قصور المقاربات الأميركية لحل الأزمة اليمنية

2019-01-16 13:23

 

الولايات المتحدة لا تملك حلولا واضحة لحل الصراع في اليمن، ويؤكد ذلك اكتفاء المسؤولين الأميركيين بدعوتهم المستمرة إلى حل الأزمة في اليمن دون تقديمهم خطوط للحلول المقترحة. ومن المؤكد بأن تصريحات وزير الخارجية مايك بومبيو في إطار جولته العربية، وتحديدا تلك التي جاءت في المحطة السعودية تعزز غياب الرؤية للحل السياسي اليمني، فمع أنه اتفق مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على خفض التصعيد العسكري ودعم اتفاق السويد، إلا أنه عاد قبيل مغادرته للرياض ليقول إن ميليشيات الحوثي لا تحترم اتفاق السويد.

 

بالعودة إلى شهر أكتوبر 2018 فإن صحوة أميركية طارئة هي التي حركت المسار السياسي في اليمن بعد دعوة وزير الدفاع السابق، جيمس ماتيس، إلى وقف الحرب في اليمن خلال 30 يوما. ألحقت الولايات المتحدة تلك الدعوة بمجموعة من الضغوط على الأطراف اليمنية وصلت إلى ما يمكن وصفه أنها لوّحت باستخدام العصا الغليظة عندما هددت للمرة الأولى بتصنيف الميليشيات جماعة إرهابية مما دفع بالحوثيين للمشاركة في ما أطلق عليه من جانب الأمم المتحدة مشاورات لإجراءات بناء الثقة، إلا أن الأمم المتحدة حوّلت المشاورات الهشة في ستوكهولم إلى اتفاق السويد، واستطاعت بريطانيا تمرير قرار في مجلس الأمن الدولي حمل الرقم 2451.

 

وبالعودة للعلاقة الأميركية باليمن فإنها لا تتجاوز مسألة مكافحة الإرهاب خاصة بعد أن استعان النظام السابق بحلفائه آنذاك، حزب التجمع اليمني للإصلاح، واستقطب المئات من الأفغان العرب لقتال الجنوبيين عام 1994 بعد نشوب خلافات حادة بين شريكي دولة الوحدة علي سالم البيض وعلي عبدالله صالح، فلقد استعان النظام السابق بالجماعات الإرهابية التي تحوّلت لاحقا إلى تنظيمات عابرة للحدود استخدمها النظام السابق لابتزاز المملكة العربية السعودية، لكنها تحوّلت إلى تنظيمات أكثر خطورة بعد الإعلان عن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

 

ولم تكن الإدارات الأميركية تنظر لليمن إلا عبر هذه الرواية التي تظل بالتأكيد قاصرة وغير قادرة على استيعاب التطورات الجسيمة التي جاءت بعد انقلاب الحوثيين في 21 سبتمبر 2014، وتقويضهم لعملية الانتقال السياسي التي أوجدتها المبادرة الخليجية. وحتى مع استيعاب الولايات المتحدة لاستهداف المدن السعودية بصواريخ إيرانية لم تستطع بلورة رؤية ممكنة لمعالجة الأزمة، بل باتت المفارقة الأكثر ظهورا هي لماذا صنّفت الولايات المتحدة حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، بينما لم تصنّف الميليشيات الحوثية كجماعة إرهابية رغم ثبوت تورّطها بالارتباط مع النظام الإيراني؟

 

على الإدارة الأميركية أن تعود وتستخدم عصاها الغليظة مجددا لإجبار الحوثيين على تنفيذ القرار الدولي 2451 في إطار خلق أفق سياسي ممكن يعالج الأزمة، ويعطي فرصة لتسوية من المؤكد أنها ستذهب إلى تأسيس حكومة وحدة وطنية يتعيّن عليها معالجة ثغرات مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وتصويب فقرات الدستور ومنح الجنوبيين حق تقرير المصير، وهي مسائل سياسية يمكن معالجتها قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تنتهي معها الأزمة، لكن من دون كسر الجمود القائم في تنفيذ اتفاق السويد مع تعنّت الحوثيين من المستحيل الوصول إلى الأفق السياسي المنشود.

 

تظل المقاربات الأميركية للأزمة اليمنية محدودة وضيقة للغاية، فضلا عن كونها تؤشر على عدم قدرة الولايات المتحدة على تحقيق أهداف إستراتيجيتها حيال النظام الإيراني. فعدم قدرة البيت الأبيض على خلق فرصة تسوية في اليمن يعني أن الأميركيين لن يستطيعوا تحقيق نجاحات في ملفات أكثر تعقيدا في لبنان وسوريا والعراق.