بنية القبيلة انشطارية وانقسامية وأبعد ما تكون مادة أولية لتأسيس كيان الدولة الوطني

2018-07-20 15:16
بنية القبيلة انشطارية وانقسامية وأبعد ما تكون مادة أولية لتأسيس كيان الدولة الوطني
شبوه برس - خاص - عدن

 

هناك تبرير ساذج يُرافق الإعلان عن تشكيل أي كيان تقليدي يزعم بأن تشكيل هذا الكيان جاء كمطلب ملح لواقع اللحظة، وباعتباره الحل الأمثل لإعادة ترميم النسيج الاجتماعي والبديل الآمن لإقامة دولة مستقرة، وهذا التبرير يُراهن على الحالة الضنكى من التوعك والتشظي والانقسام الحاصل وعدم القدرة على تقديم نماذج سياسية مدنية جيدة لإيجاد دهليز تواطئي مقنع يمكن من خلاله النفاذ إلى وعي المتلقي المحلي الذي بات منهك من ألتباسات واقعه المرير، وانهياراته الشديدة والكارثية.

لكن بنية القبيلة في السياق العام هي انشطارية وانقسامية إلى أبعد الحدود وهي أبعد ما تكون عن كونها وسيلة للتآلف الاجتماعي أو مادة أولية لتأسيس كيان الدولة الوطني، بل هي على الضد من ذلك تماما، تعريفاً وممارسة. صحيح أن القبيلة ليس بمقدورها أن تُولِد صراعات واسعة على مستوى البلد كله، لاعتبارات موضوعية تتعلق بإمكانيات القبيلة نفسها وحدود أفقها وتطلعاتها الواقعية والمُتخيلة، ولكنها تنقل الصراع والانقسام إلى مستويات أصغر، مما يجعل الواقع أكثر تعقيداً وتشظياً وإنهاكاً وتوهاناً وتمزقاً، ولن تتوفر له أي سُبل للاستقرار.

إقامة الكيانات الوطنية المستقرة والأمنة لها شروطها ومحدداتها، ويمكن استخلاص هذه الشروط والمحددات ـ لمن ما زال في أذنه صممُ وعلى بصيرته غشاوة كثيفة ـ  بسهولة من أي تجربة عالمية استطاعت أن تتحقق مشروعها الوطني ولو في حدوده الدنيا، ولا يمكن الرهان على تحقيق مشروع ما بضده، ومن خلال عناصر تخريبه وتدميره!

 

*- بقلم : أمين اليافعي : مثقف وكاتب جنوبي ألمانيا