حرب انصار الله الأخيرة و الحاسمة قد تكون في العاصمة و ‘‘علي محسن‘‘ الهدف القادم للحوثيين

2014-06-07 07:04
حرب انصار الله الأخيرة و الحاسمة قد تكون في العاصمة و ‘‘علي محسن‘‘ الهدف القادم للحوثيين
شبوة برس - متابعات صنعاء

 

السيطرة على مقر الفرقة و تسليمها للدولة و تفجير منازل الجنرال في صنعاء و سنحان .

 

بعدما اصبحت الحرب في عمران شبه محسومة لصالح جماعة انصار الله الذين تمكنوا حتى الآن من فرض سيطرتهم العسكرية على معظم مديريات المحافظة و يخوضون حاليا مواجهات و معارك مسلحة مع قوات اللواء القشيبي و اتباعه من مسلحي و مقاتلي القبائل و الجماعات الدينية المناهضة للحوثيين في ضواحي مدينة عمران على جبهات قتال مفتوحة الجبهات من كل الجهات توحي مؤشراتها بتقدم الحوثيين وسط توقعات بإقترابهم من اطباق السيطرة الكاملة على المدينة و ما تبقى خارج نفوذهم من قرى و سلاسل جبلية معظمها بإتجاه العاصمة صنعاء من الجهة الجنوبية التي لا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن المدخل الشمالي للعاصمة منفذ الازرقين المرتبط بالطريق الرئيسي عبر مناطق ذيفان حيث تدور المواجهات في جبال الجنات .

 

قائد المسيرة القرآنية و زعيم انصار الله عبدالملك الحوثي جدد في خطابه الأخير قبل أيام و بلغة قاسية تهديداته و اتهاماته للجنرال علي محسن و هو يتحدث في الذكرى السنوية لتشييع شقيقه المؤسس السيد حسين الذي قتل في حرب صعدة الاولى قبل 10 سنوات على يد قوات علي محسن و لم يكشف عن جثمانه الا العام الماضي و نقلت رفاته لتدفن في مسقط رأسه مران في تشييع مهيب عكس حجم و قوة انصار الله و امكاناتهم الهائلة في التخطيط و الأداء و تحمل المسؤلية .

 

السيد عبدالملك هذه المرة شدد على ضرورة تسليم محسن لمقر الفرقة الاولى مدرع المنحلة و الالتزام بالقرار الجمهوري القاضي بتحويلها الى حديقة عامة لكن الجنرال المستشار يماطل في تنفيذ القرار الصادر قبل ما يزيد عن عام غير آبه بتذمر المواطنين و استنكار مختلف التيارات الثورية و الحزبية من هذا التعنت و رفض الانصياع للمطلب الشعبي و توجيهات الرئاسة .. و هو المنفذ الذي قد يتخذ من الحوثيين مدخلا لخوض الحرب الأخيرة و الحاسمة مع عدوهم الأول علي محسن مستفيدين مما قد يتوافر لهم من تعاطف و اسناد جماهيري في هذا الاتجاه و يمنحهم لو انتصروا بإخراج محسن من مقر الفرقة و تسليمها للدولة عبر الحوثيين من مكاسب تعكس عنهم صورة رائعة بين اليمنيين و تضيف الى رصيدهم انتصارا جديدا يعزز مكانتهم و قوتهم داخل الساحة المحلية كطرف وحيد قادر على انجاز تطلعات المواطن و تحقيق ما تعجز عن تحقيقه الاجهزة الحكومية .

