الإنتقالي الجنوبي .. يقترب من الداخل ويتوسع في الخارج (تقرير)

2018-11-02 10:14
الإنتقالي الجنوبي .. يقترب من الداخل ويتوسع في الخارج (تقرير)
شبوه برس - خاص - عدن

 

يتفق الكثير من الجنوبيين أن الخطوات التي يسير بها المجلس الإنتقالي الجنوبي تعد ثابتة وموزونة وفي الطريق الصحيح وتصب في مصلحة الجنوب وشعبه العظيم ، ففي الوقت الذي كان يتوجب على المجلس أن يتفرغ كلياً للتركيز على الخارج فحسب لإيصال صوت الجنوبيين وقضيتهم العادلة ، عمل في إتجاهين وفي آن واحد ، بالخارج وفي الداخل.

 

رأى المجلس الإنتقالي أن يعمل في آن واحد على ترتيب صفوف الجنوبيين بالداخل من خلال إطلاق حوار جنوبي تحت رأية الإستقلال وإستعادة الدولة ، بإعتبار أن تلك الخطوة تشكل أهمية كبيرة ، لكنه وبنفس الوقت يدرك أن التواصل مع الخارج وتوصيل مطالب الجنوبيين الى دوائر صناع القرار الدولي لا يقل أهمية عن التقرب للداخل.

 

*التوسع خارجياً

وأعلن الإنتقالي قبل أيام إنطلاق حوار جنوبي جنوبي مع كافة المكونات والتشكيلات والشخصيات الجنوبية في إطار جهوده الرامية لتوحيد الرؤى وتعزيز الصف الجنوبي ، في الوقت الذي طارت فيه بعض قيادات الإنتقالي في جولة مكوكية للخارج للتواصل وتوصيل رسائل ومطالب الجنوبيين ورؤية المجلس الإنتقالي التي تتبنى تلك المطالب .

ويوم الثلاثاء ما قبل الماضي وتحديداً في تاريخ 16 أكتوبر ، توجه نائب رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي الشيخ هاني بن بريك صوب العاصمة البريطانية لندن في جولة عمل تشمل عدد من الدول الأوروبية .

 

وفي إطار توسعه الخارجي وتوسيع قنوات إتصاله ، قام الإنتقالي بتعيين الدكتور علي الزامكي مسؤولاً لمكتب العلاقات الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي في دولة روسيا الاتحادية ، وهي ثاني دولة كبرى يفتح فيها المجلس الإنتقالي مكتب له عقب إفتتاح مكتب مماثل في الولايات المتحدة الأمريكية .

 

يقول عضو هيئة رئاسة المجلس الإنتقالي لطفي شطارة في تغريدة على تويتر بهذا الشأن : "الانتقالي يتوسع خارجيا لتوسيع قنوات اتصالاته بالعالم والدول المؤثرة في صنع القرارات الدولية .. أهنئ أخي الدكتور علي الزامكي لتعيينه مسؤولا لمكتب العلاقات الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي في دولة روسيا الاتحادية ..متمنيا له التوفيق والنجاح في مهامه القادمة".

وحول الدول التي سيزورها وفد الإنتقالي في أوروبا ، أوضح شطارة في تغريدة أخرى : "برلين المحطة الثانية بعد لندن لوفد المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الشيخ هاني بن بريك نائب رئيس المجلس وعضوية لطفي شطارة عضو هيئة الرئاسة.. التواصل المباشر مع صناع القرار في العالم لتوضيح رؤية المجلس في ضوء الواقع والاستحقاقات القادمة وفقا لإرادة شعب الجنوب".

 

ويرى العديد من المحلليين والمراقبين السياسيين أن خطى المجلس الإنتقالي تسير بشكل ممنهج ومدروس ، مشيرين بأنه يبدو أن هناك ضوء أخضر أعطى الإنتقالي دافعاً قوياً للتحرك في مسارين متقابلين وفي وقت واحد.

ويؤكد هؤلاء أن الإنتقالي يمتلك من القوة الشعبية والعسكرية والأمنية ما يكفيه لأن يتخذ قراراً وفرض أمر واقع ، إلا أنه مازال متمسك بشراكته وعلاقته المتينة مع التحالف العربي ، بذات القدر الذي يتمسك فيه بثوابت وأهداف ومطالب الشعب الجنوبي والمتمثل بالإستقلال وإستعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة على ترابها الوطني المتعارف عليه منذ ما بعد 1967 وحتى قبل العام 1990.

