لا مصلحة للجنوب ولا ضرر على القضية من مشاورات السويد

2018-12-12 14:05
لا مصلحة للجنوب ولا ضرر على القضية من مشاورات السويد
شبوه برس - خاص - عدن ستوكهلم

 

الحديث عن مشاورات السويد وتغييب الجنوب ساخن ومتشعب، لكن الأمر يتطلب بعض الإيضاحات وتفسيرا لبعض الجزئيات في هذه المرحلة، ولعل أبرز ما يمكن طرحه في هذا الموضوع ما يلي:

 

لا أحد يستطيع الدفاع عن دور المجتمع الدولي وآلياته الذي حالفه الفشل، أذكر تجارب اليمن وسوريا وليبيا، بعكس تجربتي كل من أثيوبيا وتونس اللتين أدارتهما أطراف وكيانات محلية وكانت ناجحة.. شخصيا زرت أثيوبيا واطلعت على تجربتها. من الطبيعي ألَّا نحمل طرفاً بعينه كل المسؤولية عن فشل التجارب الثلاث ونعفي الأطراف الأخرى المحلية والخارجية.

 

ليس من الصواب تقييم جولة واحدة من مسيرة متعرجة وطويلة، وإطلاق الأحكام عليها فقط. العملية السياسية في اليمن انطلقت مع حرب 1994م والأخضر الإبراهيمي وصولا إلى اليوم، ما يحدث الآن هو استمرار لما سبقه. نتفق أن العملية حفلت بأخطاء وخطايا واختلالات، وبالذات في التعاطي مع الجنوب، وإلا لما وصلنا لما نحن فيه اليوم.

 

أتمنى وأنصح ألا نتناقش عن مكانة الجنوب، ونطلق الأحكام بناء على جولة السويد، وقبل أن نعرف موضوعاتها ونتائجها. في بحث مكانة ودور الجنوب يجب ألّا نغفل عن عوامل جوهرية وهامة ربما لا نشعر بها وقد تكون أهم ما يحدث أمامنا، كما ليس من الحكمة والمصلحة أن نستغل هذه المحطة لوحدها، ونجعل منها أساسا للحكم والإدانة، الوضع يتطلب عكس هذا تماما.

 

سبق وأن نظمت عملية تشاور استمرت، سنتين من منتصف 2015م، ولم يشارك فيها الجنوب، ولم يكن لذلك أي ضرر عليه، وكانت فاشلة بكل المعايير.. والحقيقة أن ظواهر أخرى هي التي أضرت بالجنوب، وليس غيابه عن التشاور.

كان مخطط العملية السياسية أن تتكون من مرحلتين، الأولى وتعتني بالمسألة العسكرية والأمنية والإنسانية، والثانية وتختص بالقضايا العامة والخيارات المستقبلية.. ثم أضيف لها مرحلة التشاور، المناط بها إجراءات بناء الثقة بين الطرفين (الشرعية والانقلاب)، وتدخل جولة السويد في هذا الإطار.

 

شخصيا لا أرى أن هناك ضرورة لمشاركة الجنوب في هذه الجولة، ولا يوجد ضرر نتيجة لغيابه، طالما وقضايا البحث لن تخرج عن القضايا الأربع المعلن عنها وهي: إطلاق الأسرى والمحتجزين، توصيل المعونات الإنسانية، مطار صنعاء، ميناء الحديدة، وإدارة المدينة.

الأمر سوف يختلف لو تم بحث وإقرار حلول وإجراءات عسكرية مثل التشكيل وسحب السلاح، وتشكيل قيادة عليا موحدة، وهي إجراءات سوف تطال التشكيلات الجنوبية، والأمر يختلف أيضا لو تم بحث قضايا وإجراءات سياسية مثل أسس المفاوضات، وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي.. إذا حصل هذا سيكون الموقف آخر.

 

يتضح أن الأمم المتحدة تحرص على تجنب نشوء خلافات تربك العملية من بدايتها بخلافات حول الأطراف المشاركة، أو فيما بينها، وأن النجاح جعلها تختصر العملية بوفدين فقط، حتى تستطيع القول إنها حققت نجاحا واختراقات.

 

نعتقد أن غياب الجنوب عن هذه الجولة طالما ولم تتعدَ القضايا الأربع، لا يشكل ضررا عليه، ولا ينبغي أن نجعل منه مشكلة، لا مع الأمم المتحدة وممثلها الخاص، ولا مع أطراف أخرى، ولا أيضا مع الأطراف الجنوبية.. التحدي الحقيقي أمام الجنوب يتمثل اليوم في: 

أولا: السير بالحوار الجنوبي بجدية، وفي كل مساراته، وفي مدى زمني محدد.

 

ثانيا: الإعداد والاستعداد لخوض المفاوضات بفريق جنوبي واحد، يُشكّل على أساس الشراكة المتوازنة بين المكونات الأصيلة، وعلى أساس معايير وشروط صارمة يخضع لها الجميع، وللجنوب مصلحة أن يتولى الانتقالي إدارة العملية والإشراف عليها، بمنطلق من أن المفاوضات تهم الشعب الجنوب وتعنيه أولا.

ثالثا: الاستعداد وبجدية للخيارات الأخرى، في حالة ثبت وجود توجه لعزل الجنوب والالتفاف على قضيته وتطلعات شعبه.

*- بقلم : قاسم داوود علي .. عدن