مرحلة الصراع الإقليمي

2018-02-12 17:43

 

 بات واضحا للعيان بما لا يدع مجال للشك أن الصراع فى اليمن تحول إلى صراع إقليمي ودولي بالدرجة الأولى أكثر مما هو صراع محلي، وأصبحت جميع الأطراف باليمن لديها تحالفات جديدة على مبدأ الحفاظ على المصلحة المشتركة بين المتحالفين المحليين والدوليين.

 

فالاطراف الدولية كما هو واضح تسعى للحفاظ على مصالحها وهي متنوعة، فمنهم من يبحث عن مصالح اقتصادية ومنهم من يبحث عن تحقيق مكاسب سياسية، وذلك عن طريق الضغط على أطراف أخرى لتمرير تلك السياسات التي تحفظ لهم نفوذهم فى المنطقة لما فى ذلك من فائدة فى حفظ أمنهم القومي، ومنهم من يبحث عن نصر عسكري لتصفية حسابات مع أطراف إقليمية ودولية أخرى لاستخدامها كورقة ضغط في التفاوض بين تلك القوى.

 

أما أغلب الأطراف المحلية المتصارعة فتتحالف مع القوى الإقليمية والدولية من أجل تمكينها من الحكم أو للحفاظ على كيانها في اي تسوية قادمة، أو لحمايتها من بطش الأطراف الأخرى الأكثر قوة منها.

 

وللأسف أغلب تلك الأطراف لا تحمل مشروعا وطنيا واضحا تعمل على تحقيقه، وهذا هو أحد أهم أسباب عدم انتهاء الحرب فى اليمن. وللأسف الشديد أيضا الخاسر الأكبر فى كل تلك الصراعات هو الشعب الذى هو وقود لتلك الصراعات.

 

ونحن في الجنوب نعتبر أحد تلك الجهات التى تحولت إلى ساحات صراع اقليمية ودولية في المنطقة، لكن مع فارق جوهري، فنحن بالجنوب لايزال لدينا مشروع يجمع عليه الشعب بالجنوب وهو استعادة وبناء الدولة المدنية التي تتسع لكل أبنائها. ولكن الذي يحصل الآن في الجنوب وخاصه منذ انتهاء حرب 2015 فى أغلب مناطق الجنوب ما هو إلا محاولة لتحطيم هذا المشروع الوطني، وهذا التفسير الوحيد للحاصل فى الجنوب فكل المتابعين للوضع الجنوبي سوف يلاحظون أن أغلب الصراعات السياسية أو حتى العسكرية أدواتها جهات وطنية تؤمن باستعادة الجنوب، وهذا لايعنى عدم وجود مندسين باسم القضية الجنوبية، لكن فى الأخير حتى المندس أو الخائن لا يستطيع أن يتكلم غير باسم القضية الجنوبية، وهذا إن دل فإنما يدل على أن القضية الجنوبية لازالت هي الرقم الصعب وهي تقريبا المشروع السياسي الواضح والصريح والمتماسك ومن خلفه شعب كامل يدعم قضيته بكل ما أوتي من قوة.

 

لذلك على الكل ان يدركوا وان يستفيدوا مما هو حاصل ويعلموا أن أي تحالف كان دوليا أو إقليميا لن يستطيع تجاهل هذا المطلب وسوف يكون تحالفه مبنيا معك على المصلحة المشتركة وتحقيق أهدافك بغض النظر إن كان هو مؤمنا بقضيتك أو لا، فليس لديه خيار آخر للتحالف معك غير تحقيق أهدافك، إلا إذا انجر الجنوبيون إلى ما هو مخطط لهم من ارجاعهم إلى كيانات متناحرة حتى وإن كانوا كلهم مؤمنين بالقضية الجنوبية ففي ذلك الوقت لن يكون اي طرف يتحالف معك مرغما أو مجبرا على تحقيق أهدافك وسوف نتحول إلى نسخة أخرى مشابهة للوضع فى الشمال.

 

فنحن نكرر للمرة المليون وسوف نظل نكرر ونطالب الجنوبيين الشرفاء قيادات كانوا أم أفرادا، الشعب بشكل عام، أن يعوا هذا الكلام وان يعملوا على تجاوز الخلافات مهما كانت التنازلات التى سوف يقدمها لعدم شق الصف الجنوبي مهما كلف ذلك، فقد أصبح هذا ضرورة وطنية ملحة أكثر من اي وقت مضى، فبغير ذلك وفي ظل الصراع الإقليمي والدولي الحاصل في المنطقة لا يوجد مكان للشعوب المتناحرة والمنقسمة لتحقيق أهدافها حتى وإن كانت كل الأطراف المتصارعة تؤمن بنفس الهدف فلن يحققوا غير مصالح الجهات الدولية المتحالفة معهم فقط، وسيتحولون مرغمين إلى أدوات للأطراف المتصارعة دوليا، من دون تحقيق اي أهداف لقضية شعبهم، حتى إن ارادوا ذلك.

*- مازن الشحيري – الأيام