 

ترتيب الصفوف الداخلية

وتزامن ذلك التوسع الخارجي للمجلس الإنتقالي ، مع إعلان قيادته بفتح باب الحوار الجنوبي والإنفتاح عن كافة المكونات والتنظيمات والشخصيات الجنوبية المؤمنة بقضية الجنوب ومطالب إستقلاله ، وبدأت الجمعية العمومية بالإلتقاء بعدد من تلك الأحزاب والمكونات ومنها الحزب الإشتراكي وحزب الرابطة وهيئة الوفاق الجنوبي وتاج الجنوب العربي ، فيما يتوقع أن تشمل تلك اللقاءات كافة المكونات الأخرى.

 

وكان الأمين العام للمجلس الإنتقالي أحمد حامد لملس أوضح في حوار صحفي أنه "أنه تم تشكيل لجنة على مستوى الأحزاب والتنظيمات والمكونات السياسية في إطار الجنوب ، وتم تشكيل لجنة أخرى للمحافظات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني ، واللجنة الثالثة تستهدف الحوار مع كل الجنوبيين الذين مازالوا بالسلطة ، فضلاً عن اللجنة الرابعة التي تختص بالوجاهات والسلاطين والشخصيات الإعتبارية الجنوبية".

 

وبشأن الفئات التي سيتحاور معها المجلس ، أوضح لملس : "نحن سنتحاور مع ثلاث فئات ، الفئة الأولى هم من نتفق معاهم في الهدف المتمثل بالإستقلال وإستعادة الدولة ونختلف معهم في جزئيات بسيطة مثل بأننا لم نأخذ رأيهم عند تشكيل المجلس ، والفئة الثانية هم من نتفق معهم في الهدف ونختلف معهم في الوسيلة للوصول الى هذا الهدف ، وهذه الفئة لا إشكالية أن نجلس معهم ونضع أسس وثوابت ، والفئة الثالثة هم من نختلف معهم في الهدف لكن علينا أن نلتقي معهم ونتفق حتى لا يزيد الشرخ الإجتماعي ولكي نحافظ على وحدة الصف الجنوبي ، ونتحاشى الصدام مع بعضنا البعض".

 

يقول الكاتب والمحلل السياسي هاني مسهور على تويتر : "الانتقالي الجنوبي" يدعو الى حوار جنوبي جنوبي خطوة تأخرت ولكنها تحققت ويبقى الاختبار في متطلبات الحوار وقواعده فالحقيقة الدامغة تقول إن الجنوبيين لم يتحاوروا منذ استقلالهم في نوفمبر ١٩٦٧م".

 

*مبادئ واضحة ومحددة الأهداف

ويرى الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور حسين لقور بن عيدان على صفحته في فيس بوك: "الحوار الذي دعى اليه المجلس الانتقالي مع باقي مكونات و قوى الجنوب يجب ان لا يكون فورة مؤقتة وتأدية واجب بل يجب ان يكون قائم على مبادئ واضحة و محددة الاهداف و عميق بحيث تحدد فيه المشتركات ويتم التأكيد عليها وترك المختلف للآخر بعد ان يتم ترسيخ مبدأ الحوار ذاته".

وأضاف : "أخيرا يجب ان توقع بين كل الاطراف وثيقة كما نسميها في ادارة الاعمال NDA اتفاقية عدم افشاء اي معلومات عن ما يدور في الحوار حتى ينتهي".

وواصل لقور الحديث عن الحوار الجنوبي ، إذ قال متسائلاً : "الحوار قيمة سياسية متقدمة في العمل الجماهيري.

ليس هناك جنوبي اليوم يرفض ظاهريا هذا الحوار بل الجميع يدعو له.. لكن على ماذا الحوار هناك ثلاثة مشاريع أمام الجنوبيين... استقلال ناجز و قيام دولة جنوبية جديدة.. فيدرالية اقليمين مع اليمن.. فيدرالية ستة أقاليم..على أيا منها سيتم الحوار؟".

وتابع : "اذا اجمعنا على أن يتم الحوار على تلك الخيارات فما هي آلية إختيار مخرجات الحوار و ما هي المبادئ التي يلتزم بها المتحاورين في ادارته..كيف نضمن التزام الأقلية لو تبنت الأكثرية واحد من تلك الخيارات الثلاثة آنفة الذكر.. كل هذه الأمور يجب أن توضع بعين الاعتبار مالم لن يكون هناك حوارا".

