الشيخ الشهيد قاسم بن عبدالرحمن المفلحي شيخ مشيخة المفلحي بالضالع

2018-08-08 19:34
الشيخ الشهيد قاسم بن عبدالرحمن المفلحي شيخ مشيخة المفلحي بالضالع
شبوه برس - خاص - الضالع

 

 

❐☜ يُعدّ الشيخ قاسم بن عبدالرحمن السقاف المفلحي (1895 ــ 1973م) شيخ مشيخة المفلحي في بلاد الضالع، واحدًا من أشهر وأشجع وأنبل وأكرم الرجال، الذين أنجبتهم الضالع؛ فقد كان ذو شكيمة قوية عُرف بالدهاء والفراسة، كما عُرف بتواضعه وفكاهة روحه المرحة، وهو رجل وطيد الأصالة ورشيد التصرف، كريم المنزلة وكان سخيًا جوادًا ناصرًا للمظلوم، وهو من الرجال القلائل الذين تركوا بصمات في مختلف المجالات، يعجز القلم عن ذكر مآثره ومناقبه وسيرته العطرة لمّا لهذا الرجل من شأن عظيم في تلك الفترة التي عاشها من تاريخ بلاد الضالع ويافع؛ فقد وَرِثَ الشيخ الشهيد قاسم المفلحي، رحمه الله الحكم سنة ١٩١٧م بعد وفاة والده الشيخ الثائر قاسم عبدالرحمن المفلحي، ذلك الرجل المقاوم، الذي رفض تسليم مشيخته للغزاة الزيود وفضّل مقاومتهم إلى جانب زعماء القبائل الأخرى في إمارة الضالع وملحقاتها، واستطاعوا هزيمة جيوش الغزاة الزيود الإمامية في قزعة الشعيب وبلدة خلّة وبلدة شكع وبلدة الجليلة وبلدة الملحة من إمارة الضالع، وتلقت الجيوش الإمامية الزيدية بقيادة أمير الجيش الملكي الإمامي في قضاء إب يحيى بن العباس المتوكل هزيمة نكراء وخرجوا من إمارة الضالع يجرون وراءهم أذيال الهزيمة.

 

 والجدير بالذكر أن الشيخ قاسم بن عبدالرحمن السقاف المفلحي، كان من الشخصيّات البارزة التي كان لها تأثير كبير بين القبائل الجنوبيِّة، فضلا عن سماته ومآثره الوطنية الخالدة ومناقبه الشخصية المتعددة، ولمكانته الكبيرة؛ فقد تلقى دعوة حضور ــ أثناء زيارة الملكة اليزابيث الثانية في جولتها الأوّلى للمنطقة بعد وراثتها للعرش ــ لولاية عدن في 27 إبريل عام 1954م ضمن جولة قامت بها إلى دول الكومنولث مع زوجها الأمير فيليب على متن يختها الملكي «سوربرايز»، وتم منح الشيخ قاسم المفلحي من قبل الملكة وسام الفارس (وسام إمبراطوري يمنح للشخصيات البارزة الذين قدّموا خدمة لأوطانهم).

 

❐ لمحة عن مشيخة المفلحي «خلّـة»:

تبعد مشيخة المفلحي في «خلّة» جغرافيًّا عن مركز إمارة الضالع إلى الشمال الشرقي حوالي 12 ميل تقريبًا، وتتوسط مشيخة المفلحي من الجهة الجنوبيِّة مشيخة الشاعري ومن الجهة الشمالية مشيخة السقالدة في بلاد الشعيب ومن الجهة الشرقية سلسلة مرتفاعات جبال حرير الشهيرة ومن ناحية الغرب بلدات مرفد وخوبر والعقلة ولكمة لشعوب.

وتاريخيًا؛ فإن مشيخة المفلحي في (خلّة ــ الضالع)، هي امتداد لمشيخة (المفلحي) يافع العليا وامتدت ــ أيضًا ــ إلى بني مسلم من بلاد الشعيب, ويضم مكتب المفلحي يافع ثلاث مناطق غير متماسة بأيّ حدود جغرافية، وهي المفلحي يافع العليا وعاصمتها الجُربة، والمفلحي في بلاد بني مسلم الشعيب ومناطقها:(القيام، الثجر، ذي كنينة)، وتضم المفلحي السفلى :(خلّة حاضرة المشيخة، الصّرفة، الحيك، السّلام، الربيعيّة، الحمراء، الفجور، شريم، الغليلي، أرحب الخربة، شكع، الظاهرة، عراش، جبل حرير)، وهي ثلاث مناطق امتدت قبائلها من يافع العليا مكتب المفلحي إلى الشعيب والضالع.

