‘‘الشرعية‘‘ أمام خيارين.. قمع الشعب أو الاستقالة وتسليم المؤسسات .. وحكومة مصغرة لإدارة الشمال

2018-10-06 13:58
‘‘الشرعية‘‘ أمام خيارين.. قمع الشعب أو الاستقالة وتسليم المؤسسات .. وحكومة مصغرة لإدارة الشمال
شبوه برس - خاص - عدن

 

سيناريوهات ما بعد ‘‘البيان‘‘.. الانتقالي في الجنوب وحكومة مصغرة لإدارة الشمال

دول التحالف العربي، والسعودية والإمارات على وجه التحديد، باتت على قناعة تامة أن حكومة أحمد عبيد بن دغر صارت «عالة» على التحالف وعبئا عقّد الأزمة في اليمن وعرقل جهود التحالف لصالح معسكر الانقلاب، وأن الوقت أصبح أكثر حاجة لإسقاط هذه الحكومة، ولكن بغطاء شعبي وبمطالب مشروعة وشرعية ثورية تطغى على شرعية «الشرعية» التي جاء التحالف لاستعادتها من قبضة الحوثي.

 

التحركات الأخيرة للمجلس الانتقالي الجنوبي وإجراءات التصعيد للسيطرة على المؤسسات الجنوبية وطرد الشرعية مطلب قديم تجدد اليوم مع ما وصل إليه التحالف من قناعة بفشل الحكومة وفساد رئيسها ووزرائها المغتربين في الرياض والقاهرة، أو أن التحالف استغل هذا المطلب للإجهاز على الحكومة في إطار الشراكة بين التحالف والمجلس الانتقالي والمقاومة، لكن الأهم: ما هو البديل الذي سيأتي به التحالف بعد سقوط أو إسقاط الحكومة؟ هل سيتولى المجلس الانتقالي إدارة الجنوب وحكمه سياسيا وعسكريا أم أن هناك حكومة «شرعية» يمنية جديدة سيتم التوافق عليها بإشراك المجلس الانتقالي أو أطراف جنوبية أخرى يخشى الشعب في عدن أن يكون جنوبيو الشرعية في واجهتها كممثلين للجنوب..

مثل هذه الفرضيات والتساؤلات ستجيب عنها طبيعة الاتفاق الأخير بين التحالف والانتقالي على إسقاط الحكومة وستوضحه الخطوط التي أُعطيت للانتقالي والقوات الجنوبية للتحرك خلالها وتنفيذ إجراءات التصعيد.

 

رصانة البيان الأخير للمجلس الانتقالي وما ورد فيه من حنكة سياسية وبعد وتكتيك وما قابلة من رد وتصعيد من قبل الحكومة التي هددت من الرياض وحذرت الانتقالي من فوضى تمس الوحدة.. لا يخلو من سيناريوهين اثنين:

الأول: أن هناك دفعا خليجيا نحو التصعيد الداخلي بين القوتين المتصارعتين في الجنوب وهما الانتقالي والشرعية مع دعم الانتقالي واستغلال حضوره الشعبي وتواجده وسيطرته على الأرض بهدف إسقاط الحكومة تحت غطاء شعبي، وربما سيحاول التحالف تحريك الشارع في تعز ومناطق الشمال المحررة في إطار السيناريو ذاته.. بعد إسقاط الحكومة في الجنوب سيُمكّن المجلس الانتقالي والقوات الجنوبية من إدارة الجنوب بإشراف مباشر من التحالف العربي وتحت سقف الوحدة مع الشمال دون الحديث عن انفصال أو فك ارتباط في هذه المرحلة، وسيحاول التحالف إبراز قوى جديدة ودعمها لحكم محافظات الشمال المحررة مع مواصلة الحرب ضد جماعة الحوثي.. وهو سيناريو لفصل الشمال عن الجنوب إداريا والعمل على إقامة دولة اتحادية من إقليمين جنوبي وشمالي، وبالتالي يرى التحالف أنه حفظ للمبادرة الخليجية ماء الوجه بالحفاظ على يمن موحد في دولة اتحادية قد تتطور إلى اتحاد كونفيدرالي بين دولتين مستقلتين إذا كانت للمجلس الانتقالي حسابات أخرى غير حسابات التحالف واستطاع فرضها دون الرضوخ لإملاءات المصالح الخليجية والسعودية تحديدا.