 

وأكد لقور أن : "الاختلاف الجنوبي في الرؤى امر طبيعي.. من يعتقد انه يعيق مسيرة الجنوب نحو الاستقلال غير مدرك لحركة التاريخ.. نواجه حملة شعواء وقوية و اقوى ما فيها و الاكثر ايلاما ان من يقودها بعض الجنوبيين.. لكن من هي القوى الجنوبية التي تقف ضد حق الجنوبيين في استعادة هويتهم وبناء دولة جنوبية وحجمها".

 

*قوة سياسية حقيقية

وحول المجلس الإنتقالي أوضح لقور : "اذا نظرنا موضوعيا للامر لن نجد قوة سياسية حقيقية ذات بناء تنظيمي في الشارع الجنوبي اليوم وعلى مستوى كل فئاته عدا المجلس الانتقالي بكل الاخطاء التي رافقت تشكيله اما ما تبقى فهي افراد ومجموعات صغيرة لا يجمعها اطار تنظيمي ولا قواعد عمل مشتركة و جل اسباب معارضتهم بسبب مواقف شخصية".

ما قاله لقور يتفق عليه الكثير من المحللين والكتاب والناشطين الجنوبيين على شبكات التواصل الإجتماعي وحتى المواطنين الذين تجمعهم جلسات وندوات ومنتديات ، حيث يرى العديد منهم إن المجلس الإنتقالي تشكل في ظروف صعبة إلا أن تشكيله كان حلماً طال إنتظاره من الجنوبيين الذين بحث حناجرهم وهم ينادون بحامل سياسي موحد يستطيع أن يوصل مطالبهم ويتحدث بها في المحافل الدولية .

 

كما يرون أن المجلس الإنتقالي يمتلك القوة السياسية وقبلها الشعبية ، فضلاً عن بناءه التنظيمي ودوائر عمله وقياداته المحلية المنتشرة على طول وعرض المحافظات الجنوبية ، وهو بحد ذاته عمل جبار طال إنتظاره لسنوات خلت .

 

*أطراف معادية

ومع ذلك تصر البعض من الأطراف التي تتقمص عباءة بغضها للإنتقالي بينما هي في الأساس تكن عداوة على الجنوب والقضية الجنوبية وأي عمل جنوبي نحو تحقيق الإستقلال ، على مهاجمة الإنتقالي وتقزيم أي عمل يقوم به في إطار مخططاتها الرامية الى إفشال أي جهود جنوبية تسير بالجنوب الى أهداف شعبه المنشودة ، فتارة تحت يافطة المناطقية أو العنصرية أو القبيلة وتارة أخرى بالإدعاء أن المجلس يصارع من أجل المناصب والإستحواذ على الجنوب .

ورد نائب الرئيس الشيخ هاني بن بريك على صفحته في تويتر على تلك الإدعاءات التي لا تسعى الى إنتقاد بناء بقدر سعيها الدؤوب والدائم للإنتقاد لمجرد الإفشال ، إذ قال : "لن يبنى الجنوب الجديد أبدا على العنصرية والمناطقية، ولن يغلب فصيل ولا قبيلة ولامنطقة على مؤسسات الدولة، ولن تستأثر منطقة ولاقبيلة بالمناصب،. ولن تكون محاصصة مبنية على اعتبارات مناطقية قبلية. العامل الرئيس هو الكفاءة والقدرة والأمانة في أداء المهام.. ومن في رأسه غير هذا صح النوم ".

 

ويرى الناشط محمد القادري على صفحته في تويتر أن : "الجنوب الجديد يجب أن يبنى من الجنوبيين الشرفاء ذوي الكفاءة دون إشراك العملاء والمرتزقة الذين يعملون لأجل مصلحتهم الشخصية وليس لمصلحة الجنوب وبالتالي فأن الحوار الجنوبي مع هؤلاء الذين لن يقبلوا بمصلحة الجنوب على حساب مصالحهم سيكتب له الفشل ولن يقبلوا بأي حوار معهم لأنهم أختاروا صف الأعداء".

 

من جانبه يقول القيادي الجنوبي الدكتور عبدالرحمن الوالي على تويتر : " الخلاف ليس حول استقلال الجنوب ولكن الخلاف هو حول كيفية الوصول اليه، ولهذا لابد من طريق واضح ومتفق عليه، فربما كان كل (طرف شريف) لديه معطيات ليست لدى الآخرين فلو شاركها معهم تكون الفائده اعم، ولهذا نرى ان الحوار الجنوبي هو الحل لأنه يوحد الخطط ويوضحها لمن غابت عنه حقيقة خلفيتها".

