تضخم وفساد وإرهاب

2018-04-22 14:25

 

جاءت العاصفة في مارس 2015م واليمن يعاني من وضع هش وآيل للسقوط بسبب نخر الفساد لمنظومة السلطة والمؤسسات بكل صنوفها، وكذلك زاد الفساد شراسة بعد العاصفة “عاصفة الحزم العربي” وازداد التضخم بحيث تاكلت الرواتب رغم تفاهتها مقارنة بالأسعار للسلع قبل التضخم، ومن ثم زاد الأمر سوءاً بعد التخلي الحكومي عن دعم الريال وتخلي البنك المركزي عن مسؤوليته من خلال تعويم الريال، رغم أننا نعيش حالة حرب واحتراب وقلاقل، وهذه حالة ليس لها مثيل في التاريخ، فنحن لسنا في حالة رخاء واستقرار، كما لم تقم الحكومة بأية سياسات داعمة لحماية الشعب من تبعات تلك السياسات الخرقاء.

 

والأدهى والأنكى أن تمارس الحكومة الإرهاب بشكل سافر وهو التخلي عن مسؤوليتها الأدبية والقانونية عن القيام بخطوات لحماية الشعب من شبح المجاعة والاحتراب الأهلي، وذلك الإرهاب الذي نعنيه هو اتباع سياسة الفساد والإفساد بكل صفاقة، من خلال عدم دفع الرواتب لفئة من العسكريين وهي تتجاوز عشرات الآلوف من الجيش والأمن ويتبعهم ملايين ممن يعيلونهم من الأفراد.. فلقد عجز الحوثي الانقلابي عن دفع أغسطس وسبتمبر وأكتوبر بالراتب القديم لعام 2016م “خاصة الخدمات الطبية والبحرية”، أما بقية الوحدات تعجز عن سبتمبر وأكتوبر. ولقد صرحت حكومة د. بن دغر على لسان راجح بادي في ديسمبر 2016م أنها ملتزمة بالدفع ولكن لم يحصل من ذلك التعهد شيء أبداً وحتى اليوم. كما أن الحكومة الشرعية برئاسة د. أحمد بن دغر لم تستطع دفع يوليو، أغسطس، سبتمبر، أكتوبر، نوفمبر، ديسمبر لعام 2017م، وذلك بالراتب الجديد “الشرعي”، ورغم تعهدها بدفع جميع المستحقات المتأخرة وكذلك الالتزام بالدفع بانتظام شهرياً كل شهر بشهره من يناير 2018، وذلك لم يحصل ألبتة، وهذه المماطلة والتسويف أو العجز يعد صنفا من صنوف الإرهاب “إرهاب دولة” تجاه مواطنين يتمتعون بكافة حقوقهم الدستورية وعلى رأسها رواتبهم التي لا يجب أن تكون ملف ابتزاز سياسي يستغل من جهة ما كالحكومة أو التحالف أو غيرهما.

 

فالإرهاب مصطلح يندرج في إطاره مثل تلك الأعمال التسويفية والفساد الذي تمارسه حكومة بن دغر تجاه مواطني الدولة “منتسبي الجيش والأمن”.

 

والتضخم الحالي قضى على القيمة الشرائية للريال، وبالتالي لا يستطيع الناس برواتبهم الضئيلة مسبقاً شراء حاجياتهم، هذا التضخم الذي جاء كنتيجة للحرب وللعاصفة “عاصفة الحزم” وأصبحت الحكومة والتحالف العربي عاجزين حياله ولم تقم المملكة وهي قائدة التحالف العربي بتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والأدبية تجاه تردي الأوضاع خاصة في المناطق المحررة، فلا توجد موانع تقف أمام أي جهود وإصلاحات ودفع الرواتب حتى بالريال السعودي للموظفين وإعانات لبقية الفئات، فالمملكة والإمارات العربية المتحدة من أغنى دول العالم، ونستطيع حل هذه المعضلة خاصة أنهما مسؤولتان عن ملف الحرب وتبعاته، إلى جانب الحكومة الشرعية، ولكن في الأساس قيادة التحالف تتحمل المسؤولية الأكبر. التضخم الذي يغتال حياة الملايين من اليمنيين بسبب انهيار الريال واستشراء الفساد بشكل غير مسبوق يعتبر صنفا من صنوف الإرهاب، فالموت جوعاً يتساوى مع الموت بالاغتيال والقتل والتفخيخ فكلاهما موت. المواجهة من قبل الحكومة وبقية الاطراف للتحالف بالقيام بواجبها يجب أن يكون صريحاً وشجاعاً، فهناك مجاعة وانهيار للخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والصحة والنظافة...إلخ.

 

الاستقطاعات الكبيرة التي يقوم بها بعض قادة الوحدات العسكرية “وليس جميع الوحدات” تحت أعذار واهية مثل عدم الانتظام في العمل، في حين لا توجد مقرات أعمال صالحة للسكن ولا توجد مهام موكلة.. ورغم أن الحرب لم تضع أوزارها بعد فإن هذه الاستقطاعات المجحفة بحق أولئك المستجدين والذي اعتبر أن تجنيدهم بهذه الاعداد قد كان تقريبا نوعا من انواع تخفيف المجاعة لدى أسر أولئك المجندين خاصة نتيجة الحرب والرئيس هادي والتحالف كما أعتقد كانت الاولوية لديهم أن تحصل الاسر على معيل من شبابها ولكن ما يحصل من تجاوزات يجب الوقوف عندها والبدء في تصحيح مثل تلك التجاوزات، ولا أعتقد أن الرئيس هادي وقيادة التحالف يوافقون على مثل تلك التجاوزات التي تتماهى مع تعريف ومضمون الارهاب الذي تقوم به الجماعات المتطرفة.

 

تسربت أخبار عن نية الحكومة دفع أربعة شهور دفعة واحدة من المتأخرات، ونتمنى أن يكون ذلك صحيحاً وأن تبدأ الحكومة من هذا الشهر بترك السياسة والتركيز على الخدمات والحقوق ومسألة الحل السياسي، فهناك الرئيس وفريقه المختص وممثل الاطراف السياسية هم المعنيون في ظروف الحرب والتوافق بمسألة الملف السياسي.

 

والله من وراء القصد.

*- عن الأيام