 

ومدينة «خلّة» التاريخيّة هي عاصمة مشيخة المفلحي في بلاد الضالع وظلّت لقرون عديدة عاصمة لمشيخة (المفالحة)، التي هي جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي لقبائل الضالع ويافع الجنوبيِّة، وكانت بوابة من اتجاه بلاد الشعيب لتغلغل الغزاة الزيود منها تاريخيًا باتجاه بلدات الضالع المترامية الأطراف.

وتشتهر «خلّة» بوديانها الخضراء الخصبة ومدرجاتها الزراعية الرقراقة وآماجل المياه والآبار العذبة، وتذكر المخطوطات القديمة لـ«مشيخة المفلحي» أن حكامها كانوا أوّل من سن تشريعات قانونية للزراعة تقضي بمعاقبة المزارعين المخالفين الذين يقومون بقطع أيّ شجرة خضراء حفاظًا على بيئتها الطبيعية، كما تشتهر «خلّة» بالآثار التاريخيّة لحضارات هامّة سادت ثم بادت، وتركت في تاريخ الإنسانيّة شأنًا عظيمًا في القرنين الأوّل والثاني قبل الميلاد وتحديدًا إلى فترة ممالك أوسان وقتبان وحمير، ومن أشهر المقتنيات الأثرية التي تمّ اكتشافها في المنطقة تمثال من البرونز يعود للملكة «أخلّة» تمّ ترميمه في لندن وعادته الحكومة البريطانية إلى متحف عـدن الوطني، وقد تمّ عرضه في العديد من الدول الأوربية ضمن معرض الحضارات التاريخيّة القديمة، والتي كان آخرها عام 2002م في مدينة جالاسيا بمقاطعة لاكرونا الإسبانية.

 

كما تشتهر مدينة «خلّة» بمبانيها العتيقة وكثرة قلاعها وحصونها وأبراجها الموغِلةَ في القِدم على عمق التاريخ وأصالة الماضي التليد وعلى المكانة التاريخيّة والسّياسية والاجتماعيّة والثقافيّة عبر كل المراحل والمنعطفات التاريخيّة، التي مرّت بها المنطقة لتبقى شاهدة عيان على حقبٍ موغِلة في القدم سطّرت عراقة الماضي التليد وتظل تحكي تفاصيل حياة مفعمة بتضارسيها القاسية لملاءمة الحياة في الماضي؛ فهذه القلاع والأبراج كانت عبارة عن منشئآت عسكرية ساهمت في تعزيز النظام الدفاعي لبلاد المفلحي وما جاورها، وذلك لأن الهجمات المتكرّرة لقوات الإمامة الزيدية زادت على المنطقة؛ وهذا دفع زعماء القبائل الضالعية إلى تعزيز تحصيناتهم؛ فشيّدوا بذلك الحصون والأبراج المرتفعة لتقي المدينة من ضربات الغزاة الزيود التي تعرّضت لها مدينة «خلّة» والمناطق المجاورة، ولذلك تتعدّدت الحصون المرتفعة في النواحي المحيطة بالمدينة، وتحيط هذه القلاع والحصون ــ التي يقف بعضها شامخًا في وجه الطبيعة القاسية لمئات السنيين ــ بالبلدة من ثلاث جهات؛ فقد بنيت هذه التحصينات الدفاعية لغرض الدفاع عنها من هجمات الغزاة الزيود وفيها يقع أكبر سهل زراعي المنحدر من سائلة العامري مرورًا بأودية الشّعة، الذرانْ، الذحلة، عتبة، لخلال، وفي الناحية الجنوبيِّة للبلدة يقع جبل «عقرم» شكع التاريخي الذي يشتهر بمقتنياته الأثرية الضاربة في القدم، فٱسمه نسبةً إلى الملك الحميري (عقرم) الذي شيّد مدينة شكع التاريخيّة الغنية بآثارها ومواقعها التاريخيّة، التي تحكي قصّة الحضارة

 

*- بقلم : شايـف الحــدي

*- "شبوه برس" يود التذكير أن الشيخ قاسم عبدالرحمن المفلحي قد تم الغدر به وقتله ضمن قائمة طويلة تضم كوكبة من خيرة رجال الجنوب من أهل الحكم والسياسة والأدب ورجال الدين في مرحلة تأسيس الحكم الماركسي الذي سلمته بريطانيا حكم الجنوب مستثنية الأحزاب والقوى السياسية المدنية الديمقراطية التي رسخت تجربة ديمقراطية رائدة في المنطقة العربية .