سر الأزمة وصعوبة الحل.. المشكلة لا تكمن في قوة الانقلاب بل عدم اعتراف الشرعية بتركيبة الأزمة

2018-01-18 13:10
سر الأزمة وصعوبة الحل.. المشكلة لا تكمن في قوة الانقلاب بل عدم اعتراف الشرعية بتركيبة الأزمة
شبوه برس - متابعات - عدن

 

الشرعية والتحالف لم يستوعبا جذور الأزمة ولم يستوعبا دورهما لمعالجة وضع دولة منهارة وليست قائمة بحسب وضعها تحت البند السابع.

الأوضاع في اليمن ستزداد سوءا، حسب مؤشرات علمية وسياسية بعد عجز الشرعية وتمادي التحالف العربي عن حسم المعركة لا سياسيا ولا عسكريا.

 

لا تكمن المشكلة في قوة قوى الانقلاب، وإنما المشكلة تكمن في عدم اعتراف القوى والأحزاب الداخلة في إطار الشرعية بطبيعة الأزمة اليمنية المركبة ذات الجذور التاريخية والسياسية والاجتماعية، وكذا عدم فهم تلك القوى لدورها كشرعية تكمن مهمتها في معالجة الأزمة، وفقا لمعطيات الواقع، وليس لإعادة إنتاج نفسها كجزء أصيل في أزمة المجتمع اليمني شماله وجنوبه.

 

لم تعترف الشرعية بحقيقة وزنها ومشروعيتها كدولة فاشلة تحت البند السابع، وتنتظر الحلول لا صناعتها وفرض الحلول المعلبة التي أنتجت الأزمة، وبنفس تلك الأفق والعقليات التي كانت ولا زالت جزءا أصيلا من مرض وتداعيات الأزمة اليمنية منذ ولادتها حتى اليوم، هذا من جهه، ومن جهة ثانية أثبت الواقع أن تلك الأحزاب الداخلة في تكوين الشرعية أصبحت عمليا خارج إطار العملية التاريخية والضرورة الاجتماعية، بكونها أحزابا افتقدت لعقيدتها القومية والأيديولوجية، وأصبحت لا تمثل الشعب ومصالحه في إطار الإقاليم والمناطق، وعكس مطالب الهم الاجتماعي وتوازن مصالحه.. بل أثبتت أنها أصبحت جزءا من دكتاتورية النظام الفاسد ومكونه الأصيل، وتمتص أجزاء كبيرة من الدخل العام للمجتمع، وتشارك الدولة في عملية الفساد والسيطرة على الوظيفة العامة، التي تجاوزت حدود اللياقة والقانون وتكافؤ الفرص، بدليل ما وظفت تلك الدولة والأحزاب من جيش من الأسر والأبناء والأقرباء بوظائف عالية بدون كفاءات، ما يشكل من ناحية الوضع القانوني تمايزا وسطوا وإخلالا بمبدئ تكافؤ الفرص، ويشكل أساسا لتمايز طبقي واجتماعي، مخل بالدستور وقانون العدالة الاجتماعيه وهادم لأركان الدولة اليمنية التي يتحدثون عن بنائها.

 

العقل البشري اليمني لم يكن ساذجا لاستيعاب مثل تلك الإفرازات من أناس يسابقون الزمن للفيد والفساد وليس لتحرير وطن واستعادة مجده وسيادته، بل لأنهم يشعرون أنهم على سباق مع الزمن، وأن متغيرات الواقع والمعركة التي يحاولون السيطرة على نتائجها لن يحصدوا ثمارها، ولذلك فهمهم كسب المصلحة أولا من الحرب، لأنهم خاسرون من حسم المعركة ونتائجها، والتي ستفرض قوى جديدة على الواقع، تحاول تلك القوى تفتيتها وتمزيقها قبل حسم المعركة التي أصبحت مصدرا مدرا لثراء المسؤولين وكبار العسكر ومقاولي المعارك الذين لا يحبذون انتهاءها طالما هناك من يدفع.

 

وفي الاتجاه الآخر فإن عدم فهم دول التحالف لطبيعة الشرعية بتناقضاتها وقواها وضعف قواعدها العسكرية والاجتماعية، قد جعل دول التحالف في دور (أبو العريس) الذي يتحمل كل التكاليف و(يروِّح) للابن العاق عروسه مع عفشها وفراشها، وذلك ما تنتظره الشرعية من التحالف، التي لجأت إلى تجنيد مقاتلين بالأجر اليومي، بعد أن تحولت جيوش الشرعية إلى شيطان ينخر أمن واستقرار المناطق المحررة.

 

إن تناقض القوى الداخلة في هذا التحالف وتمايز مصالحها التي لم يعترف بها من قبل الشرعية والتحالف قد جعل من إهمال المناطق المحررة مرتعا لفساد المسؤولين والقادة العسكريين، وجانبا غير محفز للمناطق المحررة وثوارها ولا للمناطق الواقعة تحت الانقلاب الحوثي.

 

إن الحسابات غير المنطقية للشرعية والتحالف، قد تسببت في إيجاد أزمة اقتصادية وتدهور العملة الوطنية وغلاء الأسعار، ومع معرفتنا بعدم قدرتهما على مواجهتها ستنذر بغليان شعبي، قد لا يخدم سير المعركة، للتحرير، بل وقد يفقد الانتصار المحقق إن اشتعل بريق ثورة المظاليم والجياع.

 

إن إصرار التحالف والشرعية على فرض الحلول المعلبة تحت شعار استعادة الثوب الممزق والوطن الواحد المحرق لن تجدي نفعا مع الواقع السياسي والعسكري والاجتماعي والقوى الصاعدة التي يحاولان تجاهلها، لن تزرع إلا ألغاما لحروب وصراعات قادمة شمالا وجنوبا، فهل المخرج يريد هكذا؟.

 

*- الأيام