الجنوب وفزاعة الاشتراكي

2018-12-12 20:08

 

ما يزال الكثير من المواقع الإعلامية وكتابها ومرتاديها من العائشين في أزمنة الثقافة السياسية التي تصنعها المطابخ الاستخباراتية يكررون في وجه الجنوبيين فزاعة اسمها "الحزب الاشتراكي" من خلال التلويح ببعض الأخطاء التي وقع فيها النظام السابق في الجنوب والتي لا يمكن مقارنتها مع الجرائم والكوارث التي تسبب بها من يتحدث باسمهم هؤلاء، والتي بلغت التدمير الشامل للبلد والمجتمع والمستقبل، معتقدين أن هذه الترهات ستنطلي على المواطنين الجنوبين ما يدفعهم إلى التراجع عن مطالبهم العادلة باستعادة وطنهم ودولتهم وحقهم في تقرير المصير، وهو الحق الذي كفلته القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة لكل شعوب الدنيا.

هذه الاستراتيجية الخائبة ليست جديدة فهي تمتد إلى الأيام الأولى لهزيمة الجنوب على يد الجيوش العفاشية والجهادية الأفغانية وحلفائها في العام 1994م، حينما كانت "هراوة الاشتراكي" بمثابة السلاح المرفوع في وجه كل من يشكو ظلماً أو يعلن تململاً أو يرفض جوراً أو يعبر عن معاناةٍ بسبب السياسات الاحتلالية الجائرة التي اتبعها نظام 7/7 فكانت تهمة التبعية للاشتراكي جاهزة لأن الحزب كان في موقع المهزوم، والمهزوم، في الثقافة اليمنية، متهمٌ ومدانٌ حتى لو كان هو الضحية.

لن نتعرض لتاريخ الحزب الاشتراكي فقد صار هذا التاريخ من الماضي ويمكن تقييمه في سياق آخر وفي تناولة أخرى، وعموماً فقد أصاب حيث أصاب وأخطأ مثلما تخطئ جميع الكيانات البشرية، لكنه لا يصلح أن يكون فزاعةً لإخافة ضحايا الظلم والقهر والاستبعاد والتهميش من الجنوبيين، فهؤلاء قد شبوا عن الطوق وصاروا قادرين على التمييز بين الحقيقة والزيف، بين العدل وادعاء العدل، وبين من يرعى مصالحهم وينميها ويدافع عنها ومن يتاجر ويثري ويستثمر باسمهم كذباً وافتراء.

مطالب الجنوبيين معروفةٌ ومعلنةٌ للجميع وهي الامتثال لحقهم في تقرير مصيرهم بإرادتهم الحرة بعيداً عن الوصاية والتبعية لأحد من الغزاة والمحتلين، لكن البعض يتصنع الغباء المفرط معتقداً أن هذا يرفع من كفة حججه ويدحض أحقية ومشروعية مطالب الجنوبيين التي يقر بها القانون الدولي، وهذا أحد أسباب إطلاقنا عبارة "الاستراتيجية الخائبة" على هذا النوع من السياسات والسلوك.

وأختتم برسالة تلقيتها منذ يومين من أحد أصدقائي على فيس بوك لخصها كما يلي: "شكراً للذين يتهجمون على زمن إدارة الحزب الاشتراكي، لأنهم يذكروننا بكثير من الأمجاد والامتيازات التي عاشها آباؤنا وأجدادنا وكبار إخوتنا مما قد لا تصدقها الأجيال الجديدة ممن نشأوا وشبوا وبلغوا الرشد في ظل عهد الغزوات وسياسات الاستباحة والفساد المشرعن وثقافة (حمران العيون)"

وللحديث بقية