المراسلات وقصائد المدائح بين سلاطين آل كثير وأئمة الزيود باليمن

2023-10-19 12:54
المراسلات وقصائد المدائح بين سلاطين آل كثير وأئمة الزيود باليمن
شبوه برس - خـاص - وادي حضرموت

 

 

بحر العلوم حقيقة فمُريدها .... يلقى جواهرها بساحة صدره

ذاك الخليفة للرسول محمد .... من ذا يشاكله لرفعه قدره

بسط الأمان بسيفه وبعدله .... وأزال ما لا خير فيه بأمره

يا رب زده حماية ووقاية .... ما كان نوراً للوجود بأسره

وبعد..

 

*- محرر "شبوة برس" أطلع على هذا الجزء من " تحفة الأسماع والأبصار بما في السيرة المتوكلية من غرائب الأخبار · المؤلف: المطهر محمد الجرموزي" يتحدث عن علاقة سلاطين آل الكثير بوادي حضرموت ولأهميته التاريخية نعيد نشره:

 

فصدور كتابنا هذا عن علوم طاب سماعها للمحبين، وأحوال صلاحها بعون رب العالمين، ثم ببركات هذه الدولة الإمامية المتوكلية الحسنية، الفاطمية المحمدية، المصطفوية، وبغية لاستمداد دعواتكم والتعهد بكم، والتماس بركاتم، ثم لاعلامكم حفظكم الله تعالى بثبوتنا على ما عهدته منكم الأذهان، ونقلته إليكم المشاة والركبان، من الوداد الصافي الأكيد، والحب الثابت الواجب المفيد، والطاعة الشهيرة من القريب والبعيد، وذلك بمن من ليس بظلام للعبيد، نرجو الفوز والنجاة يوم الوعد والوعيد، ثم لتعلموا حرسكم الله استنارة قطرنا وثبوت أمرنا وفخرنا بوصول مرسومكم المطاع السامي النافع، لصدى قلوبنا، ومنهل ودق غيمة المغيث الهامي، ودق الوعظ النافع، والعدل الواسع، والنور النبوي الساطع، وذلك بيد الحسن في أقواله كاسمه وعلمه وأفعاله، وحلمه وعقله وجميع أحواله، عمدة القضاة والحكام، أوحد العلماء الأجلاء الأعلام، شرف الملة والإسلام، القاضي الجليل القدر، الحسن بن أحمد بن صالح الحيمي، أبقى الله له حسن المقاصد، وشرف الرتب والمحامد، وأبقاه على طاعتكم أبداً في خير وعافية، ومضمون ذلك المرسوم الذي هو لكل خير موسوم، أن قد سبق منكم إلينا من الكتب والعهود ما به إن شاء الله تعالى بلوغ كل سؤال ومقصود.

 

نعم! لله الحمد قد كان وصول ما ذكرتم، وحصول المُنى لمن إليه أشرتم، وقد قرأت[235/أ] خواطرنا بما سبق إلينا من عهودكم الوثيقة، وسلكنا بمعانيها في مراضي الله على أوضح طريقة، وتلك طريقة من أنت سبطه الأطهر، وخليفته الأمين الأكبر، تأمر وتنهى بما به ً أمر ونهى حسبما أنزل عليه، وما رواه ذوو الدين والنهى، ثم عرفتمونا أنكم وجهتم إلينا بعد الاستخارة المسنونة، بنية صالحة إمامية مباركة بالتوكل على الله عز وجل، وعلاء مقرونة علم العلماء الأفخر الأطول، القاضي الأورع، الأكمل، شرف الدين الحسن الجامع لسان المحاسن، الوارد من حياض ودادكم ماءً غير آسن، بتمام تلك المقاصد المحمودة، والآثار المثمرة المسعودة، وليكون إن شاء الله على أفعال الخير ظهيراً، وعلى كل عدو للإسلام نصيراً، وبكل فضيلة ومكرمة آمراً ومشيراً، ولقد لاحت لنا في قسمات وجهه من الخير دلائل، وظهرت منه لنا ولله الحمد محاسن جمة وفضائل، فصح أنه القاضي الحاوي لشروط القضاء والنايب الأمين عن خليفة الرسول الأمين الشافع المشفع المرتضى ونرجو أن يتم به الصلاح والأمن الشامل الكامل والنجاح، وقد قابلناه بما يليق لمثله من العلماء الأنجاد، ولم يلق منا إلا القبول بما هو إن شاء الله عين الصواب من سديد الآراء، المصلحة إن شاء الله تعالى لأمور الدنيا والأخرى، وكيف لا يكون منا ذلك أو لا نبادر بما هنالك، وقد ثبت منا الإقدام على طاعتكم، ودوام انتظامنا في سلك أعوانكم وجماعتكم، ولله الحمد شكراً متواصلاً متواتراً على هذه النعمة الوافرة الجزيلة، الموصلة إن شاء الله إلى كل فضيلة، الذائدة عن كل حال رذيلة، جعلنا الله ممن شكر نعماه، واتبع حليلة نبيه ومصطفاه، وأرشدنا إلى طريق هداه، وصدنا عن مسالك من اتخذ إلهه هواه، إنه الكريم المنان، الجواد المحسان، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم على الجملة والتفصيل، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم كثيراً، والحمد لله رب العالمين، بتاريخ شهر جمادى الآخرة، من شهور سنة سبع وستين وألف [مارس1656م].

