تراب الوطن، وآهات الجرحى الذين دفعوا أغلى ما يملكون دفاعًا عن كرامته.

 

الوطنية هي للأسر التي فقدت أبناءها وما زالت صابرة محتسبة، وهي لأولئك المرابطين في جبهات القتال، يواجهون الموت بصمود وثبات من أجل أن يبقى الوطن حيًّا عزيزًا. الوطنية هي للموظفين الشرفاء الذين صمدوا في مكاتبهم رغم انقطاع المرتبات وشظف العيش، وهي للفقراء الذين تحملوا الجوع والعطش والحر والبرد، ووقفوا صامدين في وجه المحن دون أن يبيعوا كرامتهم أو يساوموا على وطنهم.

 

أما أولئك الذين تسكعوا في فنادق الخارج، وجعلوا من قضيتهم وسيلة لكسب المال، وجلسوا على موائد السياسة يقتاتون من معاناة الشعب، ثم استلموا رواتبهم بالدولار في حين أن المواطن لا يجد قوت يومه — فهؤلاء سقطت عنهم الوطنية. فلا يُشرفهم أن يتحدثوا باسم الوطن وهم أبعد الناس عن همومه وتضحياته.

 

إن الوطنية الحقيقية ليست في المظاهر ولا في الصور ولا في التصريحات المنمقة، بل هي في التضحية والصمود والإخلاص، وفي من يقفون في الميدان، ويدفعون ضريبة الانتماء بعرقهم ودمائهم وصبرهم. هؤلاء هم من يستحقون أن يُرفع لهم العَلَم، وأن يُذكروا بفخر واعتزاز.

 

رسالة شكر ووفاء

 

إلى الشهداء الأبرار الذين كتبوا بدمائهم أنصع صفحات المجد، إلى الجرحى الذين ما زالوا يروون بآلامهم حكاية الصمود، إلى أسر الشهداء التي صبرت وربّت وضحّت، إلى المرابطين في الجبهات الذين يذودون عن الكرامة، إلى الموظفين الذين لم يتركوا مواقعهم رغم قسوة الظروف، وإلى كل مواطن تحمل الجوع والحرمان ولم يساوم على وطنه… لكم جميعًا تنحني القلوب احترامًا، وترتفع الأيادي تحية وفاء. فأنتم الوطن، وأنتم الوطنية الحقيقية.