الهوية الجنوبية الضائعة (3) .. قراءة تاريخية

كما أسلفنا فقد شارك الجنوبيون في فقد وضياع هويتهم ..بل والتنازل عنها ابان المد القومي وبناء الأحلام العروبية الوهمية بشعارات عاطفية وحماسية وخاصة بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م.وقد يقول قائل :

لماذا تطالبون اليوم بالعودة الى ما ما قبل الوحدة ؟وهل هذا يعني أنكم لستم من اليمن ولا تنتمون اليه؟؟

وللرد على هؤلاء نقول :من الذي تنكر للآخر ؟؟نحن ام هم؟ اما نحن لم نتنكر للأصول والأنساب ..ولكنهم من تنكر لنا بعد الوحدة وأظهروا عنصريتهم بالقول : بأننا خليط من الهنود والأندنوسيين والصومال (مع احترامنا لتلك الجنسيات )ليس هذا فحسب بل قالوا) ان الجنوب فرع يعود للأصل )وهذه لعمري أكذوبة تاريخية ولكنها محاولة بائسة لطمس حقائق التاريخ والجغرافيا ومع ذلك نرد عليهم بالقول :اننا نرجع جميعآ الى يعرب بن قحطان ..وخلافنا هو على الهوية التاريخية المستقلة، وعندما نقرأ التاريخ نجد أن العديد من الممالك اليمنية القديمة كانت طوال تاريخها في حالة صراع عسكري وحضاري وتتوسع كل مملكة على حساب الأخرى .

وقد وعدتكم بطرح رؤيتي للحل في الجنوب ولكنني وجدت أن علي قبل ذلك أن أعيد معكم قراءة التاريخ حتى نستخلص منه الدروس والعبر فهناك مراحل وحقب تاريخية لا يمكننا أن نقفز عليها كما اننا لا يمكن ان نضع اسس الحلول الجذرية لمشاكلنا المتشابكة في اليمن دون الرجوع الى التاريخ القديم والحديث لذا كان لابد من العودة الى التاريخ

ومن يقرأ التاريخ سيجد الحقا ئق في صفحاته واسمحوا لي اليوم أن آخذكم في جولة تاريخية خاطفة تأخذنا الى الممالك اليمنية القديمة وعلى بساط سحري نطير ونرى تلك البلاد في غابرالأزمان كيف قامت ؟ وكيف نشأت ..هانحن الآن نحلق فوق تلك الممالك القديمة وهي :

الممالك القديمة في اليمن وجنوب الجزيرة العربية :

1- مملكة أوسان (10 ق .م – 7 ق .م ) الاولى

(2 ق.م – 1 ق.م ) الثانية

وتمتد بين وادي مرخة حتى البحر الاحمر وتشمل معظم اراضي الجنوب العربي وعاصمتها هجر الناب في مرخه .

2- مملكة سبأ ( 10 ق .م _ 2 ق.م )

وتمتد من عاصمتها صرواح في مأرب شرقاُ حتى صنعاء غرباُ . ومن أشهر ملوكها الملكة بلقيس التي عاصرت نبي الله سليمان وآمنت به . وقام ملكها إل وتر بشن حرب ساحقة على مملكة أوسان في القرن السابع قبل الميلاد ومحاها من الوجود .

كما قام السبأيون باحتلال اراضي في حضرموت وغدروا بملكها وهو حليف سابق لهم و أسروه ونقلوه الى مأرب .

3- مملكة حمير ( 115ق .م – 525 م )

تقع بين سبأ والبحر الاحمر وعاصمتها (ريدان _ ظفار ) و قامت بعد ضعف مملكة سبأ ونشبت بينهما معارك وحروب طاحنة انتهت بسيطرة الحميريين .

4- مملكة معين (5 ق .م – 2 ق .م )

نشأت وازدهرت حضارتها في منطقه الجوف و أرضها زراعية خصبة وعاصمتها ( قرناو )وقضت عليها مملكة سبأ وضمتها اليها .

5- مملكة قتبان ( 7 ق .م – 2 م )

وقامت في وادي بيحان وتمتد منه شرقاُ الى البحر الاحمر غرباُ ومن مدينة ذمار شمالاُ الى البحر العربي جنوباُ وعاصمتها ( تمنع ) وتم تدميرها من قبل مملكة سبأ ومملكة حضرموت التي وصل نفوذها الى جنوب رداع .

6- مملكة حضرموت ( 7 ق.م – 293 ب .م )

وتمتد من وادي حضرموت والمهره وظفار وجرت صراعات بين حضرموت وقتبان واختفت مملكة حضرموت في نهاية القرن الثالث ميلادي على أيدي الريدانيين .

7- الاحتلال الحبشي ( 525 م – 575 م )

وتم احتلال معظم مناطق جنوب الجزيرة العربية من قبل الأحباش بمساعدة الرومان حتى أخرجهم سيف بن ذي يزن الحميري آخر ملوك حمير .

8- الفرس (575 م – 628 م )

تم طرد الأحباش عندما دعم الفرس سيف بن ذي يزن ب 800 جندي من السجون الفارسية كما ثارت القبائل اليمنية معه ضد الأحباش حتى اخرجوهم من اليمن وبعد فترة تم اغتيال الملك سيف بن ذي يزن وصار الحكم من بعده للفرس وآخرهم( باذان الفارسي )حتى جاء الاسلام .

9- الخلافة الاسلاميه ( 6 -10 حتى 41 هـ )

وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفود : تجيب وهم من قبيله السكون ووفد الصدف والجعفيين وهم سكان وادي جردان ويدل تعدد الوفود على الرسول صلى الله عليه وسلم ان اليمن كانت ممزقة وتحت العديد من رؤساء العشائر ولم تكن تحكمها دولة مركزية موحدة . كما ولى الرسول صلى اللهعليه وسلم المهاجرين أبي أمية المخزومي على حضرموت وهو شقيق ا م سلمة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم .

تم تقسيم البلاد الى مخاليف :

- مخلاف حضرموت

- مخلاف الجند

- مخلاف صنعاء .

10- العصر الاموي ( من عام 41 هـ - 132 هـ )

واستمرت المخاليف كما هي في عهد الخلافة الراشده وقاد عبد الله بن يحيى الحضرمي (طالب الحق ) ثورة على الدولة الاموية في عهد مروان بن محمد وتمكن الحضارم من دخول مكة والمدينة الا انهم هزوموا في وادي القرى على يد جيش مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية .

11- العصر العباسي ( 132هـ - 656 هـ )

استمرت المخاليف بمسمياتها الثلاثة في العصر العباسي وقامت ثورة في حضرموت للاستقلال عن الحكم العباسي ولم يكتب لها النجاح .

* بقلم : د. علوي عمر بن فريد العولقي

( والى اللقاء في الحلقة القادمة )

* للاطلاع على الحلقة السابقة : اضغــــــــــــط هنـــــــا