 

ثم كتب إلحاقاً يتضمن الجواب فيما أمر به الإمام (عليه السلام) من الإصلاح فيما بين السلطان المذكور، والعمودي الآتي ذكره، فقال:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الآمر بالصلاح، الداعي إلى الفلاح، المقيم بالأئمة الراشدين أود الدين، الناظم بهمم ما انتثر من أمور المسلمين، وجاعلهم رحماء بالأنام واصلين للأرحام، حاثين على صلة الخاص والعام، وميسر لهم العمل بما كانوا له من العلوم يحملون، حتى عملوا بحقيقة قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ونحمده على ما جعلنا عليه من اتباع الأئمة الأعلام، حمداً [235/ب]مستمراً على الدوام، ونصلي على سيدنا ومولانا محمد خير الأنام، وعلى آله وأصحابه البررة الكرام.

 

وبعد فهذا الملحق الحاوي من الكلام ما هو إن شاء الله صدق متحقق، إلى حضرة من جمع بين الدين ما تفرق، ولف من شمله ما تمزق، وسبت من جموع الضلال كثيراً وفرق، سلالة الرسول أبي البتول، وخليفته مولانا أمير المؤمنين المتوكل على الله إسماعيل بن مولانا أمير المؤمنين القاسم، أبقاه الله لحفظ شريعته في خير وعافية، إن محبه المطيع لأمره، القائم بوظيفة طاعته وشكره، وقف على الملحق الكريم الحاوي لكل خير عميم، وذلك في شأن ما قصدتم من إخماد ما اتقد من نيار الفتنة بيننا وبين العمودي مما تنكره دلائل الكتاب والسنة.

نعم ! قدر الله ذلك، ولسنا والله العظيم نهوى ما هنالك، وقد تداركنا بوصول من رأيتم إرساله للصلاح فيه الكفاية، وذلك هو البالغ من الحلم والعلم والعقل، ما هو الغاية والنهاية، القاضي الجليل الأوحد، الأرشد، شرف الدين الحسن بن أحمد الحيمي -حفظه الله وأسعده-، وكان منه اجتهاداً كاملاً، واعتناء في الخير شاملاً، وعقد بيننا وبين العمودي صلحاً مديداً، مباركاً إن شاء الله حميداً، مدته حفظكم الله تعالى خمس سنين، بعدالة حصون سنه معلومة بين الأقربين والأبعدين، وأعلنا بالعقد من الصلح عن قولكم المجاب الفضل بدلائل لا تخفى على أحد فمنها الضرب بالطبل، وأثبت ذلك القاضي الأورع الجليل ما هو مشروط في العدالة على الجملة والتفصيل، في ثلاثة مساطير بخطه على ما تعهدون منه (حفظه الله) في إبقائه وضبطه، فمسطور منها إليكم لتقفوا عليه، ومسطور إلى الشيخ العمودي صدره القاضي الجليل إليه، ومسطور إلينا لبيان ما كان فيه لنا عليه وعلينا.

 

