وصية الإمام الحبيب "عبدالله بن علوي الحداد" لأخيه عمر رحمهما الله تعالى

2024-08-17 22:19
وصية الإمام الحبيب "عبدالله بن علوي الحداد" لأخيه عمر رحمهما الله تعالى

بيت من الشعر للإمام الحداد أمام الحجرة النبوية الشريفة

شبوه برس - خـاص - عتـــق - تريم الغنّاء

بيت من الشعر من قصيدة للإمام الحداد في الروضة الشريفة بالمسجد النبوي الشريف مكتوب بماء الذهب

 

هذه وصية مباركة عظيمة وجامعة لمن تأملها وعمل بها وهي مع وجازتها واختصارها جمعت خصال البر والخير في كلمات وجيزة وعبارات مختصرة بأسلوب سهل وبسيط يفهمه العالِم والعاميّ والكبير والصغير أحببنا نشرها ليحصل بها النفع , فنسأل الله أن ينفع بها ويجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وسبباً لمرضاته ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ويرضى عنا وعن والدين وعن جميع المسلمين مع اللطف والعافية في الدارين , آمين اللهم آمين .

 

وصية الإمام الحداد لأخيه عمر .. رحمهما الله تعالى "

           

                     بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾

الحمد لله الذي جعل طاعته وتقواه وسيلة العبد وطريقاً له إلى جميع الخيرات والكرامات في آخرته ودنياه , وجعل معصيته ومخالفة أمره سبباً للعار والنار في الدنيا وفي دار القرار .

وصلى الله على النبي المختار سيدنا محمد وعلى آله السادة الأخيار .

أما بعد فإني أوصيك بارك الله فيك وتولاك ولحَظَكَ بعَين عنايته ورعاك وكان لك بما كان به لعباده الصالحين في سرك ونجواك.

أوصيك بتقوى الله الذي خَلَقكَ وخَلَقَ كل شيء, وبالمحافظة على الصلوات الخمس واحذر من إضاعتها ومن إخراج شيءٍ منها عن وقته وأحسن ركوعها وسجودها  وتدبّر القراءةَ فيها وكن خاشعاً لا تلتفِتْ ولا تحرِّك شيئاً من أطرافِكَ حالَ صلاتك.

واعلم أنَّ مَنْ لم يحافظ على الصلوات مات قلبه وتعسَّرَ رزقه وسخط عليه ربه .

وأكثر من قراءة القرآن في كل وقت واحذر من العَجَلَةِ ومن الكلام الأجنبي حالَ القراءة .

وأكثر من الذِّكر لله في جميع أحوالك فإنّهُ حِصنٌ حَصين للإنسان من الشيطان ومن جميع الآفات .

واحترِز من المعاصي جميعها ولا تقرب شيئاً منها صغيراً ولا كبيراً  فإنَّ فيها الشرَّ كلّه وفيها هوان الدنيا والآخرة , والمرتكِب لها بعيد من الله ومن كل خير .

وعليك بالوقار والسكينة والتثبُّت في جميع أمورك ولا تدخل في شيءٍ من الأمور حتى تشاوِر فيه مَن هو أَعْرَفُ به منك .

واقبل نصيحة من نصحك واحترز من كثرة الكلام وكثرة الضحك والمزاح ومن الاستهزاء بأحدٍ من المسلمين وإن كان حَقِيراً في الظاهر .

ولا تَخُضْ فيما لا يعنيك. واجتنب مخاصمة الناس ,ومنازعتهم في الكلام رأْساً واحفظ لسانك وسمعك وبَصَرك وفرجَك وبطنك وجميع جوارحك عن كل ما حرَّم الله عليك.

واحذر من النظر والاستماع إلى شيءٍ لا يَحِلُّ لك نظره واستماعه واجتهد كل الاجتهاد في حفظ الفرج .

واعلم أنَّ الله يراك على الدوام فاجتهد أنْ لا يراك على شيءٍ حرَّمَهُ عليك ولا يَفْقِدكَ عند شيءٍ أَمَرَكَ به .

واحذر من صحبة الأنذال والأراذل ومن مخالطتهم ولا تصحب ولا تُجالِسْ إلا أهل الخير .

وإن بُلِيْتَ بالأشرار في بعض الأوقات فاجتهد في سلامةِ دِينِكَ وعِرضِكَ منهم.