 

سواء سيطر انصار الله على عمران او انتهت الحرب هناك بالتسوية .. فلن يتغير شيئ في موازين القوى على خارطة الصراع .. لان حضور الحوثي يتضخم خارج صعدة و بعيدا عن عمران .. اذ اصبحت حركة الحوثي مؤثرة وسط العاصمة و مختلف محافظات الجمهورية و تحظى بالتفاف بين اوساط المجتمع اليمني سياسيا و أيدلوجيا .. ما يعني ان رسم الحسابات المستقبلية على النتائج التي ستفرزها حرب عمران تقييم يفتقد الدقة لأن الحوثي صنع قوته و تأثيره من قبل أن يسيطر على ثلثي عمران بما فيها قبيلة حاشد التي أخرج أقوى مشائخها آل الاحمر من معقل نفوذهم القبلي و اللوجيستي قبل أشهر قليلة فقط و التضخيم الحاصل حاليا حول أهمية عمران كقلعة أخيرة تحمي الدولة و الجمهورية من الاطماع الحوثية الرامية للسيطرة على العاصمة و الاستحواذ على حكم البلاد حسب إدعاءات و تهويلات إعلام حزب الاصلاح و جماعة الإخوان لا يثير الحد المطلوب من اقناع الشعب و السلطة به .. فقيادة القوات المسلحة ترفض حتى الآن الزج بالجيش في مواجهة الحوثيين بحرب عمران تلبية لمطالب و ضغوطات أعداء الحوثي المشاركين في السلطة عبر الاصلاح و الاحمر و علي محسن و كل ما في الامر ان اللواء 310 بقيادة حميد القشيبي المحسوب على محسن هو من يتصدى بقواته و جنوده لأنصار الله في عمران بتوجيهات من المستشار الامني و العسكري لرئيس الجمهورية اللواء علي محسن دون رضى و موافقة وزارة الدفاع على ذات النهج الذي لعبه القشيبي و محسن مؤخرا بالوقوف مع آل الاحمر في حرب حوث و خيوان مع الحوثيين و معارك اليوم في ثلا و الضبر و المأخذ و محيط عمران امتدادا لها و كنتيجة لعدم الاستجابة الرئاسية لمطالب انصارالله و القبائل المتحالفة معه المشددة على إقالة و تغيير القائد العسكري القشيبي و محافظ عمران الاصلاحي محمد دماج التي كان الرئيس قد وعد المعتصمين لهذا الغرض على اطراف المدينة بتنفيذ مطالبهم لكن شيئا لم يحدث فتفاقم الاحتقان السياسي هناك الى انفجار الحرب بمختلف انواع الاسلحية الخفيفة و الثقيلة و سقوط عشرات الضحايا قتلى و جرحى من الطرفين .

 

هناك اطراف أخرى ظاهرة و غير مرئية تدفع بإتجاه الحرب لاهداف مزدوجة .. بعضها يهدف الى اضعاف الحوثي و تشتيت قوته العسكرية و الشعبية حتى القضاء عليه و التفرد بالساحة .. و البعض الآخر يسعى لتوظيف الحوثيين بطريقة غير مباشرة لمصالح انتقامية و ثأرية خاصة به مع محسن و الاحمر و الاصلاح في اطار تصفية الحسابات بين الكبار الذين يجد انصار الله انفسهم بين هؤلاء المتنفذين من القوى المتصارعة لا يملكون خيار آخر غير المواجهة الى ما لانهاية و خوض الحروب المفروضة عليهم - حسب تبريراتهم - دفاعا عن النفس و الذات و انتصارا لاهداف مشروع المسيرة القرآنية التي يقاتلون تحت لوائها بذكاء سياسي كبير و صمود ميداني أكبر .. لدرجة قد تجعل الحوثيين قريبا يغيرون مسار الأحداث بتكتيك يقلب الطاولة و يختصر المسافة من اقصر الطرق توفيرا لأعباء حروب تفتح ابوابها عليهم في كل مكان .. بحيث تكون هناك حرب واحدة و أخيرة يخوضها انصار الله مع العدو الاول و الابرز لهم الجنرال علي محسن بإعتباره وفق قناعاتهم من يقف وراء ما يتعرضون له من حروب منذ 2004 و هو الداعم و المحرض و المخطط لكل ما يتعرضون له من مؤامرات و مواجهات و استهداف طبقا لتصريحات و مواقف و بيانات قيادات حركة الحوثي انصارالله .. التي اصبحت في وضع يسمح لها بالدخول مع علي محسن في حرب مباشرة وجها لوجه و ربما ترى ان اللحظة المناسبة و الفرصة المواتية هي هذه الايام في ظل تفاقم الاستياء الشعبي من علي محسن و حلفائه الاصلاحيين و القبليين و رجال الدين المنخرطين في جبهة العداوة اللدودة مع الحوثي و جماعته حد عدم قدرة اي منهما على التعايش مع الآخر دون صراع و هو الامر الذي يعزز القناعات الحوثية بضرورة و اهمية الحرب الأخيرة .

