السعودية .. مكانة ودور !؟

2018-07-04 06:14

 

الاسبوع الماضي .. اشتغلت مجموعة من الفضائيات المستغربة او المستعربة ، في برامجها " الاخبارية ـ الحوارية " على موضوعين " صفقة القرن و معركة الحديدة " مستضيفة لتلك الحوارات بعض الوجوه المعروفة لنا ممن يقيمون في تلك العواصم الغربية ذات الوقع الرنان على اذاننا وربما في عقولنا مثل لندن ، باريس ، واشنطن و نيويورك ، الي جانب عدد اخر ممن يجري تلميعهم و تقديمهم من قبل اجهزة واعلام تلك العواصم الغربية فضلا عن الممولين من قبل بعض العواصم والجهات العربوية  الاسلاموية ؟!.

□ كنت قبل الامس في لقاء ـ عزومه ، مناسبة اجتماعية لا سياسية ، الا ان احد القنوات فرضت علينا حوارا سياسيا تفاعل معه المجلس الي درجة التشنج ، كما هو حديث المتحدث من لندن ،عن صفقة القرن الذي عرج على معارك الحديدة ، لا تحليلا لتلك المعارك واهدافها، بقدر رغبته في النيل من المملكة العربية السعودية و الاشادة بتركيا ـ الاسلامية و مواقفها كدولة محورية في القضايا العربية ، و الاسلامية ، ومن القدس الي الحديدة جر المتحاورين في الاستديو اعجابا او مجاراة الي حد اندفاع إحد   المستغربين او المستعربين ، و رغم صفته الاكاديمية ..الاشادة بإيران و دورها في معسكر المقاومة لتصفية القضية الفلسطينية ، متجاهلا العراق و سوريا و ما يحدث اليوم من تصفية لعروبة بلاد الرافدين و الشام ، ولكنها الوظيفة ، و الدور لبقايا اليسار العربي من قبل تلك العواصم .

□ قلت : الوظيفة و الدور .. واذا بأحدهم يثور في وجهي ، ويقول بما معناه " ان ما يجري الان نعرفه جميعا و لماذا عبدالباري يثيرك ؟!، فقلت له هل قال هو او غيره ما هي صفقة القرن ؟ ثم لماذا تحرير الحديدة سيؤدي الي كارثة يمنية ؟ ،وكان الكارثة لم تقع و الشعب اليمني في صنعاء و تعز و الحديدة لا يعاني منها ، و دعنا نأخذ هذه البرامج لهذه الفضائيات من زاوية تركيزها على النيل من المملكة العربية السعودية ؟.. رد بقوله لماذا ؟ ، فاشترطت استماعه ، وقلت : السعودية مكانة اسلامية و دور قيادي ـ عربي، في مواجهة قوى اقليمية و دولية ، جميعها تدرك ان السعودية تملك المكانة في بعديها العربي و الاسلامي ، كما تمتلك الدور القيادي بأبعاده الجغرافية و التاريخية والاقتصادية .. وهذا ما تخشاه تلك القوى ، منذ انطلاقة "عاصفة الحزم " في ظل حالة  السيولة و العجز العربي ، وفي اعقاب ما اطلق عليه الربيع العربي ،  الذي مكن ايران ـ الفارسية من الوصول الي العاصمة العربية الرابعة (صنعاء ) كما اعلنه قادة الحرس الثوري الايراني ، ورحبت به القيادة السياسية لنظام طهران .. لتعزيز دورها و فرض شراكتها في اعادة رسم خرائط الشرق الاوسط بالشراكة مع تركيا و اسرائيل من جهة، ومع المصالح الاوربية و الامريكية ـ اوباما ، من الجهة الاخرى ، وعلى حساب العالم العربي  ومكانة ودور السعودية من جهة ثالثة ..كادت تلك الاهداف تنجح لو ان القوات المسلحة المصرية و الشعب المصري لم يسقط حكم الاخوان في مصر ، الامر الذي دفع بتركيا في اتجاه منازعة ايران سوريا ان لم نقل منازعتها قيادة العالم الاسلامي السني مقابل قيادتها للعالم الاسلامي الشيعي ، وكل هذا على حساب القضية الفلسطينية وتحجيم مكانة السعودية اسلاميا و لتهميش دورها القيادي ـ العربي ، كل هذا لم يأتي من فراغ ، و لم تكن تلك العواصم الغربية ـ الاوربية و الامريكية ايضا بعيدة اجهزتها السرية و الاعلامية عنه ، و هو ما تعكسه فضائياتها في برامجها الحوارية اليوم ، بهدف صرف عقل المتلقي العربي عن حقيقة ما يجري .. ومنها العمل على تفكيك مجلس التعاون لدول الخليج العربية كنظام اقليمي تقوده السعودية .. والذي لعبت فيه السعودية ادوارا لحل المشاكل بين دوله ، علنية و في الكواليس ، منذ الانسحاب البريطاني في السبعينات من القرن الماضي و حتى انفجار الخلافات مع دولة قطرـ الشقيقة ، والتي ما كان لها ان تتطور الي هذه الدرجة لولا الادوار الوظيفية لتلك المحاور وان بدأت متصارعة في سوريا و العراق .. فضلا عن الاتحاد الاوربي في اعقاب اتفاقية "5 1" مع ايران ، فاين هي صفقة القرن ؟.. أليست في تعظيم الدور الفارسي على حساب العرب .. بحسب كيسنجر في كتابه النظام العالمي " تأملات حول طلائع الأمم و مسار التاريخ ،  وهو التوجه الذي لم تخفه  هيلاري كانتون في كتابها " خيارات صعبة " والذي اعترفت فيه بوقوف امريكا أبواما ـ خلف الفوضى الخلاقة ـ التي سمية " بالربيع العربي " و اعترفت فيه بإهانة الملك عبدالله بن عبد العزيز لها ورفضة تفكيك العالم العربي ، مؤكدة ان السعودية بما تمتلكه من مكانة اسلامية و عربية وامكانيات هي العقبة الكؤود اما تنفيذ مخططات " الديمقراطيون " وسياستهم الشرق اوسطية .