والحذر من الكذب قليله وكثيره فإنَّهُ شَيْنٌ في الدين والدنيا ومن غِيبة المسلمين والكلام عليهم من ورائِهم ومن تتبُّع عوراتهم وتَطَلُّب الوقوف عليها فإنَّ ذلك يُسْخِطِ اللهَ ويُغْضِبُهُ على فاعله .

ولا تقتدِ إلا بسلفِك ولا تتشبَّه إلا بأهل الدِّين والصلاح في جميع أمورك وفي جميع أحوالك .ولا تُسرِف في مَطعَمٍ ولا مَلبَسٍ ولا شيء من الأشياء فإنَّ الله لا يحب المسرفين .

واعلم أنَّ الخير والشرَفَ والعزَّ والكرامة عند الله وعند خَلْقِهِ في التزام الطاعات وفي العمل بها واجتناب المعاصي والبُعْدِ عنها . فعليك بذلك بارك الله فيك .

وعليك بقراءة سورة يس عند الصباح والمساء وعند كلِّ مُهِمٍّ وعند كلِّ خيرٍ تقصد حصوله وعند كلِّ سُوءٍ تَخَافَهُ فإنها في القرآن بمنزلة السلطان بين الرَّعِيّة . ولا يقرؤها صادق لِجلْبِ خيرٍ أو دَفْعِ شرٍ إلَّا ويحصُل على مطلوبه .

وعليك بقراءة لإيلاف قريش فإن فيها سِرَّاً عظيماً لدَفْعِ المخاوف والفاقات .

 واقرأ إذا أصبحتَ وإذا أمسيتَ وعند النوم الفاتحة وآية الكرسي آمن الرسول إلى آخر السورة وسورة الإخلاص والمعوذتين [ثلاثاً] وقل أعوذ بكلمات الله التامات من شرِّ ما خَلَقَ [ثلاثاً] . بسم الله الذي لا يضرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم [ثلاثاً] . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم [عشراً]. بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم [عشراً] اللهم صلِّ على سيدنا محمدٍ وعلى آل سيدنا محمدٍ وسلِّم [عشراً]. حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلتُ وهو ربُّ العرش العظيم [سبعاً] . سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضى نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته [ثلاثاً] . يا ألله يا حفيظ يا لطيف يا رحيم يا هادي يا رزاق احفظني والطف بي وارحمني واهدني وارزقني [ثلاثاً] .

فاحفظْ هذه الوصية وتمسَّك بها واعمل بمقتضاها وكن مخلِصاً لله حامداً لله شاكراً لله متعلّقاً بالله متوكلاً على الله تائباً إلى الله مكتفِياً مستعيناً واثقاً بالله .

لا تتعلَّق بالخَلْق ولا تعتمد عليهم فإنهم لا يملكون مع الله ضُراً ولا نفْعاً ولا عَطَاءً ولا مَنْعاً . ومَنْ أحسن إليك منهم فاشكرِ اللهَ ثم اشكره ومن أساء إليك منهم فَكِلْ أمره إلى الله ولا تُكافِئْهُ بإساءَتِهِ . 

ولا تَقُلْ ولا تَسْمَعْ ولا تَنْظُرْ إلَّا خيراً . وكن سليم الصدر لجميع المسلمين لا تُضْمِرْ في نفسِك حِقْداً ولا غِشّاً ولا بُغْضاً لأحدٍ منهم , المُحْسِن له إحسانه والمُسِيءُ عليه إساءتُه . قال الله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ , وقال تعالى : ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ وقال تعالى : ﴿ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ .

هذه وصيتي لك . والله الخليفة عليك وهو يتولى الصالحين .

كن صالحاً حتى يتولاك . فإذا تولَّاك فلا تحتاج لأحدٍ من الخَلْقِ . أدام الله توفيقَكَ وزوَّدَكَ التقوى ويسَّرَ لك الخير أينما توجَّهتَ وكان لك حيثما كنت وإيّانا وأحبابنا وجميع المؤمنين والمسلمين إنّه أرحم الراحمين . 

 

أملاها العبد الفقير إلى الله تعالى: عبدالله بن علوي الحداد الحُسيني عفا الله عنه وعن أسلافه بالتماس من أخيه السيد : عمر بن علوي الحداد باعلوي . كان الله له ووفق الجميع لمرضاته. وكان ذلك يوم الأحد حادي عشر المحرَّم أول شهور سنة 1075هـ .

  ****** 

انتهت الوصية المباركة نقلاً عن كتاب [ الوصايا النافعة للإمام الحداد