 

حديث عبدالملك الحاد عن الجنرال محسن يحمل إشارات قد يفهم منها ان الجنرال هو الهدف القادم لأنصار الله .. بغض النظر عن مكان و زمان المعركة التي يرجح ان تكون في شمال غرب العاصمة حيث معقل اللواء المستشار و مركزه و تجمعات انصاره في احياء مذبح و عصر و النهضة بما فيها مقر الفرقة و موقع جامعة الايمان .. عوضا عن وجود اكثر من منزل في هذا المربع للواء علي محسن ابرزها قصره على قمة جبل جامعة العلوم و التكنولوجيا بينما يسكن ايضا في قصره بشارع صفر و كلها قد تصبح ذات يوم في مرمى هجمات الحوثيين و هدفا استراتيجيا لعبواتهم و ألغامهم الناسفة التي تعودو بها تفجير و تدمير بيوت و منازل اعدائهم و خصومهم في الحروب على غرار ما قاموا به في حاشد بنسف منازل الشيخ الاحمر في الخمري و دنان و خيوان و قناف القحيط و الجماعي في همدان و غيرهم في كتاف و صعدة و سفيان حتى غدت سمة حوثية تشمل ايضا الجوامع و المعاهد التي يتحصن فيها غرمائهم و تتبع المعارضين لهم غير مكترثين بردود الفعل و الاستنكار الذي يدين قيام الحوثيين بهكذا تصرفات بقدر ما تثير غيض كثيرين فإنها تقابل بارتياح آخرين من المتشفين .

 

لذا فإن تفجير منازل علي محسن اذا ما اندلعت الحرب بينه و انصار الله لن تتوقف في صنعاء اذا انتصر الحوثي و اضطر محسن الى الفرار نحو حصونه في سنحان بما يجعلها هي الاخرى مجالا حيويا للاستهداف لانهاء شامل لملف الصراع المتشعب سياسيا و مذهبيا و تاريخيا بين الجنرال و السيد .

 

خسائر الحوثيين في الأرواح و العنصر البشري في الحروب لا شك كبيرة بالمئات و الالاف لكنهم في الأخير يصنعون من دماء الضحايا انتصارات حاسمة لا تقبل بأنصاف الحلول مما جعل انصار الله قوة مرعبة خاصة بعد تمكنهم من إلحاق هزيمة قاسية بآل الاحمر الذين عجز الرئيس السابق علي عبدالله صالح بجيشه و قواته من هزيمتهم قبل اعوام خلال حربه معهم في الحصبة التي يبدو انها هدف مؤجل في حسابات الحوثي القادمة مع ان المراقبين يتوقعون منه ان ينتقل بعد السيطرة على عمران مباشرة الى الحصبة لاستكمال المعركة المصيرية .. الا ان تقديم علي محسن كأولوية ربما اصبح خيارا واقعيا تفرضه ضرورات المرحلة من منطلق الوصول للهدف من اقصر الطرق و بأقل الخسائر قياسا بما سيحتاجه الحوثي من تكاليف و وقت و تضحيات اذا ما بقي يخوض حروبه مع علي محسن بالتجزئة عبر مواجهات متقطعة من وقت لآخر مع جماعات و حلفاء الجنرال في مناطق عديدة تشمل الجوف و ارحب و الرضمة و حجة و برط و ذمار و رداع .. يمكن توفيرها جميعا باختصارها كلها في حرب واحدة تكون مباشرة مع الجنرال علي محسن في عقر داره و مركز قراره وسط العاصمة و امام العالم تحت شعار نكون او لا نكون !