 

الثاني: أن هناك خلافا سعوديا إماراتيا، وأرادت كل منهما استعراض قوتها وحلفاءها في الجنوب، وهو ما بدا واضحا بعد ساعات من إعلان بيان الانتقالي باجتماع مجلس الوزراء اليمني بالرياض وما صدر عنه من تهديد للمجلس الانتقالي ووعيد للهبة الشعبية، أو أن هناك اتفاقا بين الرياض وأبوظبي على اختبار قوة كل من الانتقالي والشرعية ومدى سيطرة كل طرف على الأرض الجنوبية، وبالتالي الزج بالطرفين إلى صراع للإجهاز على أحدهما وإخراجه من اللعبة أو إضعافه للقبول بما سيُملى عليه من حلول وتسويات قادمة، وهذا الأخير سينايو كارثي على الجنوب والشمال على حد سواء، لأن الصراع سيضعف كل الأطراف وتبقى إرادة التحالف ومصالحه هي المتحكمة في المشهد حاضرا ومستقبلا.

 

مع كل السيناريوهات وفي كل الاحتمالات المفتوحة، فإن الحكومة «الشرعية» هي الأكثر ضررا وهي الأقرب إلى السقوط والخروج من المشهد، فالانتقالي يمتلك الإرادة الشعبية في الجنوب قبل أن يمتلك القوة العسكرية، والشرعية قد تمتلك قوة عسكرية إلى حد ما لكن لا حضور جماهيري ولا قبول شعبي لها.. وبالتالي فإن المجلس الانتقالي سيلعب هذه المرة على ورقة الإرادة الشعبية والاحتجاجات مستفيدا من حالة الفقر والتجويع والإذلال الذي تمارسه حكومة بن دغر ضد الجنوب والجنوبيين، وسيجعل الانتقالي من قواته درع حماية خلف الاحتجاجات التي سيوجهها نحو إسقاط المؤسسات والسيطرة عليها وإدارتها بعد طرد الحكومة.. هنا لن يكون أمام الشرعية إلا أن تواجه الشعب وتقمع إرادته وتحركاته بارتكاب مجازر أو تسلم المؤسسات وسلطة الحكم للانتقالي الجنوبي وترحل. وفي حال قمع الشعب سيكون ذلك إدانة جديدة ضد الشرعية اليمنية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وستكون ورقة بيد التحالف العربي لممارسة مزيد من الضغط على الشرعية، لكن من المرجح أن تتدخل القوات العسكرية الجنوبية لحماية المحتجين والتعامل عسكريا مع قوات الشرعية وهو ما يزيد من ورطة الشرعية ويعجّل بهلاكها.

 

الحكومة دعت المجلس الانتقالي إلى العمل السياسي والتخلي عن التشكيلات العسكرية، في وقت لا تعترف هذه الحكومة بشراكة الانتقالي ولا تريد أن تعترف أيضا بحجم المجلس وما يمثله من رمزية لمطالب شعب الجنوب في الانفكاك من الوحدة واستعادة السيادة الجنوبية كاملة.. الانتقالي يؤكد دائما أن مشروعه السياسي هو خيار الشعب الجنوبي وما يرتضيه، ودعا في أكثر من موقف ومحفل دولي إلى إعطاء شعب الجنوب حقه في تقرير مصيره، وهو عمل سياسي بامتياز، فأي عمل سياسي يقصده بن دغر وحكومته؛ لذلك فهي بالتالي دعوة ضعف وتخوف مما قد تصير إليه الأوضاع في الجنوب، كما أنها محاولة لجر الانتقالي إلى مواجهات عسكرية تعلم الحكومة أنها خاسرة فيها لهدف واحد هو إضفاء صفة الانقلاب على أي سيطرة محتملة للانتقالي على الجنوب عقب طرد الشرعية بأي خيار من الخيارات المطروحة.

 

في كل الأحوال حكومة الشرعية «ساقطة» لا محالة، وكل الخيارات التي يسير وفقها المجلس الانتقالي ستؤدي إلى قصر معاشيق، ولم يبقَ أمام بن دغر وشرعيته إلا أن يعودوا هم لممارسة العمل السياسي وعلى الانتقالي أن يدعوهم إلى ذلك.. لم يعد أمام الحكومة من خيارات سياسية تحفظ ماء الوجه إلا أن تعلن استقالتها وتعترف بالمجلس الانتقالي وترتب له مع التحالف العربي لإدارة الجنوب قبل تشكيل حكومة مصغرة تدير الشمال لفترة انتقالية يقرر بعدها شعب الجنوب مصيره في استفتاء شعبي حر.

*- وهيب الحاجب : شبوه برس – صحيفة الأيام