ثم فهمنا ما ألحقتموه في شأن صنونا المكرم، جعفر حفظه الله من كل بأس وألم أردتم له من الأمان ما يقر به باله، ويصلح به إن شاء الله حاله وماله، فما أشرتم إليه هو المحبوب والمقصود، ورضاكم ورضاه هو لدينا أعز محبوب ومعدود، وقد فاوضنا القاضي الجليل، العلم العلامة، الحسن بن أحمد في شأنه، ورأينا اللائق له في قصده لأمانهِ وضمان الذي ذكرتموهم من أصحابنا بالتعيين والتخصيص منكم لاسمائهم والتبيين، وضمانهم له بالأمان أحسن وأتم، ونفعهم له ولنا إن شاء الله أجمع وأعم، وقصدنا نجمعهم بسيئون إلى القاضي الأرشد الأسعد، الحسن بن أحمد -حفظه الله-، لأن نحن وهو على همة سفر إلى سيئون بالمبادرة، وعلى بالنا أن نكون إن شاء الله في أثناء جمادى الآخرة، ومتى كان جمعهم إليه[236/أ]، وتقرر ضمان الأمان عليهم لصنونا جعفر بين يديه، وكان التحقيق منه ومنا على الفور إليكم، لأن اعتمادنا في كل أحوالنا على الله ثم عليكم، وفي كل حال رأيكم السديد هو اعتمادنا في أمر القريب والبعيد، وما أحوجني لمعنى قول أبي الطيب إذ يقول من القول الرائق لذوي الأفهام والعقول:

إذا شد زندي حسن رأيك في يدي .... ضربت بنصل يقطع الهام مغمداً

 

فبرأيك السديد، نربح إن شاء الله ونستفيد، ومما نعرف به خاطرك الخطير، وفهمك الثاقب المفرد بلا نظير، في حال والدنا السلطان بدر -حفظه الله- من (أمر ضرير إن لنا بيراً) بظفار، من وقت والدنا -رحمه الله- رحمة الأبرار، وهي إلينا، وبلغنا عن خادم لنا نظرها إليه، إن الوالد بدر -حفظه الله- خاض في أمرها فكان منا الجواب للخادم أن يتركها له، وإن كانت لنا لأن قصدنا جبره في كل حال لأن الحال واحد ولد ووالد، ولسنا ممن يكره رضاه أو الزيادة لمدده، ولا توهمنا أن في خاطره شيء من جهة هذه البير، لأن أمرها أمر زهيد يسير، ومحله عندي محل عظيم خطير، وإن له ولنا أموالاً سابقة من أهلها وكل منا عارف بما للآخر، وكان سبب هذه البير وإن كان أمرها غير كثير، عزم ولديه محمد وعلي في بعض المراكب إلى أرض المهري على صفة الغيظ والحول والقوة لله.

ثم بعد عزمهما طلب الوالد السلطان بدر -حفظه الله- ريعاً من العسكر وآل كثير، وريعوه، وقال: إني خفت مع عزم ولدي إلى المهري وريعت لحصول أوهام، وإنا كتبنا إليه (حفظه الله) بالأمان التام وعرفناه بحقيقة الحال، وأفهمناه بما به إن شاء الله زوال الإشكال، وأعلمناه أن رضاه مطلوبنا، وغاية مقصودنا ومرغوبنا، ونحن في رجاء وصول كتابه بما هو إن شاء الله الصواب.

 

ومن جوابه، وأنتم حفظكم الله قد برز أمركم المطاع، بأن نجعل إليه بندر ظفار بأسره، فباردناه به لطاعتكم وبره، ووهبناه له بأسره، فصار إليه براً وبحراً، وسهلاً ووعراً، وكذا حصونه العالية المنيعة، دون حصون قليلة وضيعة، والآن أشهدنا شهوداً بإدايها عليه، وتفويض أمرها إليه، وربما تتوهمون حفظكم الله أنا نشاركه في شيء من منافعها، حيث تعلمون أنا نستقل شيئاً من المراكب إليها، لأجل النول، ونشتري اللبان مثل الأجانب، والآن إن رضى الوالد -حفظه الله- أنا نترك تعهد[236/ب] البندر بمراكبنا مثل تعهد الأجانب، تركناه ابتغاء لما فيه رضاكم ورضاه، وإن أحب أنا من جملة أجناس الناس فلا بأس وحلمكم ما فيه الكفاية ونظركم فيهله ولنا من الصلاح ما هو الغاية، والله ولي التوفيق والمستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله وما شاء كان، وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم.

ويعرف مولانا أمير المؤمنين -حفظه الله- بأن في ظفار غيولاً غزيرة، وصرنا بحرش خميس في واحد من الغيول، نحصل منه قوت الذين يعملون اللبان.

وقد صار إلى الوالد (حماه الله) قبل خوضه في هذه البير، وصح الآن أن ظفار بأسرها إليه، الغيول وغيرها يحيطوا علماً بذلك، ونظر مولانا أيده الله الكفاية في كل حال.

