تحدث أمس مع مسؤول جنوبي في صنعاء في كيفية تحول مبدأ المناصفة في الوظائف والمراكز القيادية في الدولة التي تسبق مرحلة الاقلمة من المناصفة الى المغالطة .
وشرحت له كيف يتم تجاهل الجنوبيين في حصص كثير من الوزارات ..
حاول صديقي إقناعي ان جهودا كبيرة يبذلها الرئيس عبدربه منصور هادي من اجل تمكين قيادات جنوبية في عدد من مفاصل الدولة خاصة في المؤسسة العسكرية التي همش فيها الجنوبيين بالكامل ، وحتى يستطيع خلق نوع من التوازن في السلك القيادي العسكري والأمني ، شارحا ان هادي أوكل أمور حساسة الى قيادات جنوبية مشهود لها بالكفاءة في الأمن القومي والشرطة العسكرية وقيادات في قمة الهرم في الجيش .
صحيح ان للرئيس هادي خطواته التي يسير عليها وفقا لنهج يتبعه منذ توليه السلطة قبل عامين ونيف في سبيل اعادة التوازن في المراكز القيادية في السلطة ليأخذ الجنوبيين فيها نصيبهم ضمن الشراكة السياسية بين الشمال والجنوب والتي دفنها نظام صالح المخلوع .
وعلى الرغم من كل الجهود التي تبذل في هذا الشأن الا أني شرحت لصديقي ان هذه الجهود التي يبذلها الرئيس هادي مقدرة من قبل الجنوبيين ولكني لم اجد تفسيرا مثلا لتعيين ثلاثة من الشمال بمناصب مستشارين دبلوماسيين في دول مثل البحرين والنمسا وواشنطن ولماذا لم يتم إحلال جنوبيين بدلا عن هؤلاء ضمن المحاصصة السياسية بين الشمال والجنوب والتي لا تزال كثير من العقول القيادية في الشمال لا تؤمن بهذا الحق .
المشرعين ضمن مخرجات الحوار الوطني وفي مقدمتهم وزير الاعلام علي العمراني الذي ابلغ مسؤولا جنوبيا بان لن يقبل بمبدأ المناصفة ، ناهيك عن ممارسات وزير العدل الذي عين نجله في منصب قيادي عوضا من تعيين جنوبي وغيره كثير من الوزارات التي لا تزال نسبة المناصب القيادية فيها اقل من اثنين في المائة بين الشمال والجنوب .
للأسف كثير من القيادات في الشمال لا تزال تتعامل بعقلية ما بعد حرب ١٩٩٤ اي ان الجنوب الفرع عاد الى الأصل الشمال ، وهذا ما كشفناه امام المجتمع الدولي اثناء الحوار في ان الشمال يريد الجنوب ارض وثروة فقط ، لا يريدوا شعبا ولا شراكة سياسية .
إذن هل نترك الرئيس هادي يصارع لوحده تلك العقلية الاستحواذية في الشمال ويتفرغ الجنوبيين لمزيد من التمزق والتفرقة لإضعاف أنفسهم وقضيتهم والرئيس الجنوبي والذي مهما اختلفنا معه سياسيا في مرحلة ما ان يظل لوحدة يواجه تلك العقلية وتلك التركة الثقيلة .
اعتقد انه من الحكمة ان نترك خلافاتنا السياسية جانبا ونسعى الى لملمة أنفسنا حول قضيتنا الاساسية وعدم التفريط بها ، كما في الوقت نفسه وما تقتضيه المرحلة الحساسة التي تجري في الشمال لإفشال اول رئيس جنوبي ستتحقق لنا الحد الأدنى في عهده أفضل من فقدان كل شيء كما كان في عهد المخلوع صالح .
بالفعل هادي بحاجة الى التفاف السياسيين الجنوبيين حوله بنفس القوة التي يقف بها الى جانبه اليوم العسكريين الجنوبيين في اجهزتي الأمن والدفاع وما الحرب على القاعدة ومن يديرها في الجنوب الا خير دليل على هذه الوقفة الشجاعة لقادتها العسكريين قادة محاور أولوية وكبار الضباط .
يواجه هادي اليوم محاولات جره الى حرب مع الحوثيين لتمرغيه وحل تلك الحرب التي يريد الإصلاح ان يجعلها حرب الدولة مع الحوثيين لإضعاف هادي والانقلاب على العملية السياسية برمتها والعودة الى مربع الصفر .. وما افتعال أزمات الديزل والمماحكات السياسية داخل البرلمان تدخل جميعها ضمن هذا المخطط الجهنمي للانقلاب على اول رئيسين جنوبيين في قمة هرم الدولة وفي الحكومة .
علينا فهم أولوياتنا السياسية لان الذي يريد الشيء كله يضيع الشيء كله وكفاية ما أضعناه في الجنوب ووصلنا الى هذه المرحلة الا لأننا لم نفهم اسرار اللعبة السياسية التي تمرس عليها الشمال لسنين طويلة .. فسياسة الفعل ورد الفعل لا تخدم قضيتنا البتة، والخبرة في صنعاء اذا استمرينا على هذا الحال سيحولون المناصفة الى مغالطة لأننا تركنا من هم مننا ان يقف ضدنا وهذا ما لا نريده ان يتكرر بعد اليوم .
* لطفي شطارة - الكاتب والسياسي المعروف