 

الحوثيون يقرأون الوضع جيدا و يتعاملون مع الواقع بإدراك حصيف للعواقب و النهايات و قد صاروا حاليا قوة ضاربة لها عتاد عسكري ضخم و ترسانة اسلحة و جيش مقاتلين مدرب و كتلة سياسية و قاعدة شعبية و اسناد ثوري و آلة اعلامية و لم يعد ينقصهم غير تحقيق الانتصارات على الأقوياء من مراكز القوى و النفوذ و الهيمنة .. و مع ان التكهن بالمصير الذي ينتظر علي محسن قد يكون صعب التقبل نسبيا في الوقت الراهن الا ان كل شيئ ممكن و التوقعات مفتوحة على مصاريعها و معطيات القوة و الحسم ترجح كفة الحوثي في الاحتمالات الواردة .. ليبقى السؤال : هل يمكن ان يقتل علي محسن في المعركة مع الحوثيين ام ان نهايته ستكون مماثلة لمن سبقوه ام انه سينتصر مع ان الانتصار لو كان واردا لحصل في الحروب السابقة التي كان هو من يقودها ميدانيا او من وراء الكواليس ؟

 

بإمكان الواحد ان يحلق بخيالاته بعيدا .. و يتوقع سيطرة انصار الله على موقع الفرقة الاولى مدرع و تسليمها للدولة لتجعلها حديقة .. و ما دام ان الجميع قد شاهد و رأى ما ظل مستبعدا و لا معقول بسيطرة الحوثي على قبيلة حاشد و التوغل في عمران و تفجير بيوت الأحمر .. فما الذي يمنع تكرار ذات السيناريو مع علي محسن و قصوره و بيوته و متارسه .. علما ان الجنرال المستشار قد لا يكون أقوى من آل الأحمر رغم تفوقه عسكريا بحكم منصبه و علاقاته !

 

من يعرف الحوثي و انصاره يعرف حجم الكراهية التي يكنونها لشخص علي محسن و هي الاحقاد الدفينة التي قد ترفع شراسة المعركة ضده و تدفع مقاتلي الحوثي للإستبسال في المواجهات معه للقضاء عليه و الانتقام منه .. و حديث عبدالملك عن الرجل في خطاباته الأخيرة و تركيز انصار الله على الجنرال علي محسن و رصد تحركاته و ممارساته تنم عن أشياء خفية .. يمكن الاستدلال عليها من خلال آخر أنشودة حربية أصدرها الحوثيون هذا الأسبوع عنوانها ( ثوري يا المعارك دقت الحسابة) و كلماتها من قصيدة قديمة لشاعر المسيرة الراحل عبدالمحسن النمري موجهة لشخص علي محسن الذي يرد اسمه في الإنشودة الحماسية الجديدة لأول مرة في الاعمال الفنية للحركة الحوثية التي تعمدت على ما يبدو في هذا العمل بألحانه الجسورة و توزيعه الموسيقي العسكري توجيه رسائل واضحة للجنرال و تهيئة مقاتلي المسيرة القرآنية معنويا للمعركة الحاسمة مع الهدف القادم الذي جاءت أنشودة التثوير داعمة لتحذيرات السيد عبدالملك للجنرال و تهديداته المغلفة بالتحدي و الإنذار للقائد العسكري الكبير الذي فقد في السنوات الماضية عناصر قوته و مازال يفقد المزيد و يتعرض لقصقصة الأجنحة و تقليم الأظافر نتيجة المتغيرات المضطردة على الساحة اليمنية و التي تخدم الحوثي و تدعم حظوظه و مشروعه في التقدم و التبلور كمشروع بديل و قوة جديدة تحل بدلا عن القوى المستهلكة .. غير ان الاثارة في هذا الجانب لا تنتهي هنا بنهاية مادة صحفية تقرأ القادم و تواكب مستجداته تباعا حتى الوصول الى نهاية المطاف بالضغط على زر التفجير امام عدسات التصوير و اصداء الصرخة الحوثية المدوية خلف عاصفة الغبار المتطاير من عمق حطام الركام .

 

* الصحفي اليمني : عابد المهذري

نشر في الديار