□□ اين هي صفقة القرن؟ ،وهل هي في ما حدده الملك سلمان بن عبد العزيز .. في مؤتمر القمة العربية بالدمام ؟ ، والتي اطلق عليها " قمة القدس " واعلانه مواقف المملكة البدائية من حقوق الشعب الفلسطيني ، ام ما تريد تلك الفضائيات تسويقه لتشويه تلك المواقف و الثوابت ؟ ، ام لإفشال عاصفة الحزم وبالتالي اعطاء انقرة و طهران حق قيادة العالم الاسلامي بجناحيه ـ السني و الشيعي ؟.. بتعبير اخر و اوضح المملكة العربية السعودية تملك المكانة و الدور القيادي للعالمين العربي و الاسلامي .. والغرب فضلا عن اسرائيل يدركان ذلك ، و اسرائيل كما هي أوربا تدركان ان امريكا لم تغير سياساتها تجاه ايران نتيجة لصفقات عسكرية او تكنولوجية مع السعودية .. عقدها الرئيس ترامب ، او لرغبة مبيته لديه ، فدولة مثل الولايات المتحدة و بقوتها العسكرية و محوريتها الاقتصادية في العالم لا ترهن سياساتها في صفقات .. كما يريد ان يقوله لنا "عطوان " او غيره .. ولكنها تدرك او ادركت خطأ اوباما و ادارته و ما انتجه ربيع هيلاري كلينتون في اكثر المناطق حيوية للمصالح الامريكية .. فصححت علاقاتها مع السعودية من خلال احترامها للمكانة التي تتمتع بها على الخارطة الاسلامية من شرق اسيا الي غرب افريقيا ، وهي مكانة لا يمكن لأنقرة او طهران ان تنازعهما ايها اسلاميا فضلا عن مكانتها العربية ـ و الجزيرة العربية ارض العرب و منطلق حملهم لرسالة الاسلام الي العالم ، اما الدور القيادي و المكانة جزء منه فهي تتمتع بإمكانيات سياسية و اقتصادية و عسكرية فاعلة و كبيرة ، تعززها رقعة جغرافية ـ تمتد من سواحل الخليج العربي شرقا الي سواحل البحر الاحمر غربا ، وتتحكم هذه الجغرافيا في حركة المواصلات و الاتصالات بين الشرق و الغرب .. و تحظى بقبول دول وشعوب اقليم الجزيرة العربية ، فضلا عن العالم العربي ـ بما في ذلك دول الضيوف الدائمين على تلك القنوات من شرق المتوسط او جنوبه الغربي .

 □□□ هذه المكانة و الدور .. لم تعد قابلة بدور الوسيط في العلاقات الدولية ، كما تحاول تلك القنوات تصويره لنا من خلال المتغربين من ضيوفها ، فكيف بدور الاداة او الحليف التابع كما يريد عطوان ومن على شكلته في الاتجاه المعاكس ان يقدموه او يصوره لنا .. بل ولا دور المدافع الاقليمي الذي  اضحى من مسلمات الدور و ركائزه منذ انطلاقة عاصفة الحزم .. بحزم القيادة للعالم العربي و الذي فرض تغييرات سياسية جوهرية ، داخلية و اخرى خارجية لتعزيزه على مختلف الصعد الاقليمية و الدولية .. لذا علينا ان لا نستغرب هذا السعار الاعلامي ، كما علينا ان ندرك ان خلفه من يخشون الدور المبني على المكانة ، و المكانة غير قابلة للتغيير ام الدور فمتغير نحوا القيادة الغير قابلة للتراجع في معركة الهوية و المكانة العربية الاسلامية ؟

▪▪▪▪▪ الحديث في هذا الموضوع يطول .. والهدف الحوار الجاد في ظل اعلام عربي قاصر عن المكانة و الدور، لا مجرد سمر في مناسبة اجتماعية .

             *عضو المجلس المحلي لحضرموت .. كاتب ومحل سياسي.