 

ثم قال في إلحاق آخر: حاوي خير وسرور وبركات، والطاف من الله تعالى شاملات إلى الخليفة سيد البريات، مولانا أمير المؤمنين المتوكل على الله رب العالمين (أيده الله)، وأيد به الدين، آمين، آمين، آمين تنبي عن وصول ما حواه الملحق الكريم من الكساء الفاخر العظيم الفخيم، إلى محبه ومحب من والاه من جميع أعوانه وحزبه، المفاخر بين الأنام متعلقة بأذيال كرمه وقربه، فيا لتلك الخلع السنية، ما أعظم قدرها، وما أعز جودكم وامتنانكم بل إحسانكم لنا غامر، وفضلكم لدينا أبداً متواتر، فجزاكم الله عنا وعن المسلمين أجمعين أفضل ما جازى الخلفاء الراشدين عمن رعوه من المؤمنين، ولا برحت لنا وللمسلمين ذخراً وعدة ووسيلة إلى الله باندفاع كل ملمة وشدة، ثم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دائماً وأبداً، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، بتاريخه المتقدم.

نعم! وبعد ذلك صلح ظاهر الحال، كما قضت به هذه الكتب المزخرفة المقال، الحرية بأن يقبلها ذووا الكمال،وعاد القاضي شرف الإسلام إلى حضرة مولانا الإمام -عليه السلام-، وأصحبه السلطان كتاباً هذه نسخته:

 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي من عدم بقدرته وحكمته للوجود أنشأ، الملك العزيز المعز المذل الدائم المؤتي الملك من عباده من يشاء، بما أولى الأئمة الهادين المتهدين، أمناؤه على الدين، حماة ورعاة له مما يشوبه أو يشين، نحمده حمداً مزلفاً لنا إلى النجاة، ونصلي ونسلم على مولانا محمد وآله وصحبه الميامين الهداة، ومن جزيل هباته، وعظيم صلاته[237/أ]، نسأل الحفظ من طوارق الحدثان، المرهوبة لمن ازدان به الزمان وزاده حلاوة وعذوبة، ونالك به الإسلام اذراعى منه، واجبه ومندوبه مبدل الخوف بعدله أماناً، والسيئ من المعاملات إحساناً، والمغفول عنه من حدود الله تعهداً واتقاناً، الداعي إلى الطاعات المالية للقلوب إيماناً، الأسد الأغلب المواثب المهيب، غيث المجدبين، المغيث، المغدوق، والخصيب، الساعي لنفع البعيد من هذه الأمة والقريب، منير أغلاس الأقطار بنوره، طامس أعلام الظلم بظهوره، خليفة رسول الله وسليله، وأمينه على الكتاب المنير وتأويله، والقائم بأعباء الإمامة عن أمر العزيز العالم، مولانا السيد العظيم أمير المؤمنين المتوكل على الله إسماعيل بن مولانا أمير المؤمنين القاسم أبقاه الله في عافية تامة، وبركات شاملة عامة، وإهدي عن محبه إلى حضرته السنية، ومقاماته العلية من السلام الأسنى، والإكرام الأهنى، ما يكافئ قدره ويوالي سروره وبشره:

 

أثني السلام على أسنى الأنام على .... غوث الورى المرتقى الأعلى من الرتب

بدر الفخار الذي جلى بطلعته .... ليل الخطوب كما أجلى من الريب

بحر الندى المجتدى منه سرى كرماً .... مخلصاً قلبه من ربقة الكرب

ذاك الإمام الذي شاعت فضائله .... حتى نمت وسرت في العجم والعرب

له التوكل في أحواله أبداً .... على الإله الذي ينجي من العطب

فمن يوكله فيما سعا ودعا .... إليه نال الذي يرجو من الطلب

هو الذي في الوغى نلقاه مبتسماً .... إذا الكماة الليوث الصيد في هرب

يردي بصارمه من نَدَّ عن سنن الـ .... مختار منتهك الكفار بالقصب

له وراثية علماً ومنتسباً .... ولم يشن علمه بالكبر والعجب

أمَّ الأنام فما أهنى إمامته .... طوبى لمقتبس منه ومقترب

طابت عناصره شاعت مفاخره .... نفت عزائمه للكفر والكذب

نارت سرائره صحت ضمائره .... فازت عشائره بالدين والنسب

دانت لمنصبه كل الملوك ومن .... رام العناد له أفضى إلى التعب

الله أسأله حفظاً له أبداً .... لحفظ دين الهدى والعز والحسب

وحفظنا وذوي الإسلام كلهم .... لأنه وزر اللاجي من النوب

 

محرر"شبوة برس": من كتاب تحفة الأسماع والأبصار بما في السيرة المتوكلية من غرائب ...

تحفة الأسماع والأبصار بما في السيرة المتوكلية من غرائب الأخبار · المؤلف: المطهر محمد الجرموزي