 

*مرحلة تنافس سياسي

ويؤكد الإنتقالي الجنوبي بأن المرحلة المقبلة هي مرحلة تنافس سياسي سلمي لا مرحلة صراع دموي عسكري ، وهو على ما يبدو مفهوم جديد بدأ المجلس سلوكه ، بعيداً عن أي صراعات عسكرية تحاول قوى وأطراف معادية الدفع به وتأجيج الموقف ونشر الفوضى لتبرز وقتها كما هي معتادة على إدارة الفوضى والظهور من خلالها .

وهو ما أكده أمين عام المجلس أحمد لملس ، حيث قال : "نحن تواقين لدولة مدنية حديثة يسودها النظام والقانون ، وفلتتنافس الرؤى والمشاريع في المرحلة القادمة ، وللشعب حق الإختيار في المشروع الذي يراه مناسب ، ونسيطر ، وأي مجموعة معينة تصعد ستستمر أربع سنوات وستأتي إنتخابات ، علينا أن نؤمن أن المرحلة تعتبر مرحلة صراع سلمي سياسي لا صراع دموي عسكري ، هذا مفهوم جديد نحن نتعامل معه".

 

*مشاركة الإنتقالي في المشاورات القادمة

وبشأن ضرورة مشاركة المجلس الإنتقالي الجنوبي في أي مشاورات قادمة تهيئ لتسوية سياسية ، يرى الكثير من الكتاب والاكاديميين والباحثين السياسيين أنه يعد ضرورة ملحة من أجل ضمان إيجاد تسوية شاملة تساهم في حلحلة الوضع القائم وإنهاء الحرب الراهنة ، لاسيما وأن الوقائع والمعطيات الجديدة على الأرض وخاصة بالجنوب تفرض ذلك .

 

يقول الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور فضل الربيعي في مقالة جديدة نشرها على صفحته في فيسبوك : "إن الاخذ بالتسوية السياسية القادمة تستدعي بالضرورة الأخذ بطبيعة التعامل مع الواقع الذي اظهر قضية الجنوب كمعادل رئيس في الصراع الدائر في اليمن وفي التوازن الاقليمي. خصوصا وان الجنوب قد انتظم اليوم سياسيا أكثر من أي وقت مضى وتحت مسمى سياسي ووطني واحد وهو المجلس الانتقالي الجنوبي كحليف رئيس مع قوات التحالف".

وأضاف : "ولطالما لقي ذلك ترحيبا خارجيا فقد بات من الضروري وجود المجلس في أي حوار قادم يمثل أهمية كبرى لانهاء الأزمة في اليمن وإحلال السلام بالمنطقة ، لأن العودة إلى طرفي الحرب ـ شرعية وإنقلابيين ـ لا تأتي بجديد وهذا ما أكدته طبيعة حواراتهم السابقة، وما اظهروه طوال 3 سنوات من الحرب التي برهنت استثمارهم لها وظهروا كأمراء حروب، لا هم لهم سوى جمع المال والسلاح والسيطرة على الوظيفة العامة وعلى الموارد الواقعة في حدود المناطق المسيطرين عليها بوصفهم بقايا للسلطات السابقة التي أدخلت البلد في اتون الحروب والصراعات المتكررة".

 

وأكد الربيعي : "أن الحل السياسي بمفهومه العام يعني وجود أطراف الأزمة فاعلين أساسيين في إنهاء الحرب وتسوية الأوضاع ما بعد الحرب... ولنا هنا ان نتساءل كيف ممكن ان يتحول مشعلوا الحرائق إلى مطفئين لها (الشرعية والانقلابيين) خصوصا وان كل الشواهد اثبتت بما لا يدع مجالا للشك بان الطرفين كانوا قد وضفوا الحرب لخدمة مصالحهم الذاتية للاستحواذ على الموارد والدعم الخارجي والوظائف في مناطق سيطرتهم".

 

في غضون ذلك ذكرت مصادر سياسية مطلعة أن المبعوث الأممي وجه دعوة رسمية للمجلس الإنتقالي للمشاركة في المشاورات القادمة التي يجرى التحضير لها وإقامتها في نهاية الشهر القادم في إحدى المدن الأوروبية .

وقالت تلك المصادر إن هناك تفاهمات تمت خلال الأيام الماضية بهذا الخصوص ، ومن المزمع أن يلتقي المبعوث الأممي مارتن غريفيث خلال الساعات القادمة بوفد من الإنتقالي في إحدى العواصم العربية بشأن ذات الموضوع.

*- شبوه برس – عدن برس